دشنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حملة إعلانية أطلقتها واشنطن يوم الخميس الماضي للترويج لاتفاق للتجارة الحرة يسمى «الشراكة عبر المحيط الهادئ»، في الوقت الذي تضغط فيه على الصين في موضوع حقوق الانسان. وتسير المقاربة التي تبنتها واشنطن في الترويج للاتفاق عكس أهدافه القاضية بتعزيز الثقة المتبادلة وتسوية الخلافات في منطقة آسيا – المحيط الهادئ. تشكلت اتفاقية «الشراكة عبر الهادئ» من سنغافورة وبروناي والتشيلي ونيوزلاندا كأعضاء مؤسسين فيها. واكتسبت زخماً في 2008 بعدما أعلنت الولاياتالمتحدة عزمها على الانضمام اليها ودعت الاقتصادات الأخرى الى الاحتذاء بحذوها. ووضعت معايير مرتفعة للمجموعة المقترحة، وسلطت الأضواء على سلامة المنتجات ومعايير العمل والتشريعات والرقابة الاقتصادية على الدول الاعضاء. ووفقاً لكلينتون، فإن الاتفاق يتجاوز كونه مجرد مسألة اقتصادية. والأهداف الحالية التي وضعتها الولاياتالمتحدة طموحة فعلاً. وغذت ملاحظات كلينتون التكهنات في شأن محاولة واشنطن احتواء الصين من خلال «الشراكة عبر الهادئ». ولو كانت الولاياتالمتحدة ملتزمة التزاماً صادقاً بنجاح مبادرتها في شأن «الشراكة عبر الهادئ»، لما كان على كلينتون ان تلجأ إلى النبرة تلك في الحديث. تستدعي عضوية واسعة في «الشراكة» قدراً أكبر من المرونة في أنظمتها بالنسبة الى الدول الغائبة حالياً عن المفاوضات الحالية. مع ذلك، لا تبدو الولاياتالمتحدة عازمة على تصحيح معايير الاتفاقية. بل لقد بات توسيع عضوية «الشراكة عبر الهادئ» موازياً لمصالح واشنطن في حدها الاقصى - مضاعفة صادراتها وهيمنتها على آسيا. الشرط المسبق لأي تعاون اقليمي هو المنفعة المتبادلة، التي من دونها يكون الفشل من نصيب كل خطوة تقريباً. وتشهد آسيا تنوعاً في آليات التعاون النشطة. وتحتاج «الشراكة عبر الهادئ» الى الوقت لتتكيف. مع ذلك، سينحرف التعاون الاقليمي عن مساره بسبب سياسات القوة العظمى. وانضمام الصين الى المعاهدة ممكن. وخاطئ افتراض اعتماد عضوية الصين على تسوية أحادية الطرف. وتظل الصين منفتحة على التعاون الدولي، بيد انها لن تسعى أبداً الى الانخراط في الكتل التي لا تحترم مصالحها. ولا تعترض الصين على توسيع «الشراكة عبر الهادئ» لزيادة عدد اعضائها الحاليين التسعة. وعلى رغم الادعاءات المختلفة عن سعي الولاياتالمتحدة الى عزل الصين من خلال «الشراكة»، إلا أن على الصين الشعور بالراحة لواقع ان أي تعاون آسيوي في غياب بكين لن تكون له قيمة كبيرة. ولم تفتقر الصين أبداً الى الأقنية اللازمة للتعاون مع نظرائها الاقليميين. الميزات الكبيرة التي تتمتع بها الولاياتالمتحدة هي مصدر توجهاتها الديبلوماسية الكامنة في دفع المفاوضات الاقتصادية عبر الضغط السياسي. بيد أن الأساليب هذه لا تتفق مع المناخ الجيو-سياسي الحالي. فالبراغماتية الاميركية تتطلب للتعامل مع المسألة ما يزيد عن خطابات وزيرة الخارجية. *افتتاحية، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 12/11/2011، إعداد ح.ع.