أشعر بالأسف من أجل مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا. هناك جانيت ييلين في الاحتياطي الفيدرالي، ترفع بمرح أسعار الفائدة لما يبدو وكأنها المرة الأولى منذ أن جابت الديناصورات الأرض.. حتى ماريو دراجي في البنك المركزي الأوروبي سمح له بالعبث بقطاره المحدد في وقت سابق من هذا الشهر، ما عمل على توسيع مسارات برنامج التسهيل الكمي لستة أشهر إضافية. رغم ذلك، لا يزال كارني في موقف محايد بينما يرسل اقتصاد المملكة المتحدة إشارات متناقضة حول ما إذا كانت السياسة النقدية بحاجة إلى تشديد. واستعداد المصرف الفيدرالي لاتخاذ الإجراء على الرغم من أن التضخم لا يزال خامدا يجعل محافظ بنك إنجلترا يبدو وكأنه "صديق غير موثوق"، كما اتهمه عضو البرلمان. وتظهر أحدث الأرقام الصادرة أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 1.7 بالمائة في شهر نوفمبر عن الشهر السابق، متفوقة بذلك على المكسب بنسبة 0.6 بالمائة المتوقع من الخبراء الاقتصاديين.. في الوقت الذي تعززت فيه تلك الأرقام بسبب مبيعات الجمعة الأسود (ظاهرة جديدة نسبيا في بريطانيا)، ارتفعت مبيعات التجزئة على أساس ثلاثة أشهر لأطول فترة منذ أن بدأت السجلات في عام 1996، وفقا لمحلل بلومبيرج نيراج شاه. في الوقت نفسه، انخفضت البطالة إلى 5.2 بالمائة، المستوى الأدنى لها منذ شهر أيار (مايو) في عام 2008. هذه هي الخلفية التي تجعل صناع السياسة يشعرون بالتوتر، إذا كان أصحاب العمل يسعون وراء عدد متراجع من العمال، ترتفع الأجور وتثير التضخم الأسرع. لكن أرقام الأجور الأخيرة تشير إلى أن هذا لا يحدث.. وارتفعت الأجور باستثناء المكافآت بنسبة 2 بالمائة سنويا بين شهري أغسطس وأكتوبر، وهي الوتيرة الأبطأ في فبراير، والتي كانت أدنى من توقعات الخبراء الاقتصاديين لمكسب نسبته 2.3 بالمائة. ما بين عامي 2001 و2008، بلغ متوسط زيادات الأجور 4 بالمائة، مؤخرا في يوليو قفزت بنسبة 2.7 بالمائة.. وفي الرابع عشر من ديسمبر، كان لنائبة محافظ بنك إنجلترا نعمت شفيق هذا القول حول نواياها المتعلقة بالسياسة النقدية: سأنتظر حتى أقتنع بأن نمو الأجور سيستمر حتى مستوى يتسق مع التضخم المستهدف قبل التصويت للزيادة.. في هذا المعنى، سأتابع الموضوع بحذر. يبدو قرار المصرف الاحتياطي الفيدرالي الأخير في رفع أسعار الفائدة بأنه يقدم دليلا على أنه من غير الممكن إبقاء تكاليف الاقتراض عند مستوى الصفر إلى الأبد. وبالنظر فقط لما تبينه توقعات النمو والتضخم بالنسبة لكل من الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة خلال الأرباع القادمة، قد تقول: إن احتياجات سياساتهما النقدية متشابهة. ويلخص شجار تغريدات رائعة بين الخبراء الاقتصاديين أندرو سينتانس وداني بلانتشفلور، وكلاهما من صناع السياسة السابقين في بنك إنجلترا، النقاش حول ما ينبغي وما لا ينبغي فعله. بلانتشفلور، أستاذ الاقتصاد حاليا في جامعة دارتموث، يسلط الضوء على عدم وجود تضخم وعدم وجود انتعاش في الأجور لمستويات ما قبل الأزمة كسبب للبقاء في قائمة الانتظار: لا ينبغي على لجنة السياسة النقدية ذلك، حيث إنه لا التضخم ولا نمو الأجور أو التباطؤ الاقتصادي قد يؤثر في سوق المساكن والمصارف، ويدفع المملكة المتحدة إلى الانكماش. ويقول سينتانس، كبير الاستشاريين الاقتصاديين في شركة الاستشارات برايس ووترهاوس كوبرز: إنه قد يكون من الخطأ انتظار ظهور تهديد التضخم. اثنان من الخبراء الاقتصاديين المحترمين ينظران إلى مجموعة بيانات متطابقة، لكنهما يتوصلان إلى استنتاجات مختلفة جدا؟ هذا أمر ليس بالمستغرب تماما. مع ذلك، مثل قطة شرو دينجر تماما، يبدو أن اقتصاد المملكة المتحدة ميت وحي على حد سواء في نفس الوقت. بالنسبة للوقت الراهن على الأقل، الخيار الأكثر منطقية هو أن يبقى بنك إنجلترا في استراحة - وأن يرى فيما إذا كان قرار الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة سوف يتبين أنه خطوة استباقية حكيمة ضد الضغوط التضخمية، أم أنه خطأ في السياسة النقدية سيكون بحاجة إلى إلغاء في الأشهر القادمة.