وتعريفها هي كل ما يورثه ويفعله الآباء والأمهات من اعمال سواء عقائدية او فكرية او أعمالا عادية، وليس الأمر مقصورا على الآباء فقط، وانما يتجاوز ذلك الى عادات المجتمع أي بمعنى ان أي عمل يؤديه الإنسان بسبب انه وجد والده او والدته او رئيسه او مجتمعه يؤديه بدون ان يعلم سبب الفعل وفوائده ونتائجه. يأتي أحدهم ويجد حارس امن وقف على باب مبنى يمنع الناس من الوصول إليه وعندما سأل ما السبب؟ أجاب: لا اعلم، إذاً ماذا بداخل المبنى؟ لا أعلم، فقط أمروني ان اقف هنا واحرس المبنى!!. وبعد التحري وجد ان المبنى مغلق من قرون وان حاكم ذلك الزمان قد دهن ارضية وجدران المبنى واصدر أوامر بعدم الدخول حتى ينشف الدهان، ومات في حينه قبل ان يصدر امرا يلغي الأمر السابق وما زال تنفيذ الأمر يتوارث عبر الأجيال!! ولا يهم صحة القصة من عدم صحتها، المهم ان هذا الفكر ان جاز التعبير هو فكر سائد في كثير من المجتمعات ولا يقتصر هذا على المجتمعات العربية والإسلامية بل يتجاوز ذلك الى المجتمعات الأخرى وهذا واقع مشاهد. أحدهم يصل الى اعلى درجات العلم والمعرفة وعندما تسأله عن فعل معين يؤديه لا يجد الإجابة المقنعة وعندما تضيق عليه الخناق يحول الأمر الى قول عادة ورثناها من الآباء والأجداد، وعندما تلح عليه بالسؤال وتخاطبه بمنطق العقل هل أنت مقتنع بما تفعل؟ يلتفت يمينا وشمالا ثم يقول لا لكن!! قف ولا تكمل، نفهم جيدا السبب، ولكن لا نعذرك؛ لأن عقلك اكبر من ان تمارس عادات لست مقتنعا بها. أحيانا يأتي طفلك ويسألك عن امر معين، رجاء رجاء لا «تصرفه» أجب عن سؤاله بما يسمح إدراكه، المهم يجب ان تجاوب لا تجعله يفعل الفعل بدون معرفة المغزى من فعله. أخيرا الآبائية موجودة بيننا ولا احد يستطيع انكارها، فيها الحسن الجميل وفيها السيئ القبيح، لكن الله ميزنا عن سائر مخلوقاته بالعقل الذي قاد العالم الى ما هم عليه الآن خيره وشره؛ ولهذا اصبح من اللازم ان لا نكون إمعات وقطيعا نرعى مع الهمل بدون ان يكون لنا وقفة مع جميع ممارساتنا الحياتية ونفكر بعقولنا التي وهبها الله لنا. اختم بالآية الكريمة: «بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ» (الزخرف 22) اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم آمين. للجميع التحية..