يعتبر مركز التنمية الاسرية أحد أهم المراكز في المنطقة الشرقية وله دور بارز في مجتمعنا لتحقيق السعادة الأسرية، والسكن النفسي بين الزوجين، والتربية القويمة للأجيال، وبرّ الوالدين، وتوثيق الصلة بين الأرحام وإصلاح ذات بينهم وتُعد الأسرة أقدم مؤسسة اجتماعية تكمن أهميتها وخطورتها في كونها أول لبنة حقيقية في بناء المجتمع، وكلما كانت الأسرة قوية ومتماسكة ومترابطة وفاعلة، كان الوطن أكثر قوة ومنعة وحضوراً وازدهاراً. وتواجه الأسرة الحديثة صعوبات وتحديات كبيرة وكثيرة جداً، تؤثر سلباً في قدرتها الحقيقية على ممارسة وظيفتها الأساسية التي تتطلبها ظروف وطبيعة هذه المرحلة الزمنية الحرجة، وهي تربية أفرادها وتنشئتهم وتهيئتهم. ومن أسباب إنشاء مركز التنمية الاسرية كثرة الخلافات داخل الأسرة الواحدة والتي تنذر بمزيد من التفكك الأسري. وتصاعد نسبة الطلاق في كل محافظات المنطقة الشرقية.. فإلى نص الحوار الذي أسعدنا به مدير مركز التنمية الأسرية بالدمام أحمد الفريدان: تحية طيبة لكم في بداية هذا الحديث عن أنشطة ومستجدات أعمال مركز التنمية الأسرية لاسيما ونحن في بداية عام هجري جديد أعاده الله علينا ونحن في أمن أسري وتجانس لمجتمع مترابط سعيد. هل من تصور مختصر تحيط به قراء الجريدة للتعرف أكثر على مركز التنمية الأسرية بالشرقية ؟ مركز التنمية الأسرية مضى عليه عقد من الزمان تجاوز ال (10) أعوام. ولا شك أن المركز هو امتداد لمشروع خدمي مجتمعي سابق كان لسنوات طوال يخدم المنطقة في شأن من شؤون الأسرة وهو الزواج والتوفيق بين الراغبين فيه من الذكور والإناث. وكان المشروع الثري يحمل وشاح: (مشروع تيسير الزواج)، وفي عام 1426ه وبعد توجيه سمو أمير المنطقة الشرقية السابق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز بدأ تطوير المشروع ليحقق النتائج المرجوة واعتمد التسمية الجديدة ليطلق عليه مركز التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية. يعد المركز أحد المراكز والفروع التابعة لجمعية البر بالمنطقة الشرقية، والتي يترأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية، الذي لا يألو جهداً في تيسير ودعم كل ما من شأنه خدمة المجتمع والرقي به، والشكر موصول لسعادة أمين عام الجمعية الأستاذ سمير بن عبدالعزيز العفيصان على جهوده المباركة بالإشراف المباشر على أنشطة المركز وبرامجه، والتي قطفنا ثمارها بالإنجازات المستمرة والنجاحات المتتالية ولله الحمد. وينشط المركز بالمنطقة الأكبر جغرافيا بالمملكة (المنطقة الشرقية) وله (3) فروع هي رأس تنورة والنعيرية وبقيق وقريباً الخبر، بالإضافة إلى المركز الرئيس بالدمام، ويسير أعماله عدد من الكوادر المتخصصة في ذات المجال. كيف ترى انعكاس تغيير المسمى والتطوير الشامل للمشروع على الواقع ومناشطه وبرامجه؟ الحقيقة ان المجتمع هو مكون كبير لمكونات صغيرة تدعى الأسرة، ونحن بتوفيق الله نحمل راية الأسرة في المسارات الثلاثة من التنمية والوقاية والمعالجة، وهذا يعطي مؤشرا إيجابيا حول تحقيق الشمولية في الجانب الأسري، صدقني بدون الثلاثة لم نكن في يوم من الأيام سنحقق النجاح تلو النجاح في إيصال أسر الشرقية والمستفيدين إلى بر الأمان رغم ازدياد الأمواج التي تعيق استقرار ونماء المجتمع بشكل عام والأسرة السعودية بشكل خاص. وللمعلومية فبرنامج التوفيق بين الراغبين في الزواج مازال قائماً ضمن خدمات المركز، وهو يشكل هماً حاضراً في أذهان مسؤولي المركز كما كان سابقاً، وترابطنا ووحدة الجهود ستدفع المهتمين للحيلولة دون ارتفاع نسبة العنوسة بالمملكة والسعي الدؤوب للتقليل منها بطرق علمية وتجارب محكمة. ما الأهداف الإستراتيجية التي يسعى مركز التنمية الأسرية إلى تحقيقها؟ من أهداف المركز العديدة: الحياة الأسرية السعيدة المبنية على أسس متينة وسليمة، والسكن النفسي بين الزوجين، والتربية القويمة للأجيال، وتوثيق الصلة بين الأرحام وإصلاح ذات بينهم، والإسهام في حل جزء من مشكلات العنوسة. ما أبرز الإنجازات التي حققها مركز الاستشارات بمركز التنمية منذ تأسيسه حتى الوقت الحالي لا سيما في معالجة القضايا الاجتماعية؟ منذ ذلك الحين قام المركز باستحداث قسمين لمعالجة المشكلات الأسرية وهما: قسم الهاتف الاستشاري، وقسم إصلاح ذات البين، بالإضافة إلى الأقسام الأخرى كالتدريب والتطوير والبرامج العامة وقسم للتوفيق بين راغبي الزواج. وبما أن الحديث مرتكز على حل المشكلات الأسرية كمسار للجانب العلاجي، فإن المركز وبحمد الله تعالى ساهم في حل الكثير من الخلافات والنزاعات داخل نطاق الأسرة الواحدة أو بين الأسر، وكان الجهد منصبا لعودة المياه لمجاريها وتأليف القلوب لعدد من الحالات، ومن خلال الهاتف الاستشاري حيث ترد الحالات للمركز عبر الهاتف الموحد (920005205) أو بحضور صاحب الحالة مباشرة أو بتحويل من احدى الجهات الرسمية مثل إمارة المنطقة الشرقية، هيئة التحقيق والإدعاء العام، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المحكمة، شرطة المنطقة الشرقية، جمعية البر. ما الابتكارات الجاذبة التي عمل عليها المركز لاعتمادها من خلال خدمة الهاتف الاستشاري؟ مع تعدد أنشطة الاستشارات الهاتفية لدى الجهات المتعددة رسمية كانت أو خيرية، لمسنا الحاجة الماسة إلى تطوير العوامل الجاذبة لخدمة الهاتف الاستشاري، فاستحدثت المسارات الجديدة لقسم الهاتف الاستشاري من العام الماضي مثل: 1. استشارات الصم. 2. استشارات باللغة الانجليزية للناطقين بها. 3. استشارات الإدمان والمركز يعمل بكل طاقته لزيادة مستوى الفاعلية والخصوصية للمستفيدين، كما أن المركز بصدد النظر في عدد من المقترحات التطويرية للخدمة لاعتمادها خلال الفترة القادمة. هل تطلعنا على الفرق بين قسمي المركز (إصلاح ذات البين) و (الهاتف الاستشاري)؟ وما هو الإصلاح لديكم كمفهوم عام؟ إن قسم (إصلاح ذات البين) مختص بالتعامل مع طرفي الحالة بشكل مباشر، ويغلب على طبيعة العمل فيه على إصلاح الزوجين في حالات ما قبل الطلاق، أما (الهاتف الاستشاري) ففي الغالب يتعامل مع الحالة من طرف واحد، وتتعدد مجالاته لتشمل: (الزوجية، التربوية، النفسية). وبالعموم فلعلنا نوضح للقراء الكرام من خلال صحيفتكم أنَّ الإصلاح المنشود والمعمول به في مركزنا والمأمَّل انتشار مفهومه هو ليس في الحد والمنع للطلاق أو الخلع، إنما هو شأن أكبر من هذا كيف لا ونحن لسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مقتدون ولشريعة الله مهتدون. ففي حالات عدة يعد الطلاق حلا ناجعا وهديا نافعا في الحالات المستعصية بعد إجراء كل الخطوات والإجراءات الإصلاحية المتعلقة بكل حالة على حدة، ولذا كان الإصلاح منهجا شاملا وبالتثقيف استطعنا تغيير بوصلة فكر المهتمين وغير المتخصصين والجمهور عموماً وإقناعهم حول شمولية الإصلاح وأنها لا تقتصر حول الطلاق والخلع، بل تعد صورة الاتفاق المرضي بين الطرفين بعد الطلاق حول الحضانة والنفقة نموذجاً إيجابياً حول شمولية الإصلاح. كم عدد الحالات المسجلة والتي أشرف عليها المركز؟ يصل معدل استقبال الحالات بشكل شهري إلى 250 حالة عبر الهاتف الاستشاري، ما بين حالة جديدة ومتابعة لحالة سابقة تم معها السير وفق البروتوكول المعتمد بالمركز لاستقبال الحالات المتنوعة في نطاق التخصص الأسري. ويصل معدل استقبال الحالات بشكل شهري إلى 100 حالة ضمن مسار إصلاح ذات البين، وهي عموماً ما بين حالة جديدة ومتابعة لحالة سابقة. كما أنه وبحمد الله تعالى ومن خلال التقارير الدورية عن نشاط قسم الإصلاح فإن نسبة 74% من مجموع الحالات قد تمت معالجتها بالإصلاح، وما نسبته 26% من مجموع الحالات تمت إحالتها لجهات مختصة، وتعد قضايا الطلاق هي النسبة الأقل من مجموع حالات الإصلاح الأسري بالمركز، حيث قاربت نسبة الحالات 5% فقط من مجموع الحالات جميعها. إلى ماذا يعزو -في نظركم- صغر نسبة الطلاق مقارنة بمجموع حالات الإصلاح التي تم استقبالها؟ هذا يزيدنا حملاً للمسؤولية فالوصول إلى نتيجة كهذه هو محل فخر لا شك في ذلك، لكنه بالمقام الأول هو عبء إضافي وحملٌ للأمانة الملقاة على العاملين بالمركز. وعليه فإن الحملات التشويهية على المملكة بقصد أو دون قصد بأن المجتمع قد بلغ مبلغاً خطيراً في تزايد نسبة الطلاق بين المتزوجين فهذه تعد خطيئة ومعلومات عارية عن الصحة، واستناداً للغة الأرقام فقد أشارت وزارة العدل في احصائياتها المنشورة الى أن نسب الطلاق بالمملكة تقع بين 18 و 22 في المائة وأن نسب الطلاق ثابتة خلال السنوات الخمس الماضية. وبحمد الله هناك تفاعل نجده على مستوى الذكور والإناث، وهذا بفضل الدعم اللامحدود من ولاة أمور البلاد وفقهم الله. كيف تقيم تفاعل المجتمع مع برامج المركز وفعالياته؟ نحن في المركز نتعامل مع أصناف ثلاثة: المستفيد، والمتبرع، والثالث الآخر، والجميع بحمد الله تربطنا بهم علاقة طيبة وشراكة حقيقية، فالمستفيد هو وجهتنا الأولى سواء من جانب الإنماء أو الوقاية أو المعالجة. أما الثاني فهو الوقود المحرك للسفينة نحو الأمان والاستقرار وتحقيق خيرية المجتمع السعودي الكريم. والثالث محفز وآخر مثبط ولكل من هؤلاء الشكر والتقدير لأنهم يصححون مسيرة المركز بلا شك. ونماذج الاستشهاد على ذلك العمق في العلاقة كثيرة ولا مجال للحصر. هل هناك أدوات وبرامج تتحفون القارئ بها؟ نعم المركز نشط في تعدد الأدوات لحصول التأثير وتحقيق الرسالة والرؤية المنشودة ومنها على سبيل المثال: الدورات التدريبية والبرامج النوعية، والمركز في آخر أيامه قدم برنامجاً في فنون وقواعد الحياة الزوجية ومازال مستمراً في أوقات معلومة مسبقاً. هل ترون أن الدورات التدريبية حدت من تزايد نسبة الخلافات الزوجية كجانب وقائي وعلاجي؟ وبما تعزون أسباب انتشار ظاهرة الطلاق في الآونة الأخيرة؟ لا شك في ذلك، والأثر لمسناه بشكل مباشر من المستفيدين والمستفيدات من البرنامج التدريبي (فنون وقواعد الحياة الزوجية) والذي يقيمه المركز بصفة دورية لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج، ونطمح أن يقر مثل هذا البرنامج من الجهات المعنية كأحد الشروط الملزمة لإتمام العقد. كيف ترى الإعلام الأسري عموماً؟ وما توجهكم المستقبلي حول ذلك؟ المركز متطلع لحمل لواء التخصص في جميع أموره وخصوصاً في ما له علاقة بشرائح الجمهور المتعددة، وهذا النهج جار إتمامه والسير عليه من خلال توسيع دائرة التأثير عبر القنوات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، على أن يكون هذا الاهتمام مرتكزاً على التفاعل المنشود بين المركز والجمهور المستهدف، بل أن يكون مؤثراً كذلك، والإعلام الأسري بات يشكل رقماً صعباً كونه استطاع حجز مقعد بين مقاعد وتخصصات ومسارات الإعلام الأخرى كالرياضة والصحة وغيره. التوجه المستقبلي نحوه بات من مسلمات العمل في التنمية الأسرية فبدونه لن تصل جرعات المركز الوقائية والإنمائية والعلاجية، وعام 1437 ه سيدفعنا نحو تشكيل نواة مؤثرة في الإعلام الأسري ومتأثرة بأنماط الإتصال الفعال.