تحدثنا في المقال السابق عن بعض الإجراءات التي يجب أن يتبعها التاجر المدين الذي يطلب الصلح الواقي من الإفلاس مع دائنيه، وتطرقنا كذلك إلى الشروط الموضوعية الواجب توافرها عند التقدم بطلب التسوية من الإفلاس، وعن بعض الجوانب النظامية الأخرى ذات الصلة. واستكمالاً لذلك فإنه يترتب على الصلح الواقي من الإفلاس العديد من الآثار النظامية التي تضمنها نظام التسوية الواقية من الإفلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/16) وتاريخ 4/9/1416ه، ونذكر منها تأجيل موعد استحقاق الديون أو تقسيط الديون أو الإبراء من جزء منها، أو بهذه الأمور مجتمعة. وهذه الإجراءات تأتي أثناء طلب الصلح من أجل حماية طرفي العلاقة الدائن والمدين على حد سواء. وهذه التسوية وما يترتب عليها من آثار تسري فقط على جميع الدائنين أصحاب الديون العادية دون غيرهم، حتى وإن لم يشتركوا في إجراءاتها أو يوافقوا عليها، ويخرج عن إطار هذه التسوية ديون النفقة والديون الممتازة والديون التي نشأت بعد صدور القرار بافتتاح إجراءات التسوية، وهذا ما نصت عليه المادة التاسعة من نظام التسوية الواقية من الإفلاس، وبالتالي فإن هذه المادة قد حددت من يسري بحقه الصلح الواقي من الإفلاس من الدائنين، ومن لا يسري عليه مثل هذا الصلح. واحتراماً لإرادة ورغبة بعض الدائنين العاديين الذين لا يرغبون في التسامح والتنازل عن جزء من ديونهم وإبراء التاجر المدين منها، فقد أجازت المادة العاشرة لهم ذلك، ومنحتهم الحق في الإبقاء على ديونهم، على أن يحدد القرار الصادر بقفل إجراءات التسوية مواعيد الوفاء بهذه الديون. ومن ضمن الآثار الأخرى التي تترتب على التسوية الواقية من الإفلاس، وقف الدعاوى الموجهة ضد المدين التاجر بمجرد صدور قرار افتتاح إجراءات التسوية، أي لا يجوز لأي من الدائنين التقدم برفع دعوى جديدة ضد التاجر أو المطالبة بالتنفيذ الجبري على أمواله لاستيفاء دينه وحقه. ولكن لا يستفيد من هذا الحكم المدينون المتضامنون مع المدين أو كفلاؤه في الدين، أي يجوز لهم رفع دعاوى ضد التاجر المدين للمطالبة بديونهم وبالتالي اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري. ولما كان هدف المنظم من إصدار نظام التسوية الواقية من الإفلاس هو الحيلولة دون إشهار إفلاس التاجر وتقديم الدعم اللازم له للوقوف على قدميه من جديد بعد كبوته ومعاودة نشاطه التجاري، فقد قرر النظام أنه في حالة صدور حكم بقفل إجراءات التسوية فإن التاجر يستعيد كامل أهليته في مباشرة تجارته كما كان من قبل تقديم طلب التسوية الواقية. ولو نظرنا لمدى فاعلية نظام التسوية الواقية من الإفلاس، لوجدنا أن التجربة العملية أثبتت مدى الحاجة الماسة إلى تنظيم هذه المسألة بين التاجر وبين الدائنين، إذ لا يخفى على أحد أن هناك بعض الأنشطة التجارية قد تتعرض في المملكة - أو في غيرها من دول العالم - إلى بعض العثرات والصعوبات بسبب العديد من التحديات التي يمكن أن تواجهها، مما يترتب على ذلك اضطراب واختلال أعمالها وبالتالي توقفها عن الوفاء بديونها والتزاماتها تجاه الغير، وهذا الأمر يكون له آثاره وانعكاساته السلبية على مسار الاقتصاد بشكل عام. ولو أتيحت الفرصة الملائمة لهذه المشروعات لإعادة ترتيب هيكلتها وتعديل أوضاعها المالية وإعادة جدولتها لتجاوز الأزمة التي تمر بها لاستطاعت تجاوز هذه الأزمة ومعاودة نشاطها تارة أخرى بدلاً من أن تشهر إفلاسها، ولهذا لم يتخلف المنظم السعودي عن الركب في إصدار نظام ينظم هذه العلاقة بين التاجر والدائنين حفاظاً على حقوق كلا الطرفين وحماية وتدعيماً للاقتصاد الوطني. بعض الأنشطة التجارية تتعرض للعثرات والصعوبات بسبب التحديات المختلفة