في منتصف العام الماضي، عند استجواب محافظ بنك إنجلترا مارك كارني حول موعد ارتفاع أسعار الفائدة، اتهمه بات ماكفادين، عضو حزب العمال في البرلمان، بأنه «يتصرف كصديق غير موثوق لا يمكن الاعتماد عليه، بحيث يكون يوما ما متحمسا واليوم الآخر باردا. والناس على الجانب الآخر من الرسالة يجدون أنهم لا يدركون أين يقفون». إن الدمج المتنافر بين قرار الاحتياطي الفدرالي في الأسبوع الماضي بإبقاء أسعار الفائدة بلا تغيير وخطاب يوم الخميس حول ما سيحدث يجعل جانيت ييلين مماثلة له كصديقة غير موثوقة لا يمكن الاعتماد عليها. في الأسبوع الماضي، صرحت ييلين خلال المؤتمر الصحفي للاحتياطي الفدرالي الذي عقد بعد الاجتماع بأنه «في ضوء اشتداد عوامل اللبس في الخارج ومسار التضخم المتوقع الذي سيكون لينا إلى حد ما، قررت اللجنة أنه من المناسب الانتظار من أجل ظهور المزيد من الأدلة». في كلمة ألقتها يوم الخميس، قالت: «إن معظم زملائي وأنا نتوقع أنه من المرجح أن يكون من المناسب رفع النطاق المستهدف لأسعار الفائدة الرسمية من الاحتياطي الفدرالي في وقت لاحق من هذا العام». وفي حين أن ييلين ونظراءها قطعوا شوطا طويلا منذ الأيام التي كان فيها صنع السياسة النقدية هو عملية متعمدة من التعتيم، إلا أنهم مذنبون في التردد أحيانا كثيرة بحيث فقدت جهودهم الرامية لتوجيه التوقعات مصداقيتها. لكي نكون منصفين، تعتبر الخلفية الاقتصادية الحالية لوضع السياسة النقدية مبهمة حتى أكثر من المعتاد مع وجود الصين في حالة سيئة، والأسواق الناشئة تبدو ضعيفة، كما أن آفاق التضخم السريع لا وجود لها في الوقت الحاضر، بينما تبدو سوق العمل في الولاياتالمتحدة وكأنها في صحة ممتازة. مع ذلك، فإن سياسة الإرشاد المتقدم المعتمدة في السنوات الأخيرة من قبل كثير من المصارف المركزية هي الآن في حالة يرثى لها، وربما تسبب المزيد من الضرر وليس النفع عند إخبارها الشركات والمستهلكين متى يمكن من المرجح أن ترتفع تكاليف الاقتراض ومدى سرعة ارتفاعها. ربما يعني التقلب المفاجئ لييلين موجة من تنقيحات ومراجعات وول ستريت لتنبؤات الاحتياطي الفدرالي اليوم والأسبوع القادم. على سبيل المثال، حوَل الخبير الاقتصادي لبنك سيتي جروب، ويليام لي، هذا الأسبوع دعوته إلى رفع أسعار الفائدة حتى ربيع عام 2016، وفي شهر يونيو، كان قد قدم رهانه حول شهر سبتمبر، بعد توقعه مسبقا بتحرك في شهر ديسمبر. هذا الأسبوع، وحتى قبل أن يزيد خطاب ييلين الأمور سوءا، كتبت لوسي أوكارول، كبيرة الاقتصاديين لدى شركة أبردين لإدارة الاصول: «يبدو الأمر برمته بعيدا كل البعد عن عوامل التقين البسيطة بوجود حقبة زمنية من الإرشاد المتقدم تستند إلى متغير واحد محلي، وهو معدل البطالة في الولاياتالمتحدة. لا عجب أن تبدو الأسواق- والخبراء الاقتصاديون- في حالة ارتباك وتشوش إلى حد ما». يتوقع الخبراء الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع بلومبيرج مسارا متواصلا من الزيادات في أسعار الفائدة، حيث تكون الزيادة بمقدار ربع نقطة مئوية لكل ربع ما بين الآن ونهاية العام القادم. لكن التركيبة القاتلة التي تجمع بين التواصل المتقلب من البنك المركزي والآفاق الاقتصادية المستقبلية التي تبدو وكأنها قد تتحول إلى انزلاق نحو الركود الاقتصادي، تجعل محاولة التنبؤ بالمستقبل أصعب من المعتاد. بالتالي لن تشعر بالاستغراب لو أن التوقعات الحالية حول مسيرة أسعار الفائدة اختلفت عما سيحدث فعلا في أسعار الفائدة الرسمية في الولاياتالمتحدة.