عندما يفقد بلد ما الموارد الطبيعية للثروة، فهو أمام خيارين.. إما أن يستسلم للفقر فيستجدي دولا غنية، أو أن يفكر في استثمار عقول أبنائه؛ من أجل النهوض ووضع نفسه على سكة الأمم المتحضرة. وفي السنوات الأخيرة برزت إحدى البوابات الهامة لاستنقاذ الأمم الفقيرة من فقرها حتى مع جدب الموارد الطبيعية لديها، ألا وهي بوابة المعلوماتية.. فهذه البوابة التي لها جانبان.. الأول: تصنيعي وهو المرتبط بصناعة قطع الكمبيوتر ومعداته، وهو جانب على أهميته بحاجة إلى بعض المواد التصنيعية الأولية ورؤوس الأموال التي قد لا تتوفر بسهولة لدى بعض الدول، كما أنه بحاجة إلى معرفة تكنولوجية عالية وبنية تحية علمية قوية. أما الجانب الثاني: فهو الجانب البرمجي والذي يحتاج إلى إعداد عقول وتوظيفها التوظيف المناسب.. وهذا الإعداد يحتاج إلى مناهج دراسية مناسبة ومعاهد لإعداد هذه العقول تعلمهم عدة مهارات: كمهارة البرمجة، والتعامل المحترف مع الحواسيب وتقنيات الإنترنت.. وهي علوم لا تأخذ من الوقت الكثير لتعلمها، كما أنها لا تتطلب رؤوس أموال كبيرة.. وقد تمكنت بعض دول العالم من التنبه لهذه البوابة الهامة وانتشلت نفسها من الفقر.. ومن هذه الدول الهند، الدولة التي مهما زادت مواردها الطبيعية فإنها بحاجة دائمة للمزيد من أجل إطعام أكثر من مليار بطن. وقد توجهت الهند لهذا الأمر مبكرا واستطاعت أن تقفز بصادراتها البرمجية ومن منتجات تقنيات المعلومات بشكل عام من 150 مليون دولار في العام 1991-1992، إلى 5.7 مليار دولار في العام 1999- 2000م، إلى أضعاف هذا الرقم حاليا. وبلغت نسبة نمو سوق البرمجيات فيها 50% سنويا، وشكلت نسبة هذه الصادرات 35% من مجموع صادراتها . كما استطاعت أن تضخ أكثر من 60000 مبرمج (على الأقل) سنويا إلى سوق البرمجيات العالمي في كل من اليابان والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. وهناك عشرات آلاف الهنود يعملون حاليا في الهند، لكن لحساب شركات أمريكية، حيث تبقيهم هذه الشركات في الهند لتوفر على نفسها نفقات النقل والسكن وهو ما يسمى حاليا (outsoursing). ويقوم هؤلاء إما ببرمجة أجهزة الحاسبات والهواتف النقالة، أو بخدمة العملاء في أنحاء العالم هاتفيا عبر الإنترنت وهم في الهند. إن هذه الصناعة تشكل منجما هاما من مناجم العلم والثروة التي يمكن لأي شعب أن ينقب فيها، ولا شك في أنه سوف يكتشف ثرواتها إذا ما توافرت الإرادة والقدرة والتخطيط السليم، خاصة أن الحاجة العالمية للمبرمجين وحدهم يزيد على المليونين حاليا.. ولذلك فإن التوجه نحو هذا الجانب من قبل المؤسسات التعليمية الرسمية منها والأهلية السعودية، أصبح أكثر أهمية وإلحاحا من السابق. كما أننا ندعو أبناءنا خريجي الثانوية العامة في المملكة إلى التوجه نحو هذه التخصصات الهامة والتي لا يحتاج بعضها أحيانا سوى إلى جهاز حاسب واتصال بالإنترنت.