كشأن العلاقات الخليجية مع تركيا نمت العلاقات السياسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التركية بشكل سريع خلال العقد الماضي، وعزز من ذلك أن قوة العلاقات الاقتصادية كانت تُعد هى الأكبر حجما والأكثر تطورا على الإطلاق على مستوى دول الخليج العربي، حيث ارتفعت التجارة البينية بنسبة حوالي ألفين في المائة خلال عقد واحد، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 11.5 مليار دولار ، كما تُعد الإمارات سوقاً مهمة بالنسبة للمقاولين الأتراك في قطاع الإنشاءات إذ نفذت الشركات التركية حتى العام 2013 مائة مشروع بقيمة 8.5 مليار دولار. وحتى على الصعيد العسكري فعلت الإمارات التعاون العسكري مع تركيا فعقدت عدة صفقات منها شراء 10 آلاف من صواريخ "جيريت" المضادة للطائرات . بعد أحداث التغيير في مصر في صيف 2013 توترت العلاقات الإماراتية التركية فجأة، بسبب الخلاف حول مصر كما انعكس ذلك سلبياً على العلاقات التركية الخليجية بشكل مُجمل حتى إن الحوار الاستراتيجي الخليجي مع تركيا والذي بدأ في سبتمبر 2008م ، وعقد خمسة اجتماعات وزارية مشتركة توقف بعد اللقاء في مملكة البحرين العام 2013م . الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تحدث عن العلاقات الخليجية التركية أثناء لقائه مع قناة الجزيرة القطرية، مساء الجمعة الماضية، وركز في حديثه على العلاقات مع الإمارات، حيث قال : 1. فيما يتعلق بالعلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، تستمر بعض اللقاءات على مستوى منخفض، ولا توجد أي مشكلة مع شعب الإمارات، إلا أنه لابد أن نكون حساسين للغاية بخصوص الجمل التي نستخدمها مع بعضنا البعض. 2."كانت علاقاتنا، حتى الأمس القريب، قوية جدا مع الإمارات ومن الضروري البحث عن أسباب التباعد الذي حدث فجأة (بيننا )". 1. بصفتي رئيسا لتركيا أقول: إنه لابد من إزالة هذه الأسباب في أسرع وقت ممكن. هناك سبب واحد (للتباعد)، وهو الأحداث في مصر، إلا أنه يجب حل ذلك بالطرق الدبلوماسية، وليس بالحديث ضد بعضنا البعض". وبعد أقل من 24 ساعة على تصريحات الرئيس التركي جاء الرد الإماراتي إيجابياً ومرحباً عبر صفحة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي د. أنور قرقاش في "تويتر" وكتب كالتالي : 1. الإشارات الإيجابية من الرئيس التركي طيب رجب أردوغان حول علاقات بلاده مع دولة الإمارات مُرحب بها و من الضروري البناء عليها. 2. الخلاف التركي الإماراتي حول التطورات المصرية آن الأوان لتجاوزه، المنطقة لا تتحمل مثل هذه الخلافات ومصر من مفاتيح الاستقرار، وشعبها قرر مساره. 3. العلاقات الطيبة والإيجابية مع أنقرة هي ما ننشده، والأساس احترام الشأن العربي من خلال مبدأي السيادة وعدم التدخل والذي يجب أن يحكم تصرفاتنا. الرئيس التركي والمعروف عنه براجماتيته السياسية يعى تماما أن تركيا تتعرض لأشرس حملة تقودها روسيا وبدعم إيراني وعراقي مع برود من حلف الناتو تجاه هذه الهجمة، ففي نفس المقابلة مع "الجزيرة"، اتهم "إردوغان" الحكومتين الإيرانيةوالعراقية صراحة بممارسة "سياسات طائفية" في العراقوسوريا مُشددا على الحاجة الماسة لحماية أمن السنة في المنطقة، فقال:"تركيا تعارض السياسات الطائفية.. ومن يمارس السياسات الطائفية هما إيرانوالعراق.. وللأسف، فالعراق يتعاون مع إيران على أساس مذهبي. وهذا التعاون نفسه قائم مع سوريا أيضا. فأصل المشكلة وراء الاضطرابات في سوريا هي الطائفية. رسائل الرئيس اردوغان الجديدة واستجابة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الإيجابية تأتي في ظل توافر ظروف ذاتية وموضوعية تُهىئ بيئة سياسية مناسبة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين أبوظبيوأنقرة ستنعكس على مجمل العلاقات الخليجية التركية وعلى المنطقة بشكل عام، وإن لم يكن لتحقيق المصالح المشتركة فليكن لصد التهديدات المشتركة ضد دول الخليج وتركيا.