لا يزال يبدو بأنه يتعين على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع تكاليف الاقتراض في وقت لاحق من هذا العام، ربما في سبتمبر، ويحاول بنك إنجلترا إقناع المستثمرين بأنه هو أيضا يستعد لرفع أسعار الفائدة. لا زلت أشعر بالقلق بأن يكون كلاهما قد يشعر بالإغراء لكي يتخذ الإجراء قبل أن تبرر اقتصاداتهما أي تحرك، وقد يكونان مدفوعين بدلا من ذلك بعوامل نفسية: حيث إن ترك الأسعار قريبة من الصفر يجعل مسؤولي البنوك المركزية غير مرتاحين. كما أشار الخبراء الاقتصاديون لدى مصرف رويال بانك أوف اسكتلاند قبل يومين، قام 15 عضوا من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية برفع أسعار الفائدة منذ عام 2008، وكل واحد منهم عمل منذ ذلك الحين على عكس تلك التحركات. يقول الاقتصاديون: «إن رفع الأسعار أمر من الصعب القيام به». وبالنظر في تاريخ قرارات أسعار الفائدة من البنك المركزي في كل من الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة في السنوات الأخيرة، من السهل معرفة سبب كل تلك التحركات. سنة بعد سنة من ترك تكاليف الاقتراض تصل لما يسميه الاقتصاديون «الحد الأدنى من الصفر» يصيب صناع السياسة بحالة من العصبية بأنه سيتم اتهامهم بكونهم كانوا في غفلة إذا بدأ التضخم بالتسارع. وقال دينيس لوكهارت، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، في مقابلة مع وول ستريت جيرنال: «هنالك سقف مرتفع الآن يدفع لعدم اتخاذ أي إجراء»، مضيفا بأن الأمر قد يحتاج إلى حدوث «تدهور كبير» في البيانات الاقتصادية لمنعه من دعم قرار بزيادة أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل. وقال محافظ بنك إنجلترا مارك كارني، يوم الخميس: إن التوقعات الاقتصادية «متوافقة» مع تشديد السياسات النقدية (أي رفع أسعار الفائدة). وواحد من المقاييس الاقتصادية الرئيسية التي تعيق كلا من الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا عن الضغط على زر رفع أسعار الفائدة هو نقص في نمو الأجور في كلا البلدين. يأمل مسؤولو البنك المركزي بأن يعمل التحول في الأرباح على تحريرهم من الأغلال الحالية التي تكبلهم. لقد تمتعت المملكة المتحدة بثمانية أشهر من الدخل الذي يفوق معدل التضخم، على الرغم من تقلص الأجور على أساس معدَل حسب التضخم تقريبا شهريا ما بين منتصف عام 2008 وبداية الفصل الرابع من العام الماضي، لذلك هنالك مجال أكبر للتعويض. في الوقت نفسه، اقترب نمو الأجور في الولاياتالمتحدة من متوسط مقداره 2 بالمائة على مدى السنوات الخمس الماضية. وفي حين أن من الواضح أن الأجور ليست هي المحدِّد الوحيد لتوقعات التضخم وآفاق النمو، إلا أنها تعتبر واحدة من الطرق الأساسية التي يشعر من خلالها المستهلك العادي بما يحدث في الاقتصاد. ومع ذلك ربما لا تكون الحيرة والدهشة التي عبر عنها مسؤولو المصارف المركزية بسبب قلة الزيادات في الدخل أمراً محيراً إلى هذا الحد في النهاية. ربما- فقط ربما - يكون القلق الكبير جداً إزاء «صعود الآلات» له فعلياً أثر في خلفية سوق العمل. ومن المتوقع أن يصل عدد الروبوتات العاملة في المصانع في جميع أنحاء العالم إلى حوالي 2 مليون بحلول عام 2017، وهي زيادة بحوالي 70 بالمائة منذ عام 2011، وفقا لمجمع البيانات الاقتصادية ستاتيستا. كذلك تضاعفت مبيعات الروبوتات الصناعية في جميع أنحاء العالم تقريبا في السنوات الخمس الأخيرة، وارتفعت بنسبة 26 بالمائة قي العام الماضي لتصل إلى رقم قياسي مقداره 225 ألف روبوت. يبدو من البديهي أنه كلما ازداد عدد الروبوتات في الشركات والمصانع، كانت الحاجة أقل لرفع الأجور. وفي حين أن صناعات الخدمات والاقتصاد القائم على المعرفة (الذي يطنطن به الكثيرون) أمور ليس من السهل مكننتها، فإن هذا قد يتغير في الوقت الذي تصبح فيه الآلات أكثر ذكاء ويفي الذكاء الاصطناعي بوعوده. ربما يكون صعود الروبوتات سببا في عدم رفع أسعار الفائدة.