تهدف المباحثات الدولية التي بدأت في فندق فخم في فيننا إلى التوصل لحل سياسي للنزاع الذي أوقع أكثر من 250 ألف قتيل في سوريا منذ أربع سنوات، ولكن كل المؤشرات تدل على ان الطريق لا تزال طويلة، ولمحت إيران قبيل المؤتمر إلى أنها ربما تكون مستعدة للتراجع عن إصرارها على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وسط تمسك أمريكي برحيله. وفي سؤال عن ماذا تعني مشاركة إيران لأول مرة في اجتماع دولي حول سوريا، قال كريم بيطار مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية الفرنسي لوكالة فرانس برس: إن "موافقة المملكة العربية السعودية على حضور إيران مهمة بحد ذاتها. ولهذا يمكننا أن نتوقع أن هذا الاجتماع لن يعقد من أجل لا شيء". وقال مسؤول دبلوماسي أوروبي كبير طلب عدم الكشف عن اسمه "إن الحل الوحيد للأزمة السورية هو في جلوس العدد الأكبر من الفاعلين حول الطاولة. ولهذا فإن بدء المفاوضات حتى وان كان الأمر مجرد بداية، هو أمر جيد". وبناء على رغبة الولاياتالمتحدة والسعودية، لم تدع طهران حليفة دمشق إلى الاجتماعات الدولية السابقة حول سوريا في جنيف والتي لم تصل إلى نتيجة. والمسألة الأهم هي تنظيم عملية انتقالية سياسية بين النظام الذي يرأسه بشار الأسد وحكومة تمثل كافة مكونات المجتمع السوري باستثناء الجماعات الإسلامية المتطرفة. وقال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية قبل التوجه إلى فيينا: "من الواضح أن المباحثات الأكثر أهمية ستتناول على الأرجح ما يمكن أن يشبه حكومة انتقالية، كيف يمكن تشكيلها وتنظيمها". وقال كريم بيطار "السؤال الآن هو معرفة ان كان الروس والايرانيون سيقترحون فترة انتقالية طويلة جدا تمتد الى ما لا نهاية. هناك فرق كبير بين الحديث عن فترة ستة اشهر أو فترة سنتين". وفي واشنطن نبه المسؤولون في وزارة الخارجية إلى أنه لا ينبغي توقع تحقيق تقدم كبير وقالوا إن المفاوضات قد تمتد لأسابيع لا بل أشهر، مع الترحيب بقبول قوى إقليمية متنافسة مثل: إيران والسعودية بالجلوس إلى الطاولة نفسها. وقال الدبلوماسي الأوروبي "المهم هو التوصل إلى صيغة لخوض المفاوضات. هذا ما حصل خلال المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني: استغرق الأمر سنوات ولكن في النهاية سارت الأمور على ما يرام". ولمحت إيران قبيل المؤتمر، إلى أنها ربما تكون مستعدة للتراجع عن إصرارها على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وسط تمسك أمريكي برحيله. وأكد مسؤول بارز من الشرق الأوسط على دراية بالموقف الإيراني لرويترز الخميس، إن طهران قد تقبل فترة انتقالية تستمر ستة أشهر يتقرر في نهايتها مصير الأسد في انتخابات عامة. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن أمير عبداللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني وعضو وفد طهران إلى محادثات فيينا، قوله إن "إيران لا تصر على إبقاء الأسد في السلطة إلى الأبد". وفي السياق، قالت شخصية سورية معارضة إن أي خطة سلام لسوريا تسمح للرئيس بشار الأسد بالمشاركة في انتخابات مبكرة بعد مرحلة انتقالية ستكون ضربا من "الجنون" لأنه أصل المشكلة وإجراء انتخابات على مستوى البلاد أمر مستحيل. وتبنى قائد مجموعة معارضة مسلحة تقاتل على الأرض وجهة النظر ذاتها. وقال جورج صبرة عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية "من المجنون الذي يصدق أنه في ظل هذه الظروف في سوريا يمكن لأي شخص أن يجري انتخابات؟" وتابع قوله "ملايين السوريين خارج سوريا وبعضهم يعيش في مخيمات في بعض الدول. وداخل سوريا ترك الملايين منازلهم وحياتهم طلبا للأمان." وقال أحمد السعود قائد الفرقة الثالثة عشرة "في ظل هذه الفوضى لن تكون هناك انتخابات حقيقية لذلك نرفضها بشكل قاطع." ورفض صبرة فكرة أن يترشح الأسد في أي انتخابات مبكرة، قائلا إن الأسد وحلفاءه في إيران وروسيا وجماعة حزب الله اللبنانية هاجموا الشعب السوري وتسببوا في صعود المتشددين. وقال "بشار الأسد ونظامه هما أصل الإرهاب في سوريا."