المملكة تُعلن عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية في البحر الأحمر    فان نيستلروي: يجب أن نكون وحدة واحدة لنحقق الفوز على تشيلسي    257,789 طالبا وطالبة في اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول بتعليم جازان    الجوف تكتسي بالبياض إثر بردية كثيفة    الهلال يطوي صفحة الدوري مؤقتاً ويفتح ملف «نخبة آسيا»    اليونيفيل : لم نسهّل أي عملية اختطاف أو أي انتهاك للسيادة اللبنانية    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعقد المؤتمر العالمي لطب الأعصاب    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    تاليسكا يُعلق على تعادل النصر أمام الهلال    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش الإسلامي يدعو إلى الالتفاف حول بوتفليقة وميثاق المصالحة الوطنية
جبهة الإنقاذ ترفض تحميلها مسؤولية الأزمة الجزائرية
نشر في الرياض يوم 21 - 08 - 2005

لا تزال ردود الأفعال تتوالى على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أطلقه الرئيس بوتفليقة الأحد الماضي أمام إطارات الأمة، بين مؤيد ومتحفظ ومعارض ومشكك في امكانية وفاء بوتفليقة بتعهداته وتحقيقه لبنود الميثاق.
فقد دعا، أمس، مدني مزراق الزعيم الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا إلى مساندة الرئيس بوتفليقة في مسعاه والعمل على «إصلاح أخطائهم أخذا بيد المصالحة الوطنية إلى مداها» كما أكد أن هذا «لا يمنعهم من المطالبة باستكمال ما تبقى من مشروع المصالحة الوطنية في شقها السياسي».
وبرأيه فان خطاب الرئيس بوتفليقة فاجأ المتتبعين على أكثر من صعيد، معتبرا أن الخطاب كان «جريئا وواضحا وملبيا لأحلام الكثير من الجزائريين الذين غبنوا خلال المحنة التي عاشتها الجزائر».
ولاعتبارات معينة لا يعلمها إلا رئيس الجمهورية وصناع القرار في الجزائر، أوضح مزراق أن « بوتفليقة تجنب تسمية المتسببين في الأزمة من الطرفين وحمل مسؤولية ما حدث لقيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ وهو يعلم جيدا أن حكمه هذا لا يعكس العدل في الأمر، فهو الذي قال في بدايات عهدته الأولى أن إلغاء المسار الانتخابي في 1999 هو بداية العنف والجبهة الإسلامية كانت المتسبب الثاني لاستعمالها لغة العنف وحمل السلاح في علاج المشكلة وهو ما يعرفه كل الجزائريين».
وحسب مزراق فان الرئيس بوتفليقة ختم خطابه بجملة مفصلية كانت «شافية وكافية» لما تحمله من معان ورسائل، حين أكد الرئيس أن الإجراءات التي أعلن عنها «تعكس كل ما تسمح به التوازنات الوطنية، ولا يمكن أن نجد حلا غير هذا، اليوم»، ثم واصل مدني مزراق مؤكدا أن الرئيس بوتفليقة قال «..ولكن كما سمح الوئام المدني بالوصول إلى نتائج معتبرة ستسمح نتائج العفو للوصول إلى نتائج أفضل»، كما اعتبر مزراق وقوف الرئيس بوتفليقة عند المقارنة بين ما قبل وما بعد الوئام «تطمينا للطرف الأخر ومطالبته بمساعدته»، في إشارة إلى الذين حملوا مسؤولية الأزمة مما سيؤدي مع الوقت «للوصول للحل النهائي للأزمة ويتسنى فتح المجال السياسي والدعوي للجميع»، كما أكد مزراق أن رئيس الجميع تحدث باعتباره أبا لجميع الجزائريين وحمل في طيات خطابه «الكثير من معاني معاناة الرجل وتحمله الكثير من الثقل والصراعات».
كما أكد مزراق أن الرئيس «في حاجة إلى دعم ومساندة «حتى لا تعطى مرة أخرى الفرصة للذين يتربصون بالجزائر والدين ويودون العودة إلى مستنقع الدماء»، مضيفا أن الاستئصاليين سوف «لن يدخروا جهدا لعرقلة جهود الرئيس»، مؤكدا أن بعض أصواتهم بدأت فعلا في الارتفاع».
