تداول الناس في وسائل التواصل الاجتماعي كلام وزير الإسكان بشيء من السخرية، حيث وصف الوزير أزمة الإسكان بانها أزمة فكر وليست أزمة موارد. طبعا نحن نعيش أزمة إسكان حقيقية ونعتبر من أقل الدول على مستوى العالم في تملك المنازل مقارنة مع كثير من الدول الأقل منا إمكانية. ولكن لإنصاف وزير الإسكان فمشكلة الإسكان لن تحل بالطريقة التقليدية التي يعتقدها كثير من الناس. اذ يعتقدون أن الوزارة ستبني مساكن ومنازل مكونة من اربعمائة متر وتوزعها على الناس. الا أن هذه الفكرة يبدو أنها شبه مستحيلة بوجود عدة معوقات قابلت الوزراء الذين استلموا وزارة الإسكان ولم يستطيعوا تقديم أي شيء ملموس غير الوعود، لان الأزمة تتعلق بتوفير مليوني وحدة سكنية نحتاجها الآن وسوف يتصاعد هذا الرقم في الأعوام القادمة، اذا نحن ندور في حلقة مفرغة مع زيادة الطلب على المساكن في الأعوام القادمة وفي نفس الوقت الوزارة لا تستطيع أن تنفذ وتؤمن الطلب الحالي مما خلق ضبابية وعدم شفافية وشكا كبيرا بقدرة الوزارة على تنفيذ المأمول منها. وهنا لا ألوم وزراء الإسكان السابقين لكن نعلم وبإنصاف مقدار الصعوبات التي تواجه هذه الوزارة لانها حديثة عهد بهذا المجال، وتواكب انشاء هذه الوزارة مع زيادة كبيرة في أسعار الأراضي وتضخم رهيب في أسعار مواد البناء رافقها لستة طويلة من أسماء على قوائم الانتظار ينتظرون الحصول على منزل مناسب يؤمن الأمان للاسرة ويرفع عن كاهل المواطن ذكرا أو انثى حملا وهما كبيرا في تأمين المنزل. فحل أزمة الإسكان لن يتم بالطريقة التقليدية ولهذا بدأ الوزير كلامه بأنها أزمة فكر لأن السكن بالمفهوم العالمي هو منزل يضم أفراد العائلة ويوفر المكان اللائق للنوم والراحة والمأكل والمشرب. ولكن المسكن في فكر المجتمع السعودي يزيد عليه انه هو المكان المناسب الذي يتم فيه تنظيم الاحتفاليات والولائم، كما ان المسكن أو المنزل هو مكان الترفيه وممارسة الرياضة مما جعل المسكن في الفكر السعودي الآن اشمل وأكبر من فكر مسكن مقارنة بالدول الأخرى. واذكر انني تقابلت مع أحد الأصدقاء في بريطانيا الدكتور في الهندسة المعمارية الصديق طارق الرواف ودار النقاش عن الشكل الهندسي للمنازل السعودية. وذكر الدكتور ان الشكل والتصميم السائد لدينا هو فكر دخيل على المجتمع السعودي بدأ من حوالي خمسين سنة أو ستين سنة حين بدأت الشركات الأمريكية بإنشاء منازل حديثة. أما المنازل القديمة ففكرتها مغايرة عن الفكر الحالي. وهنا اقترح ما الذي يمنع ان نبنى احياء سكنية حديثة تكون الحديقة مشتركة للحي كله يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الناس بدل أن يكون عند كل شخص حديقة خاصة به في منزله وبالتالي لا يستطيع الاعتناء بها أو حتى الاستفادة منها. كما اننا نطالب وزارة الإسكان بان يكون المنزل يتوفر فيه مجالس لاستقبال الضيوف، لكن ما الذي يمنع أن توجد في الأحياء الحديثة مرافق خاصة لأهل الحي تتوفر فيها صالات وقاعات للمناسبات الصغيرة والمتوسطة كما يوجد في هذه المرافق مسبح ومنتزهات ترفيهية مقصورة على أهل الحي وبذلك نوفر من مساحات المسكن الذي ستبنيه الوزارة بحل مشكلة أماكن استقبال الضيوف واماكن الترفيه. وكذلك نوفر على المواطن صيانة وتأثيث هذه الأماكن، لأنه بكل تأكيد لن تستطيع الوزارة تأمين مسبح لكل بيت، كما انه مهم تحديد من هم الفئة المستهدفة من تأمين المسكن، ومن هي الفئة التي تعطى الأولوية. حيث يجب أن تكون الارامل والمطلقات والأيتام والضعفاء لهم الأولوية بالتوزيع. ويجب أن يكونوا في سلم الأولويات في التوزيع حفاظا على كرامتهم وتوفير البيئة التربوية لإنشاء أسرة صالحة في المجتمع. ولكي لا يتهمني أحد بأنني احابي الوزير فقد تكلمت عن هذا الموضوع (أزمة السكن وسوء التدبير) في تاريخ 16 نوفمبر 2014 ميلادي. ولانصاف الوزير ارجو من الجميع سماع المقابلة كاملة التي امتدت حوالي 16 دقيقة. أعان الله كل من أراد الخير لهذه البلاد المباركة. المنازل القديمة أفكارها مغايرة ولا تتلاءم مع الأوضاع الحالية