عندما رفع الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة القياسي الخاص به في ديسمبر، كان المزاج السائد هو أن هذه الخطوة ربما تكون نذيرا بأربع زيادات أخرى- واحدة لكل ربع من السنة- في عام 2016. لكن مع كون أسواق الأسهم العالمية في حالة من الفوضى وتدهور الخلفية الاقتصادية، فإن آخر تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي ومُحافظ بنك إنجلترا مارك كارني تُشير إلى أن جانيت ييلين قد تُنهي العام بتشديد نقدي ليس بعيداً عن التقطة التي بدأت بها. في أعقاب رفع الاحتياطي الفدرالي في السادس عشر من ديسمبر بمقدار ربع نقطة في المعدل الأعلى لهدفه لأسعار الفائدة إلى 0.5 بالمائة، بدأ المتداولون بتوقّع خطوات الاحتياطي الفدرالي. مع نهاية الشهر الماضي، أشارت الأسعار في أسواق العقود الآجلة والخيارات إلى فرصة تزيد على 50 بالمائة في أن البنك المركزي سوف يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعه المُقرّر عقده في السادس عشر من مارس. نظراً لتدهور آفاق النمو العالمي، ليس من المُستغرب أن المتداولين يعملون على تخفيض التوقعات فيما يتعلّق بمدى السرعة التي قد يتحرّك بها الاحتياطي الفدرالي. فيما يلي الطريقة التي وصف بها كارني في البنك المركزي البريطاني البيئة الحالية في خطاب ألقاه في التاسع عشر من يناير: «الآن لم يحن الوقت لرفع أسعار الفائدة. العالم أضعف والنمو في المملكة المتحدة تباطأ. بسبب انهيار أسعار النفط، انخفض معدل التضخم أكثر ومن المرجح أن يبقى منخفضاً جداً لفترة أطول. المزيد من المخاطر السلبية على الآفاق العالمية ستبقى، الأمر الذي يعكس التحدّيات المستمرة في الصين، والهشاشة في غيرها من اقتصادات الأسواق الناشئة واحتمال انتقال العدوى». التغير في الآفاق بالنسبة لأسعار الفائدة في المملكة المتحدة كان عجيبا للغاية بصورة تفوق ما هو بالنسبة لسياسة الولاياتالمتحدة. في بداية العام، كان من المفروغ منه أن تكاليف الاقتراض بحلول نوفمبر ستكون أعلى، وذلك وفقاً لأسعار السوق. في الأسابيع الثلاثة الماضية، تم القضاء على تلك التوقعات. وفي حين أن المتداولين يتوقعون أن البنك المركزي في المملكة المتحدة لن يُشدد السياسة النقدية في الأشهر القادمة، إلا أن البنك المركزي الأوروبي لا يُخفي نيته بتخفيف سياسته أكثر بكثير. في مؤتمره الصحفي الاعتيادي يوم الخميس، قال دراجي «إن المخاطر السلبية» زادت منذ بداية العام، وسيكون على مؤسسته النظر في تغيير موقفها في اجتماعها المُقبل في مارس. حيث قال: «نحن نفعل كل ما هو ضروري للتوافق مع المهمة الموكلة إلينا». لكن حتى الآن، معدل التضخم في منطقة اليورو يتحرك بعيداً عن هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 بالمائة. بالتأكيد، الولاياتالمتحدة هي في وضع أفضل سواء من منطقة اليورو أو المملكة المتحدة. وإليكم ما قاله جاك لو وزير الخزانة الأمريكية، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، يوم الخميس: «الولاياتالمتحدة تواصل النمو، ولا تزال مصدر ثقة في العالم. هناك الكثير من الرياح المُعاكسة، وهناك عوامل موجودة في العالم ليتم التركيز عليها، لكنني أعتقد أنه من المهم أن نبدأ من المكان الذي نحن فيه». هناك الكثير من الناس الأذكياء الذين يعتقدون أن الاحتياطي الفدرالي قد أخطأ في رفع أسعار الفائدة في ديسمبر. لم نصل بعد إلى المرحلة حيث يتوقع الناس أن هذه الخطوة يجب عكسها. لكن أقران ييلين يُصبحون متوترين على نحو متزايد حول ما يرونه في البيانات الاقتصادية، والمتداولون يصوّتون بأموالهم لتأجيل تاريخ الزيادة الثانية، لذلك فإن أربع زيادات هذا العام تبدو غير محتملة على نحو متزايد. وربما لن يتم وقت طويل حتى يتوقع أصحاب الأموال أن الاحتياطي الفدرالي سوف يقرر تخفيض سعر الفائدة.