ومن جهته أكد عبد القادر بوخمخم القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة،أمس، أن الجبهة لم تكن أبدا طرفا في الأزمة الجزائرية، منتقدا مشروع الرئيس بوتفليقة حول المصالحة التي قال بشأنها بأنها لا يجب أن تقوم على إقصاء الجبهة الإسلامية.
وفي تصريحات للصحافة قدم بوخمخم أربع ملاحظات حول ميثاق الرئيس للمصالحة الوطنية الذي سيستفتى بشأنه الشعب الشهر المقبل.، مستغربا من الإجراءات التي تمنع عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى النشاط السياسي،رغم تأييده لبعض التفاصيل التي احتوى عليها مشروع الرئيس، إلا أن اعتماد الإقصاء يمكن أن يكون عاملا من عوامل فشل مشروع بوتفليقة.
وحسب القيادي في الجبهة الإسلامية فان المصالحة الحقيقية هي التي لا تقوم على الإقصاء، وان المأساة الوطنية أصابت كل الأمة وبالتالي فان هذا المسعى يجب أن يشمل كل أطياف المجتمع الجزائري دون استثناء.
وتحدى بوخمخم أيا كان حول ما إذا كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ هي التي كانت وراء المأساة التي ألمت بالجزائر لأكثر من عشرية، موضحا انه على استعداد لمناظرة أمام الرأي العام للكشف عن الأطراف التي تسببت فعلا في الأزمة».
ويعتقد القيادي في الجبهة الإسلامية أن المتسببين في الأزمة الجزائرية هم أولئك الذين أوقفوا المسار الانتخابي والغوا نتائج الانتخابات التشريعية في 1992 وأقالوا الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، في إشارة إلى الجنرالات وعلى رأسهم اللواء خالد نزار.
ولا حظ بوخمخم «التفريق» الذي تضمنه خطاب بوتفليقة بخصوص ضحايا الإرهاب وضحايا المأساة الوطنية، بحيث لا يخدم المصالحة الوطنية التي كانت، حسبه، احد عوامل انتخابه رئيسا للجمهورية لفترة رئاسية ثانية.
و أردف قائلا « هذا الإجراء غير مقبول وغير موضوعي، ولا يؤدي إلى لم شمل الأمة والى توحيد صفها، يجب أن تشمل المعالجة جميع أبناء الشعب وفئات المجتمع دون تفريق أو تمييز».
ولم يقتنع عبد القادر بوخمخم بالحلول التي اقترحها بوتفليقة لحل أزمة المفقودين وضحايا الاختفاءات القسرية، موضحا «بأنه لا يزال غامضا ما دام انه لم يحدد المسؤولية ولم يقدم الحقيقة كاملة»، فالأهم بالنسبة إليه هو معرفة مصير المختطفين والجهات المسؤولة عن ذلك، مصرا على رفض الإغراءات المالية في إشارة إلى قضية التعويض « هذا غير معقول لان العائلة التي فقدت ابنها تريد الحقيقة أولا»، محددا مضمون الحقيقة في تحديد المسؤول عن كل الاختفاءات والاختطافات التي شهدتها الجزائر في العشرية الماضية.
مشروع ميثاق المصالحة
تاريخ الجزائر سلسلة من النضالات المتعاقبة التي خاضها شعبها ذودا عن حريته وكرامته . والرصيد هذا المتكون على مر الحقب والعصور جعل من الجزائر أرضا ترعى فيها قيم التسامح والسلام والحوار والحضارة.
وإذا استمد الشعب الجزائري قوته من وحدته واعتصم بما يؤمن به من القيم الروحية والأخلاقية العريقة استطاع التغلب على أشد المحن قساوة وإضافة الجديد من الصفحات المشرقة إلى تاريخه الحافل بالأمجاد .
لما كان الشعب الجزائري يأبى الضيم والاستبعاد فإنه عرف كيف يعتصم بحبل الصبر والجلد ويستمر في التصدي والمقاومة رغم ما تعرض له من أشنع المحاولات لتجريده من ثقافته وإبادته طيلة قرن ونيف من الاحتلال الاستيطاني .
ثم جاءت ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة كالفلق الذي ينبلج في الليلة الظلماء لتبلور تطلعات الشعب الجزائري وتنير درب كفاحه من أجل انتزاع حريته واستقلاله.
ولقد تلت ذلكم الكفاح التاريخي معارك أخرى لاتقل أهمية عنه في سبيل إعادة بناء الدولة والنهوض بالأمة .
وطيلة أكثر من عقد من الزمن حصل الانحراف بمسار الجزائر عن جادته الصحيحة بفعل اعتداء إجرامي لا سابق له استهدف من بين ما استهدفه من أغراض آثمة مقيتة محو المكاسب التي غنمها الشعب مقابل تضحيات جسام بل وأدهى من ذلك تقويض أركان الدولة الوطنية ذاتها .
وأدرك معظم الشعب الجزائري سريعا ان مثل هذا الاعتداء أراد أن يطال طبيعته وتاريخه وثقافته ومن ثم انبرى بصورة طبيعية واقفا له بالمرصاد ثم محاربا له إلى أن يدحره دحرا .
إن الشعب الجزائري تكبد حسا ومعنى مغبة هذه الفتنة الكبرى التي مني بها.
لقد بات من الحيوي بالنسبة للجزائريات والجزائريين والأسر الجزائرية أن يتساموا نهائيا فوق هذه المأساة التي لا تتمثل في مجادلات نظرية مجردة أو إيديولوجية يتعاطاها من يتحرك داخل القطر أو خارجه من النشطاء أو المنظمات .
إن هذه المسألة الحيوية تعني أمن ممتلكات الناس وأرواحهم وحتى أعراضهم أي كل ما له حرمة في نظر الإسلام و ما هو تحت حماية القانون وضمانه.
إن الجزائر تغلبت على هذه المحنة النكراء بفضل إصرار شعبها واستماتته في المقاومة التي كلفته فدية باهظة من الارواح والدماء من أجل بقاء الوطن.
وكانت نجاة الجزائر بفضل ما تحلت به من وطنية وبذلته من تضحيات وحدات الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن وكافة الوطنيين الذين اضطلعوا بصلابة وحزم بتنظيم مقاومة الأمة لمواجهة ذلكم العدوان الإجرامي اللاإنساني .
والشعب الجزائري مدين بالعرفان الى الأبد لارواح كل أولئك الذين استشهدوا من أجل بقاء الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .
إنه سيظل إلى جانب أسر شهداء الواجب الوطني وأسر ضحايا الإرهاب وذلك لأن تضحياتهم نابعة من قيم المجتمع الجزائري .
والدولة لن تدخر جهدا معنويا أو ماديا كي يستمر اعتبارها وتقديرها ودعمها لتلك الأسر وذوي الحقوق لقاء التضحيات المبذولة.
إن الشعب الجزائري شعب واحد وسيظل واحدا موحدا .والارهاب هو الذي استهدف الممتلكات والاشخاص وأتلف جزءا لا يحصى قدره من ثروات البلاد البشرية والمادية وشوه سمعتها في الساحة الدولية .
في الفتنة هذه تم تسخير الدين الحنيف وعدد من الجزائريين لأغراض منافية للوطنية .
فالإسلام من حيث هو مكون من المكونات الأساسية للهوية الوطنية كان على مر التاريخ خلافا لما يدعيه هؤلاء الدجالون العروة الوثقى التي تشد الشمل والمصدر الذي يشع منه النور والسلم والحرية والتسامح .
إن هذا الإرهاب الهمجي الذي ابتلى الشعب الجزائري وأصابه في مقاتله طيلة عقد من الزمن يتنافى مع قيم الإسلام الحق ومثل السلم والتسامح والتضامن الإسلامية.
والإرهاب هذا قد باء بالخسر على يد الشعب الجزائري الذي أبى اليوم إلا أن يتجاوز الفتنة وعواقبها الوخيمة ويعود نهائيا إلى سابق عهده بالسلم والأمن .
إن الإرهاب تم ولله الحمد دحره واستؤصل في سائر أرجاء البلاد فعادت إلى سابق عهدها بالسلم والأمن .
ولقد تيقن الجزائريون والجزائريات كل اليقين من أنه من دون عودة السلم والأمن لن يثمر أي مسعى من مساعي التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالثمار التي يتوخونها منه . واذا أنهم طالما افتقدوا هذا السلم وهذا الأمن فإنهم يقدرون بكل وعي ما لهما من أهمية ليس بالنسبة لكل واحد منهم فحسب بل وبالنسبة للأمة جمعاء .
