في البداية، أبارك للجميع إعلان الميزانية، والتي كانت أفضل من توقعات العديد من المحللين الاقتصاديين، خصوصاً في ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية التي نمر بها، فقبل إعلان الميزانية كنت شخصياً متوقعا أن يكون هناك عجز بين 300 - 350 مليار ريال، وإيرادات بين 600 - 650 مليار ريال، وأن يكون الإنفاق بين 950 - 1000 مليار ريال، وتم الإعلان رسمياً عن عجز قدره 367 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات ما يقارب 608 مليارات ريال والإنفاق 975 مليار ريال، والخبر الإيجابي في الميزانية هو انخفاض الاعتماد على الإيرادات النفطية مقارنة بالسنوات السابقة. في هذا المقال أحببت أن أكتب عن مفهوم العجز في الميزانية، والذي يتم النظر إليه دائماً بشكل سلبي، فالعجز يعتبر حالة طبيعية تمر بها العديد من اقتصاديات العالم، والعجز لا يعتبر أمرا ضارا اذا كان يهدف لاستمرار النمو المستهدف، ونلاحظ أنه في موازنة 2016م تم تخصيص مصروفات تقدر بحدود 840 مليار ريال للمحافظة على النمو الاقتصادي، حتى لا يكون هناك ركود يكلفنا الخروج منه تكاليف مرتفعة، ورسالتي موجهة لجميع من تشاءم بإعلان العجز، متجاهلاً الأوضاع الاقتصادية والعالمية الراهنة، فعزيزي المتشائم: هل تتوقع أن توجه الدولة في تطبيق خطة التحول الوطني لا يعتبر تغييرا واضحا في التوجه الحكومي إلى تطبيق فعلي لإستراتيجية نمو اقتصادي مستدام، من خلال التقليل من أهمية الارتباط بأسعار النفط؟ هناك توجه واضح لدى الدولة في المضي قدما في دعم النمو الاقتصادي، ومع تحفظي على الأرقام التي تم الإعلان عنها في موازنة 2016م، والتي كانت تُقدر بأن يكون هناك إيرادات ب 514 مليار ريال، ونفقات تقدر ب 840 مليار ريال بانخفاض ما يقارب 135 مليار ريال عن الإنفاق الفعلي لعام 2015م، وبعجز يُقدر بحدود 326 مليار ريال، إلا أنني أرى أن مع توجه الدولة للعديد من الإصلاحات الاقتصادية ومن خلال خطة التحول الوطني وما يشملها من تغييرات، ومن أهمها التفعيل الحقيقي للخصخصة "بما أنها تعتبر الخيار الإستراتيجي الأكثر فعالية"، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، والعمل على تنويع الاقتصاد، وعدم الاعتماد على ذراع واحدة وهي ذراع النفط، سيكون هناك ارتفاع في الإيرادات لعام 2016م أكثر من التقديرات الحالية، والعجز سيكون أقل من التقديرات بنسبة ستصل إلى أكثر من 50%. القطاع الخاص يجب عليه أن يتعامل مع الواقع، فالفترة القادمة سيكون البقاء والتنافس فيها دائماً لمن يواكب التغييرات الحاصلة، وتفعيل إستراتيجية لإدارة الأزمات أصبح أمرا مهما للاستمرارية. ووجهة نظري بأن الحل الأنسب للعديد من المنشآت في القطاع الخاص هو التوجه للاندماجات للاستمرارية بقوة وكفاة عالية، ودور وزارة التجارة والصناعة يجب أن يكون مضاعفا خلال الفترة القادمة لضبط الأسعار، والأهم من ذلك هو دعم كل الإستراتيجيات التي تعمل على تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على ذراع واحدة، وهي ذراع النفط؛ لأن توقعي الشخصي بأن أسعار النفط لم تصل حتى الآن إلى القاع.