بعد عشر سنوات من اقرار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الجزائر، والذي كان يفترض ان يطوي صفحة عقد من الحرب الاهلية، ما زال الضحايا يطالبون بالحقيقة والعدالة، بينما تواصل مجموعات اسلامية مسلحة تنفذ هجمات من حين لاخر. وفي 29 سبتمبر 2005، صوت الجزائريون عن طريق الاستفتاء لصالح ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي يحمي المسلحين الاسلاميين من المتابعة القضائية مقابل وضع سلاحهم وتسليم انفسهم، وهو ما فعله 8500 شخص منهم. وكان الهدف آنذاك وضع حد للحرب الاهلية التي تسببت في مقتل 200 ألف جزائري منذ 1992 بحسب الاحصائيات الرسمية. ومن وقتها تحسن الوضع الامني بشكل لافت لكن وضع حصيلة لتطبيق اجراءات المصالحة الوطنية يبقى صعبا في غياب المعطيات الرسمية، بينما ما زالت اسر "ضحايا المأساة الوطنية" كما تسميهم الحكومة، تطالب بمعرفة حقيقة ما حصل وبالعدالة في تطبيق الاحكام التي جاءت في الميثاق، الذي تحول الى قانون بعد تصويت الشعب عليه والمصادقة عليه في البرلمان. وبرأي المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي فإن "الجزائر لم تعرف أبدا المصالحة"، موضحا ان "القاعدة الاساسية في اي مصالحة هي الحقيقة، الا ان الجزائريين لا يعرفون شيئا عما وقع في سنوات 1990". وفي 2005 اعترفت الدولة ان "اعوان الدولة" يتحملون مسؤولية اختفاء 6146 شخصا بين 1992 و1998، بينما تتحدث منظمات غير حكومية عن 18 ألف مفقود. وأضاف بوشاشي الذي استقال من منصبه كنائب في البرلمان قبل عامين: "على الجميع الاعتراف بما اقترفه. كان يجب كشف الحقيقة للشعب، ثم اعتراف كل من ارتكب جريمة. ويبقى امام الضحايا الحق في المتابعة القضائية او العفو". اما "العنصر الثاني في اي مصالحة فهو تعويض الضحايا" حسب ما صرح به المحامي لصحيفة الوطن "لكن الواقع ان ضحايا التعذيب لم يتم تعويضهم الى يومنا هذا". وعبرت رئيس "جمعية ضحايا الارهاب (جزائرنا)" شريفة خضار عن غضبها من ان ميثاق السلم والمصالحة "سمح للاسلاميين بالافلات من العقاب"، وفي المقابل "منع على الضحايا الحديث فيما حصل" تحت طائلة العقوبة لكل من يحاول ملاحقة المسلحين "التائبين" على الجرائم التي اقترفوها. وتأسفت شريفة خضار لوصف قانون المصالحة ما حدث ب"المأساة الوطنية" دون تمييز لاطراف الحرب الاهلية كما سماها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. والجرح ما زال ينزف مثلما أثبته السخط الذي عبر عنه الجزائريون في اغسطس عندما اعلن مدني مزراق امير الجيش الاسلامي للانقاذ سابقا، الذراع المسلح لحزب الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظور، عن تأسيس حزب جديد.