هناك قصة طريفة عن الجنرال بولانجيه الذي عين قائدا للجيوش الفرنسية في بداية الحرب العالمية الأولى.. فحين ذهب ليتفقد وزارة الدفاع لاحظ وجود جسر يربط بين مبنيين في الوزارة يقف أمامه حارس مدجج بالسلاح. وقد منعه الحارس من الدخول رغم علمه بمنصبه الكبير بحجة أن لديه أوامر مشددة بهذا الخصوص. وحين سأل من حوله عن سبب المنع لم يعرف أحد الجواب.. الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجميع أنه منذ عملهم في هذا المبنى وهناك أوامر صارمة بعدم دخول الجسر. وبعد البحث في الارشيف اتضح أنه في عام 1839م وفي عهد الجنرال سوليت طليت أرضية الجسر بدهان جديد وأصدر الجنرال سوليت أمرا بعدم مرور أحد حتى يصدر قرارا بعكس ذلك. ولكن سوليت توفي فجأة بسكتة قلبية في حين نفذت أوامره طوال تلك الفترة (وبدون السؤال عن السبب) فتآكل الطلاء من فرط القِدم!! إن الآبائية هي الاعتقاد المطلق في صواب ما ذهب إليه «الآبائية» من دون مناقشة أو تفكير، والانقياد التام التزاما بذلك في القضايا الحياتية.. ولست أقصد الآبائية هنا الآباء والأجداد فقط بل كل ما يضع الإنسان له اعتبارا عندما يصدر حكم من الأحكام، سواء كان ذلك من آباء أو أجداد أو عادات مجتمع أو شيوخ أو حكام أو المناهج وغيرهم. لقد كره الله هذا الفكر الآبائي ورد على المشركين عندما زعموا: «قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون»، فقال الله لهم: «أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون».