يتضح لكل سياسي مطلع على جوانب الأزمة السورية القائمة أن عملية انتقال السلطة لا يمكن أن تتم والنظام الأسدي -الدموي- يقف عل رأسها. والقول بإمكانية اتمام العملية مع بقاء النظام في السلطة يبدو قولا غير منطقي أو عقلاني، حتى لو بقي النظام بصورة مؤقتة، فلعبة الانتظار سياسة يتقنها النظام تماما لو أدى الانتقال إلى الإبقاء على نفوذه الوقتي، فمن المستحيل في الحالة هذه أن يتم الانتقال مع وجود النظام في سدة الحكم. ويبدو واضحا أن النظام الأسدي فقد شرعيته؛ لممارسته أشنع أساليب التعسف والظلم والجبروت مع أبناء شعبه، ودفعهم إلى الهجرة. ولا شك في أن سماحه بدخول تنظيم داعش إلى الأراضي السورية كان بهدف الحيلولة دون اتساع رقعة الازدراء الدولي من وجوده على رأس السلطة؛ بسبب أعماله الوحشية واللا إنسانية ضد المدنيين العزل. النظام الأسدي الجائر مسؤول عن مقتل أكثر من مائة ألف سوري، وفقا لاحصاءات موثوقة بخلاف المصابين والمشوهين، وبخلاف هجرة السوريين الجماعية هربا من جبروته وظلمه، وإزاء ذلك فإن من المتعذر أن يكون النظام الأسدي جزءا لا يتجزأ من إدارة المرحلة الانتقالية، فالمتسبب في المجازر الرهيبة التي شهدتها سوريا وما زالت تشهدها لا يمكن القبول به ليدير العملية الانتقالية المقترحة. والقول بمنح النظام الأسدي فرصة مؤقتة في ظل العملية الانتقالية لا يبدو قولا وجيها أيضا، فالانتظار لن يدفعه للتخلي عن السلطة، فسبق للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مطالبة النظام بالرحيل عام 2012، ولكنه ظل في موقعه منذ ذلك الحين، فالفرصة المؤقتة سوف تضيع كما ضاعت تلك الفرصة، وبقاء النظام على رأس الحكم سوف يبقي بعض المصالح قائمة كمصالح إيران التي أضحى لها نفوذ واضح على الأراضي السورية. إن مجرد التفكير بالإبقاء على السلطة الأسدية أثناء العملية الانتقالية المطروحة على الساحة سوف يعزز النزوع نحو تقسيم سوريا، وهذا ما ترفضه المعارضة ويرفضه الشعب السوري بأكمله وترفضه الدول العربية والإسلامية الحريصة على سلامة سوريا واستقرارها وسيطرتها على أراضيها، فانضمام النظام ليغدو جزءا من العملية الانتقالية هو انضمام خطير لا يمكن القبول أو التسليم به. وبالتالي فإن الحل السلمي للأزمة السورية برمتها يكمن في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالعملية الانتقالية بمعزل تماما عن النظام الأسدي، الذي يجب أن يرحل حتى يتمكن الشعب السوري من بناء مستقبله بعيدا عن خطر التقسيم الذي قد يرسخ إذا ما بقي النظام على رأس السلطة أو تحول إلى جزء من العملية الانتقالية السلمية، فالبقاء أو التحول سوف يزيدان الطين بلة، وسوف يسمحان لتمدد التنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية. إن المراهنة على أن يبقى النظام الأسدي جزءا لا يتجزأ داخل العملية الانتقالية السلمية، يعني بوضوح إطالة أمد الصراع القائم في سوريا، ويعني أن سوريا قد تنزلق إلى مستنقع التقسيم، ويعني من جانب ثالث امتداد نفوذ التنظيمات الإرهابية واستمرارية التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية السورية، وهو أمر يرفضه السوريون تماما. والحل المنطقي لإنهاء وتسوية الأزمة السورية يكمن في الموقف الثابت الذي أعلنته المملكة مرارا وتكرارا، وهو اللجوء إلى عملية انتقالية سلمية للسلطة بمعزل تماما عن النظام الأسدي، الذي طالبت برحيله وابتعاده عن السلطة.