من الواضح أن ناطحات السحاب الصينية لا تبعث الخوف لدى مستثمري السندات، لكن على الأرجح يجدر بها أن تفعل. مشترو السندات قللوا من شأن المخاوف حول قطاع العقارات الصينية المتضخم وتباطؤ النمو هذا العام. وكانوا يتخاطفون سندات الشركات الصينية من الدرجة غير الاستثمارية، حتى تلك التي كانت تباع في الولاياتالمتحدة، حيث الشهية نحو المخاطر تمر في حالة وهن بشكل عام. خذ مثالا مجموعة السندات المقومة بالدولار بقيمة 41.5 مليار دولار والتي باعتها إلى حد كبير شركات عقارات صينية مثقلة بديون كبيرة. هذه السندات حققت فائدة مقدارها 9.2 بالمائة في العام الحالي، وهو ما يعدل مكاسب سوقية بقيمة 3.8 مليار دولار، وفقا لبيانات المؤشرات من بانك أوف أمريكا ميريل لينتش. هذه العوائد الكبيرة مذهلة تماما حين تقارن بمشهد السندات الأمريكية ذات العوائد العالية، والتي عانت نتيجة انهيار أسعار السلع الأساسية وتراجع الزخم الاقتصادي، خصوصا في الصين. فريدريك نُويمان، الرئيس المشارك لقسم الأبحاث الاقتصادية الآسيوية في بنك HSBC يعبر عن الموضوع بصورة صريحة بدون مواربة. فقد قال في مؤتمر عقد في الفترة الأخيرة في نيويورك: "من عدة جوانب، السوق فقدت الصلة بالواقع"، وأضاف: في حين أن السندات الصينية بالعملة المحلية ربما تحافظ على قيمتها، "إلا أن المشكلة الحقيقية ستأتي من سندات الشركات الصينية بالمقومة بالدولار الأمريكي". استفادت أسواق السندات الصينية من الجَيَشان في سوق الأسهم الصينية، الذي دفع بالمستثمرين المحليين إلى اللجوء إلى جانب السلامة المتمثل في السندات. كثير من هذه الأموال ستكون عاقبتها غير محمودة، على اعتبار أن المؤسسات تريد الاحتفاظ بأموالها قريبا من موطنها. لكن بعض هؤلاء المستثمرين وجدوا طريقهم إلى الولاياتالمتحدة، حيث أخذوا يشترون سندات الشركات الصينية. وهذا يؤدي إلى دعم شريحة من سوق السندات المقومة بالدولار في وقت غير متوقع. على سبيل المثال، سندات شركة هوبسون القابضة للتطوير العقاري، ذات العوائد المتدنية، سجلت عوائد بنسبة 25 بالمائة هذا العام. في يونيو كان من بين أكبر المستثمرين في تلك السندات شركات آسيوية، منها شركة Value Partners، وشركة Eastspring Investments، وشركةBEA Union Investment، حسب بيانات من تجميع بلومبيرج. ثم إن المستثمرين قرروا تجاهل أداء الأسهم. السندات الخطرة المقومة بالدولار، الصادرة عن مجموعة فانتازيا القابضة، سجلت عوائد بنسبة تزيد على 7 بالمائة منذ نهاية يوليو، في حين أن سعر سهم الشركة تراجع بالنسبة نفسها تقريبا خلال نفس الفترة. كذلك شركة Value Partners هي من بين أكبر حاملي السندات، وفقا لبيانات بلومبيرج. من الواضح أن المستثمرين ملتزمون بهذه السندات، لكن من غير الواضح ما إذا كانت كل هذه الشركات تستطيع البقاء متمتعة بالملاءة المالية الكافية لتسديد الالتزامات على سنداتها. كما أن الصين أوضحت أنها لن تدعم أي مقترض متجه نحو الإفلاس. أصبحت مجموعة «كايسا» القابضة أول شركة عقارات صينية تصاب بالإعسار على سنداتها المقومة بالدولار في أبريل، وهذه ليست إلا البداية، ومن المتوقع أن يكون هناك المزيد من حالات الإعسار في الوقت الذي تبلغ فيه سندات بقيمة 12 مليار دولار تاريخ استحقاقها هذا العام. الاندفاع في السندات الصينية الخطرة المقومة بالدولار هو انعكاس لفقاعة العقارات في الصين. عند مرحلة معينة لا بد لهاتين الفقاعتين من الانفجار.