لا تزال عملية إعادة التوازن الاقتصادي في الصين على حالها، في الوقت الذي تشير فيه التقارير الاقتصادية الأولى لعام 2016 إلى أن التصنيع آخذ في التراجع للشهر الخامس على التوالي، وهذه أطول فترة متواصلة من هذا القبيل منذ عام 2009، حتى مع ارتفاع مقياس الخدمات إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من سنة. وصل مؤشر مديري المشتريات الرسمي إلى نحو 49.7 نقطة في الشهر الماضي بعد أن سجل في نوفمبر أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات، حيث سجل 49.6 نقطة، بحسب بيان من المكتب الوطني للإحصاءات. وهذا بالمقارنة مع متوسط التقدير البالغ 49.8 نقطة في استطلاع لبلومبيرج شمل عددا من الخبراء الاقتصاديين. ارتفع مؤشر مديري المشتريات خارج القطاع التصنيعي إلى 54.4 نقطة، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس لعام 2014. يشار إلى أن الأرقام دون 50 نقطة تشير إلى التراجع. قال راجيف بيسواس، كبير الاقتصاديين في آسيا والمحيط الهادئ لدى شركة آي إتش إس جلوبال إنسايت في سنغافورة: «لا تزال القراءات تشير إلى اقتصاد ذي سرعتين، مع اعتدال في زخم الصناعة التحويلية، لا سيما في قطاع التصدير الرئيسي، في الوقت الذي يتعزز فيه الاقتصاد الذي يركز على الخدمات». القدرة الزائدة في قطاع الصناعات الثقيلة، بما في ذلك الصلب وبناء السفن، من المحتمل أن «تبقي زخم نمو قطاع التصنيع في الصين مقيدا في عام 2016». يواجه صناع السياسة المتطلعون قدما للعام الجديد برامج تشغيل اقتصادية قديمة ما زالت لا تظهر أي علامة على الازدهار وسط مؤشرات جديدة للقوة في البرامج الجديدة، رغم التخفيضات الستة في أسعار الفائدة التي نفذها بنك الشعب الصيني والحوافز الضريبية المرتفعة. يعتبر التحول الكاسح في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بمثابة مرحلة انتقالية طال انتظارها بعيدا عن الاستثمار والصناعات التحويلية ونحو الاستهلاك والخدمات. تعزز مؤشر كايكسين للقدرة التصنيعية (مؤشر مديري المشتريات) في الصين ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ستة أشهر، حيث بلغ 48.9 نقطة في الشهر الماضي، مرتفعا عن 48.6 نقطة في نوفمبر، وفقا لمتوسط تقديرات الخبراء الاقتصاديين في الاستطلاع الذي أجرته بلومبيرج. في الوقت الذي أظهر فيه مؤشر مديري المشتريات الرسمي تحسنا في كل من جانبي العرض والطلب، لا يزال الضغط الهبوطي كبيرا، بحسب ما قال مكتب الإحصاءات في بيان صدر مع بيانات يوم الأربعاء. بعض العمليات التشغيلية لدى شركات التصنيع تأثرت بانخفاض أسعار النفط الخام، والانخفاض المستمر في مؤشرات أسعار شراء المواد الخام والبيع بالجملة، بالإضافة إلى تشديد السيولة في نهاية العام، وفقا لمصلحة الإحصاء. الزيادة في ديسمبر عملت على رفع مقياس الصناعة التحويلية من أدنى المستويات منذ أغسطس لعام 2012 وجعلت متوسط القراءة لعام 2015 يبلغ 49.9 نقطة، الذي هو أقل من المتوسط الذي بلغ 50.7 نقطة خلال السنوات الخمس الماضية. إن الارتفاع الذي حققه مؤشر مديري المشتريات في العام الماضي، والذي بلغ 50.2 نقطة في مايو ويونيو، كان مشابها تقريبا لأدنى المستويات التي وصل إليها في العامين 2013 و2014. كتب فيلدينج تشين، الخبير الاقتصادي لدى بلومبيرج في هونج كونج، في مذكرة له: «التحسن في المؤشر يشير إلى أن زخم النمو مستمر في الاستقرار جزئيا بسبب جهود الحكومة التحفيزية. مع ذلك، هناك قراءة أخرى دون عتبة ال 50 نقطة، وهي قراءة تفصل التوسع والانكماش، وتشير إلى أن الاقتصاد يبقى ضعيفا على نطاق واسع». توحي عملية تعزيز الاستقرار بأنه في الوقت الذي من المحتمل فيه أن الحكومة حققت هدف النمو لديها للعام 2015، إلا أن الاقتصاد يواجه «مخاطر سلبية كبيرة»، وقد أشار كبار المسؤولين بالفعل إلى عزمهم تنفيذ سياسات ملائمة أكثر في عام 2016، بحسب ما قال تشين. يقول زعماء الصين إن النمو لعام 2015 يمكنه تلبية هدفهم بحوالي 7 بالمائة، وقد أشاروا بعد عقد مؤتمر هام للتخطيط في الشهر الماضي إلى أنهم سيفعلون المزيد لمنع حدوث تباطؤ حاد، بما في ذلك توسيع نطاق العجز في المالية العامة وخفض العرض المفرط للمساكن. أكد مسؤولو الحزب الشيوعي في بيان السياسة الخاص بهم لعام 2016 أنهم سيسرعون الإصلاحات المتعلقة بجانب العرض، مثل التعامل مع القدرة المفرطة، بحسب ما أفادت وكالة أنباء تشينخوا الرسمية. وحتى لو تمكَّن المسؤولون من تحقيق نمو بنسبة 7 بالمائة، قد يبقى هذا هو التوسع الأضعف لسنة كاملة منذ عام 1990. سيظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015، المقرر إصداره في التاسع عشر من يناير، توسعا بنسبة 6.9 بالمائة، وفقا لمتوسط التقديرات في استطلاع أجرته بلومبيرج. يتوقع المتنبئون نموا بنسبة 6.5 بالمائة هذا العام وبنسبة 6.3 بالمائة في عام 2017. قال الرئيس تشي جين بينج إن مكاسب الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس القادمة ينبغي أن تبلغ في متوسطها ما لا يقل عن 6.5 بالمائة في العام الواحد. كما قال كبار الباحثين في البنك المركزي في الصين في الشهر الماضي إنهم يتوقعون أن يتحقق النمو الاقتصادي بنسبة 6.8 بالمائة هذا العام، في حين قالت منظمة البحوث العليا المدعومة من الحكومة مؤخرا إن النمو في عام 2016 سيتباطأ إلى نسبة تتراوح بين 6.6 و6.8 بالمائة. قال باحثو بنك جولدمان ساكس الذين يقودهم كبير الخبراء الاقتصاديين في الصين إم كيه تانج في هونج كونج في تقرير صدر الجمعة: «قد يضعف النمو مرة أخرى في الفصل الأول من العام، ومن المرجح أن يستمر تباطؤ النمو المتقلب خلال العام بأكمله. نتوقع أن تقدم تدابير السياسة الداعمة واقيا رئيسيا أمام تباطؤ النمو».