شهدت الأعوام القليلة الماضية إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين على تملك واستئجار الشقق والوحدات السكنية - خاصة في المدن الرئيسية - بصورة غير معهودة في المجتمع السعودي، الذي اعتاد على العيش والسكنى في منازل مستقلة. وقد تزامن هذا الإقبال مع تطوير وتنظيم قطاع الإسكان، وأخذت مشاريع شقق التمليك والوحدات السكنية تتسع شيئاً فشيئاً حتى لاقت رواجاً كبيراً في الآونة الأخيرة. ويعزى السبب في ذلك إلى ازدياد الطلب عليها نتيجة لارتفاع معدلات الزيادة السكانية التي باتت تشهدها المملكة، إلى جانب ارتفاع أثمان الأراضي والمنازل بنسب متفاوتة، الأمر الذي دفع الكثيرين من محدودي ومتوسطي الدخل إلى التوجه نحو تملك الشقق كخيار بديل عن تملك المنازل، لكون هذا الخيار يتناسب مع عائد دخولهم ويبدو أكثر ملاءمة لمتطلبات الحياة والمعيشة وتطوراتها المتلاحقة. ولكن بالرغم من المزايا العديدة التي تقدمها شقق التمليك والوحدات السكنية، إلا أن الواقع يكشف لنا عن وجود الكثير من الخلافات والمشاكل بين الملاك أو مستأجري الشقق السكنية، بسبب التنازع على من له حق الأولوية في الانتفاع بالأجزاء المشتركة، وعدم رغبة البعض في دفع قيمة تكاليف الصيانة للمنافع المشتركة كأعمال الصيانة والكهرباء وغيرها، حيث يتمسك هؤلاء بوقوع ظلم عليهم في الانتفاع بالأجزاء المشتركة مقارنة بغيرهم من الملاك أو المستأجرين، فضلاً عن الإزعاج المتواصل الذي ربما يصدر من بعضهم، وعدم الوفاء بالمطالبات للمستحقات المتأخرة عن قيمة الإيجارات، إلى جانب استغلال بعض الملاك للارتفاع الملحوظ لقيمة الأبنية العقارية في رفع قيمة الإيجارات على المستأجرين أثناء مدة سريان العقد، في مقابل تردي أوضاع الأبنية السكنية. ولهذه الأسباب وغيرها وغياب الآليات الأساسية والبعد عن تطبيق الأنظمة، فقد زادت نسبة دعاوى المتضررين بصورة مقلقة في العديد من أنحاء المملكة، وجاءت المنطقة الشرقية في المركز الثاني في عدد هذه الدعاوى بعد منطقة مكةالمكرمة، وهذا ما دفع الكثيرين إلى البحث عن الآليات الناجعة التي يمكن أن تعمل على تنظيم العلاقة بين ملاك الشقق والمستأجرين على حد سواء في الأبنية السكنية، للحد من الخلافات القائمة، وكذلك التي يمكن أن تظهر مستقبلاً. ومن ضمن هذه الآليات التي يمكن أن تساهم في الحد من هذه المشكلة تطبيق وتفعيل جمعيات اتحاد الملاك، التي تحافظ على العقار وتقوم بالدفاع عن حقوق المالكين وتمثيلهم أمام السلطات والمحاكم إن تطلب الأمر ذلك، والمحافظة على العقار من أي تلف أو أضرار يمكن أن تصيبه على المدى القريب أو البعيد عن طريق صيانته المستمرة أو العمل على ضمان حسن الانتفاع به، أو عمل تأمين عليه من أية مخاطر قد تلحق به كالحرائق والفيضانات والسيول وغيرها. ولو نظرنا للتنظيم القانوني لعلاقة ملاك العقار في الوحدات العقارية لرأينا أن المنظم السعودي قد أصدر نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/5) وتاريخ 11/2/1423ه وذلك لتنظيم هذه العلاقة، وتوضيح كيفية الانتفاع بالأجزاء المشتركة وآليات القيام بأعمال الحفظ والترميم والصيانة اللازمة التي يتطلبها العقار من آن لآخر. كما تضمن هذا النظام أيضا تكوين جمعيات اتحاد الملاك لاتخاذ القرارات الملائمة التي تساهم في الحفاظ على سلامة العقار المشترك وضمان حسن الانتفاع به. وسوف نتطرق في المقال القادم إن شاء الله تعالى إلى كيفية تكوين جمعية اتحاد الملاك في نظام ملكية الوحدات العقارية لإدارة وتنظيم العقار، وسنرى مدى فاعلية وتطبيق هذا النظام من عدمه على أرض الواقع للقضاء على الخلافات التي تقع بين الملاك أو المستأجرين. جمعيات اتحاد الملاك تساهم في الحفاظ على سلامة العقار