وحتى يتسنى نهائيا تعزيز السلم والأمن لا مناص من أن نخوض اليوم مسعى جديدا قصد تحقيق المصالحة الوطنية لأنه لا سبيل إلى اندمال الجروح التي خلفتها المأساة الوطنية من دون المصالحة الوطنية.
إن المصالحة الوطنية غاية ينشدها الشعب الجزائري حقا وصدقا ذلك أنها مطلب غير قابل للتأجيل نظرا لما تواجهه الجزائر من تحديات التنمية العديدة.
إن الشعب الجزائري يعلم علم اليقين أن المصالحة الوطنية تعد بكل خير وأنها كفيلة بتعزيز ما في يد الجزائر الديمقراطية والجمهورية من مكاسب بما يخدم جميع مواطنيها .
إنه يعلم علم اليقين منذ أن اعتنق عن بكرة أبيه سياسة الوئام المدني التي قال كلمته فيها بكل سيادة .
إن سياسة الوئام المدني على غرار سياسة الرحمة التي سبقتها مكنت من تثبيت المسعى الشيطاني الذي كان يروم تشتيت شمل الأمة كما مكن من حقن الدماء واستعادة استقرار الجزائر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومؤسساتيا .
بسياسة إفاضة السلم والمصالحة ستستكمل الجهود المبذولة من قبل جميع مكونات الشعب الجزائري من أجل بقاء الجزائر .
وهاهو ذا الشعب مدعو اليوم إلى الإدلاء بكلمته حول بنود هذا الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية .
بتزكيته هذا الميثاق يجيز الشعب الجزائري رسميا الإجراءات الضرورية لتعزيز السلم وتحقيق المصالحة الوطنية بتزكيته هذه يؤكد عزمه على تفعيل ما استخلصه من عبر من هذه المأساة من أجل إرساء الأساسية التي ستبنى عليها جزائر الغد .
إن الشعب الجزائري المتمسك بدولة الحق والقانون وبتعهدات الجزائر الدولية يزكي ما يلي من الاجراءات الرامية إلى تعزيز السلم وتحقيق المصالحة الوطنية استجابة للنداءات التي طالما صدرت عن الأسر الجزائرية التي عانت من هذه المأساة الوطنية:
1 - عرفان الشعب الجزائري لصناع نجدة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .
إن الشعب الجزائري يأبى إلا أن يثنى على الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن وكافة الوطنيين والمواطنين العاديين ويشيد ما كان لهم من وقفة وطنية وتضحيات مكنت من نجاة الجزائر ومن الحفاظ على مكتسبات الجمهورية ومؤسساتها .
بمصادقته على هذا الميثاق بكل سيادة إن الشعب الجزائري يجزم أنه لا يخول لأي كان في الجزائر أو خارجها أن يتذرع بما خلفته المأساة الوطنية من جراح وكلوم أو يعتد به بقصد المساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أو زعزعة أركان الدولة أو وصم شرف جميع أعوانها الذين أخلصوا خدماتها أو تشويه
صورة الجزائر على الصعيد الدولي.
2 - الإجراءات الرامية إلى استتباب السلم :
أولا : إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد الذين سلموا أنفسهم للسلطات اعتبارا من 13 يناير 2000 تاريخ انقضاء مفعول القانون المتضمن الوئام المدني.
ثانيا : إبطال المتابعات القضائية في حق جميع الأفراد الذين يكفون عن نشاطهم المسلح ويسلمون ما لديهم من سلاح . ولا ينطبق إبطال هذه المتابعات على الأفراد الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الأماكن العمومية.
ثالثا :إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد المطلوبين داخل الوطن وخارجه الذين يمثلون طوعا أمام الهيئات الجزائرية المختصة ولا ينطبق إبطال هذه المتابعات على الافراد الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الاماكن العمومية.
رابعا : إبطال المتابعات القضائية في حق جميع الأفراد المنضوين في شبكات دعم الارهاب الذين يصرحون بنشاطاتهم لدى السلطات الجزائرية المختصة.
خامسا : إبطال المتابعات القضائية في حق الأفراد المحكوم عليهم غيابيا باستثناء أولئك الذين كانت لهم يد في المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الأماكن العمومية.
سادسا : العفو لصالح الأفراد المحكوم عليهم والموجودين رهن الحبس عقابا على اقترافهم نشاطات داعمة للإرهاب.
