يظل موضوع المصرفية الاسلامية أحد أهم المواضيع التي يتم مناقشتها بشكل مستمر في اي توجه استثماري او عمليات استثمارية سواء كانت محلية ام دولية من قبل المستثمرين السعوديين، ومع تصاعد وتيرة العمليات المصرفية والاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، بدأ التغيير سواء من ناحية الثقافة او الممارسة لغالبية كبرى من المهتمين بالمملكة لتوافق عملياتهم المالية مع الشريعة، واللافت للنظر ان العقد الأخير كان زاخرا بمبادرات عديدة من قبل الشركات وفي قطاعات مختلفة من اجل العمل على توافق العمليات التجارية والاستثمارية مع الشريعة، وهذا بالتالي أفرز قاعدة عمليات متميزة للمصرفية الاسلامية في المملكة. استمرارا للايجابيات التي تحققت في الفترة السابقة، يظل المأمول اكبر بكثير مما تحقق، خاصة أن الغالبية العظمى من الممارسين في المملكة يفضلون التوافق مع الشريعة، لذا يطمع الكثيرون ان تتصاعد وتيرة ثقافة ممارسة المصرفية الاسلامية في المملكة عبر وضع إستراتيجية واضحة لذلك من اعلى سلطة واقصد بذلك مؤسسة النقد العربي السعودي، وان تظل التوجهات الفردية او الجماعية مساندة وتتماشى مع توجهات الدولة في ذلك وليس العكس، وجميعنا يعلم ان مؤسسة النقد (ساما) تعد الأفضل على مستوى الشرق الأوسط ومن افضل المؤسسات عملا وتنظيما ورقابة على مستوى العالم، ولها الفضل بعد الله ان المملكة تتمتع باستقرار اقتصادي لعقود طويلة رغم التقلبات الاقتصادية اقليميا ودوليا، اضافة الى انها استطاعت ان تصنع منظومة بنكية قوية ومتينة. لماذا استراتيجية للمصرفية الاسلامية؟ شاهدنا قبل سنوات قليلة عندما أعلنت حكومة دبي وضعها استراتيجية ان تكون دبي (عاصمة الاقتصاد الاسلامي)، وبالفعل وخلال فترة قصيرة نجحت بنوك دبي في إصدار صكوك إسلامية لمشاريع دبي الاستثمارية بما يفوق خمسة عشر مليارا، وسبق ذلك استقطاب الكفاءات المتخصصة وعمل التشريعات المطلوبة التي تعمل على تجهيز منصة متكاملة للعمليات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، وبإعلان دبي اصبحت ضمن احدى الدول التي تنافس على استقطاب الاستثمارات وتحفيز المستثمرين للدخول لسوق دبي عبر المصرفية الاسلامية. في السابق ومنذ سنوات عديدة تبنت مملكة البحرين المصرفية الاسلامية، وبعدها أخذت دولة ماليزيا زمام الأمور وسحبت البساط من مملكة البحرين وأصبحت وما زالت اكبر دولة تعمل بالمصرفية الاسلامية بشكل متكامل التنظيم، وأعني بذلك وجود المؤسسات المالية المتوافقة والتشريعات المطلوبة والمعايير المحاسبية المتوافقة والكفاءات التي تعمل بهذا المجال وتدريبها، والاهم من ذلك القدرة الفائقة على صناعة وتحويل المنتجات والخدمات المالية بما يتوافق مع الشريعة، واستطاعوا بذلك ان يستقطبوا عددا كبيرا من العملاء داخل وخارج ماليزيا وخاصة العملاء من المدن التي تقطن في جنوب جمهورية الصين. من المهم جداً ان نسأل أنفسنا أين نحن من المصرفية الاسلامية، وأين موقعنا من الاعراب وماذا نريد في المستقبل، وان نملك الشجاعة الكافية في ان نخطو خطوات متسارعة نحو قيادة الأمة في هذا القطاع الهام، الذي يعتبر رافدا أساسيا من الروافد الاقتصادية للمملكة.