ما زالت المملكة متمسكة بموقفها الثابت حيال حلحلة الأزمة السورية، والمتمحور في أهمية رحيل النظام الأسدي ووقف التدخل الإيراني وتحكيم مقررات جنيف (1)، التي نادت بسرعة تنظيم انتقال السلطة خارج سيطرة الأسد وإجراء الانتخابات، وهو موقف سوف يفضي إلى تسوية الأزمة السورية بطريقة عقلانية وعادلة، وقد أيدته معظم دول العالم وأيدته الأوساط السياسية في كل مكان. تكرر هذا الموقف الثابت من جديد في حوار المنامة الأمني الإقليمي السنوي، يوم أمس الأول، فسياسة المملكة لم تتغير تجاه العمل لتسوية الأزمة السورية، فرحيل الأسد يقف على رأس الحل، ثم العمل على كبح جماح التدخل الإيراني في سوريا، فهو تدخل زاد الأمر تعقيدا وأدى إلى تدفق التنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية مثل: تنظيم داعش، وحزب الله اللبناني، والنصرة، مما زاد الطين بلة وأصبحت حلول الأزمة غير سهلة أو ميسورة. العودة إلى الرؤية السعودية تعني دعم المعارضة المعتدلة ومدها بالأسلحة، وتكوين المجلس الوطني المنشود على طريق المرحلة الانتقالية وعقد الانتخابات المقترحة، ووضع دستور سوري جديد يسمح بتوطين اللاجئين وعودتهم إلى بلادهم، وتلك نقاط لن تتحقق على أرض الواقع إلا برحيل النظام الأسدي، فبقاؤه على رأس السلطة سوف يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة وزيادة معاناة السوريين وتصعيد آلامهم ومحنتهم. ولعل من أهم المشاكل التي تعترض التسوية للأزمة القائمة في سوريا هي مشكلة التدخل الإيراني السافر في الشأن السوري، وهو تدخل لا يضر بمصالح السوريين فحسب، ولكنه يؤثر على علاقات إيران مع جيرانها، وليس هناك ما يفسر أسباب التدخل الإيراني في الشأن السوري وفي الشؤون الداخلية لجيران إيران إلا رغبة حكام طهران المحمومة لزعزعة أمن دول المنطقة واستقرارها. ويبدو واضحا للعيان أن تسوية الأزمة السورية لن تتحقق إلا بتوقف إيران عن التدخل في الشأن السوري، فتدخلها أدى إلى انتشار ظاهرة الإرهاب على الأراضي السورية بدخول التنظيمات الإرهابية إليها، وأدى هذا الدخول بالتالي الى تعقيد الأزمة والوصول بها الى طريق مسدود والى نفق مظلم ليس في نهايته بصيص نور، فالتدخل الإيراني مع تدخل التنظيمات الإرهابية في الشأن السوري سوف يطيل أمد الأزمة ويؤدي إلى تعقيدها. ولا شك أن التدخل الإيراني في الشأن السوري، وتدخلها أيضا في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية يعد تهديدا صارخا لأمن تلك الدول واستقرارها، وهو تهديد لا تقل أخطاره عن التهديدات التي تمثلها التنظيمات الإرهابية: كتنظيم داعش، والنصرة، وتنظيم حزب الله. وسلامة أمن سوريا، وأمن دول منطقة الخليج وبعض الدول العربية الأخرى تكمن في وقف التدخل الإيراني في الشأن الداخلي لتلك الدول. وكل التدخلات الأجنبية في الشأن السوري حول الوضع إلى مستنقع خطير لا يهدد الأراضي السورية واستقرارها فحسب، وإنما يهدد دول المنطقة بأسرها، وليس من سبيل لإنهاء الأزمة السورية وتسويتها إلا بالرجوع إلى بنود ما جاء في اتفاق جنيف (1)، وهي البنود التي أيدتها المملكة وأيدتها كافة الدول المحبة للعدل والحرية والمساواة، والمحبة لإقامة تسوية عقلانية للأزمة السورية المعقدة. وستبقى الرؤية السعودية لتسوية الأزمة السورية مرجعا لا بد منه لتحقيق الأمن والاستقرار والأمان للأراضي السورية، وانتشالها من أزمتها الصعبة، وستبقى تلك الرؤية أيضا مرجعا مهما لاسدال موجات من الاستقرار على دول المنطقة بأسرها.