سابعا : العفو لصالح الأفراد المحكوم عليهم والموجودين رهن الحبس عقابا على اقترافهم أعمال عنف من غير المجازر الجماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الاماكت العمومية
ثامنا : إبداء العقوبات أو الإعفاء من جزء منها لصالح جميع الافراد الذين صدرت في حقهم أحكام نهائية أو المطلوبين الذين لا تشملهم إجراءات إبطال المتابعات أو إجراءات العفو السالفة الذكر .
3 الإجراءات الرامية الى تعزيز المصالحة الوطنية.
توخيا منه تعزيز المصالحة الوطنية فان الشعب الجزائري يبارك اتخاذ إجراءات ترمي الى تعزيز وحدته والقضاء على بذور البغضاء واتقاء الخروج عن جادة السبيل مرة أخرى .
أولا : إن الشعب الجزائري صاحب السيادة يزكي تطبيق إجراءات ملموسة ترمي الى الفرع النهائي للمضايقات التي لا زال يعاني منها الاشخاص الذين جنحوا الى اعتناق سياسة الوئام المدني واضعين بذلك واجبهم الوطني فوق أي اعتبار آخر.
ذلك أن هؤلاء المواطنين سعوا و لا زالوا يسعون سعيا مسؤولا في سبيل تعزيز السلم والمصالحة الوطنية رافضين ان تستغل الأزمة التي مرت بها الجزائر من قبل الأوساط المناوئة في الداخل وأذنابها في الخارج .
ثانيا : إن الشعب الجزائري صاحب السيادة يدعم كذلك ما يتخذ من إجراءات ضرورية لصالح المواطنين الذين تعرضوا عقابا لهم ما اقترفوه من أفعال لإجراءات إدارية اتخذتها الدولة في إطار ما لها من صلاحيات وترتب عنها فصلهم من مناصبهم وذلك قصد تمكينهم هم وأسرهم من تسوية وضعيتهم الاجتماعية تسوية نهائية .
ثالثا : إن الشعب الجزائري وإن كان مستعدا للصفح ليس بوسعه أن ينسى العواقب المأساوية التي جناها عليه العبث بتعاليم الإسلام دين الدولة.
إنه يؤكد حقه في الاحتياط من تكرار الوقوع في مثل تلك الضلالات ويقرر بسيادة حظر ممارسة أي نشاط سياسي تحت أي غطاء كان من قبل كل من كانت مسؤولية في هذا العبث بالدين.
إن الشعب الجزائري صاحب السيادة يقرر ايضا ألا يسوغ الحق في ممارسة النشاط السياسي لكل من شارك في |أعمال إرهابية ويصر رغم الأضرار البشرية والمادية الفظيعة التي تسبب فيها الإرهاب والعبث بالدين لأغراض إجرامية على رفض الاعتراف بمسؤوليته في تدبير وتطبيق سياسة تدعو إلى ما يزعم جهادا ضد الأمة ومؤسسات الجمهورية.
4 -إجراءات دعم سياسة التكفل بملف المفقودين المأساوي .
إن الشعب الجزائري يذكر بأن ملف المفقودين يحظى باهتمام الدولة منذ عشر سنوات خلت وهو محل عناية خاصة قصد معالجته بالكيفية المواتية.
ويذكر كذلك بأن مأساة الاشخاص المفقودين هى إحدى عواقب آفة الإرهاب التي ابتليت بها الجزائر .
وإنه يؤكد أيضا ان تلك الإفتقادات كانت في العديد من الحالات بفعل النشاط الإجرامي للإرهابيين الذين اعدو لأنفسهم حق الحكم بالحياة أو الموت على كل إنسان جزائريا كان أم أجنبيا .
إن الشعب الجزائري صاحب السيادة يرفض كل زعم يقصد به رمي الدولة بالمسؤولية عن التسبب في ظاهرة الافتقاد . وهو يعتبر أن الافعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال.
لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن .
تلكم هي الروح التي تحذو الشعب في تقرير ما يلي من الاجراءات الرامية الى تسوية ملف المفقودين تسوية نهائية .
أولا : تتحمل الدولة على ذمتها مصير كل الاشخاص المفقودين في سياق المأساة الوطنية وستتخذ الاجراءات الضرورية بعد الإحاطة بالوقائع .
ثانيا : ستتخذ الدولة كل الإجراءات المناسبة لتمكين ذوي حقوق المفقودين من تجاوز هذه المحنة القاسية في كنف الكرامة.
ثالثا : يعتبر الأشخاص المفقودين ضحايا للمأساة الوطنية ولذوي حقوقهم الحق في التعويض .
5 - الاجراءات الرامية الى تعزيز التماسك الوطني :
أولا : إن الشعب الجزائري يراعي كون المأساة الوطنية طالت الامة قاطبة وعاقت البناء الوطني ومست مساسا مباشرأو غير مباشر بحياة الملايين من المواطنين.
ثانيا : يعتبر الشعب الجزائري من الواجب الوطني اتقاء نشأة الشعور بالاقصاء في نفوس المواطنين غير المسؤولين عما أقدم عليه ذووهم من خيارات غيري محمودة العواقب.
ويعتبر أن المصلحة الوطنية تقتضي القضاء نهائيا على جميع عوامل الإقصاء التي قد يستغلها أعداء الامة .
ثالثا : يعتبر الشعب الجزائري أنه ينبغي للمصالحة الوطنية ان تتكفل بمأساة الأسر التي كان لأعضاء منها ضلع في ممارسة الإرهاب .
رابعا : يقرر الشعب الجزائري أن الدولة ستتخذ تدابير التضامن الوطني لصالح المعوزة من الأسر المذكورة والتي عانت من الارهاب من جراء تورط ذويها .
من خلال تزكيته لهذا الميثاق يروم الشعب الجزائري استتباب السلم وترسيخ دعائم المصالحة الوطنية .
ويعتبر أنه بات من واجب كل مواطن وكل مواطنة أن يدلي بدلوه في إشاعة السلم والامن وفي تحقيق المصالحة الوطنية حتى لا تصاب الجزائر مرة أخرى بالمأساة الوطنية التي تكبدتها وتعلن : « إننا لن نقع مرتين في مثل هذه البلية » . والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .
إنه يفوض لرئيس الجمهورية أن يلتمس باسم الامة الصفح من جميع منكوبي المأساة الوطنية ويعقد من ثمة السلم والمصالحة الوطنية .
لا يمكن للشعب الجزائري أن ينسى التدخلات الخارجية ولا المناورات السياسوية الداخليلة التي أسهمت في تمادي وتفاقم فظائع المأساة الوطنية .
إن الشعب الجزائري الذي يتبنى هذا الميثاق يعلن أنه يتعين منذ الآن على الجميع داخل البلاد أن ينصاعوا لإرادته . وهو يرفض كل تدخل أجنبي يرام به الطعن فيما قرره من خلال هذا الميثاق من اختيار بكل سيادة وفي كنف الحرية والديمقراطية.
إنه يؤكد أنه يتعين على كل مواطن وكل مواطنة أن يتولى دوره في مسعى البناء الوطني وذلك في كنف احترام ما يسوغه لكل واحد دستور البلاد وقوانينها من حقوق وواجبات.
إن الشعب الجزائري يعلن أنه عقد العزم على الدفاع من خلال سائر مؤسسات الدولة عن الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وكذا عن نظامها الديمقراطي التعددي ضد كل محاولة للزج بها في متاهة التطرف أو معاداة الأمة .
وإذ يؤكد تصميمه على ترسيخ قدم الأمة في الحداثة فانه يعلن عن عزمه على العمل من أجل ترقية شخصيته وهويته .
إن الشعب الجزائري يجعو كل مواطن وكل مواطنة إلى الإسهام في توطيد الوحدة الوطنية وترقية وتعزيز الشخصية والهوية الوطنيتين وإلى الحفاظ على ديمومة ما جاء في بيان ثورة أول نوفمير 1954 من قيم نبيلة عبر الأجيال .
ولما كان مقتنعا بأهمية هذا المسعى الذي سيجعل الآجيال اليتية في مأمن من مخاطر الابتعاد عن مرجعياتها وثقافتها فإنه ينبط بمؤسسات الدولة اتخاذ جميع الاجراءات الكفيلة بالحفاظ على الشخصية والثقافة الوطنيتين وترقيتهما من خلال إحياء مآثر التاريخ الوطني والنهوض بالجوانب الدينية والثقافية واللسانية .
إن الشعب الجزائري يصادق على هذا الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية ويفوض لرئيس الجمهورية اتخاذ جميع الإجراءات قصد تجسيد ما جاء في بنوده».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.