«قلب من زجاج» هو ديوان شعر صدر حديثًا للشاعرحامد أبو طلعة عن (نادي الجوف الأدبي الثقافي). ويعتبر (أبو طلعة) أحد الشعراء السعوديين المعاصرين القلائل، المحافظين على الشكل (الكلاسيكي) للقصيدة العربية في بنيتها الخارجية (العمودية) لكنه امتاز عن غيره بتصرفه في البنية (الداخلية) لها وذلك وفق رؤية فنية خاصة به، كما سبق أن وصفه الشاعر والناقد علاء حسين الأديب – أستاذ الأدب والنقد بجامعة المستنصرية ببغداد – ذات مرة بقوله إنه (من شعراء القصيدة الكلاسيكية العمودية التي تزخر بمظاهر الأصالة العربية من النواحي البنيوية لهذا النوع من القصائد إلا أن المختلف الذي ميزه عن بقية أقرانه شعراء هذا العصر هو ما امتاز به من محاولة الدمج بين أصالة روح القصيدة وحداثة السرد الشعري). وبما أن كلام (علاء حسين) عن (أبو طلعة) كشاعر قد جاء منصباً – في مجمله – على نواح بنيوية وهيكلية وتكاملية للنص ككل، إلا أننا نجد في (البنية التفكيكية) لنصوص هذا الديوان تأثراً واضحاً بلغة (القرآن الكريم). وأمثلة ذلك كثيرة في نصوص الديوان نذكر منها على سبيل المثال: 1-. قوله من قصيدة بعنوان «النفس الأمَّارة بالشوق»: ما بين نفسٍ لم تزلْ أمَّارة بالشّوْقِ تجعل خافقي كالمِرْجَلِ وحبيبةٍ جبَّارةٍ لمَّا تزلْ كالموج تولج آخراً في أوَّل 1. قوله من قصيدة تحت عنوان «جذوع الأماني»: أهزُّ بجذْع الأماني فما تُساقطُ غير الأسى والبُكاءْ 1. قوله من قصيدة أخرى جاءت تحت عنوان «بأس السكوت»: لا يجرمنك في الرضا شنآن من يبغونها تمضي خلاف الواجب 1. قوله في مطلع قصيدة بعنوان «صُواع الكيد»: دسَّتْ صُواع الكيد بين متاعي إذْ أذَّنتْ في الناس أين صُواعي 1. قوله من قصيدة جاءت تحت عنوان «طينة الخيال»: تبتْ يداها استحكمت حلقاتُها حتى ظننّا أنَّها لا تفُرجُ وهذا البيت- فضلاً عن كونه أنه تناص مع بيت عربي شهير من تراثنا الشعري العربي القديم – إلا أنه في الوقت ذاته اقتباس واضح. 1. القصيدة التي عنونها الشاعر ب (أضغاث شوق) ما هي – في الحقيقة – إلا اقتباس، قام الشاعر باقتباس فكرتها من القرآن الكريم. معنى هذا كله أن (حامد أبو طلعة) شاعر متأثر بالبيئة المحيطة به، وأن لغته ذات طابع ديني. والشاعر – كما يقول النقاد – ابن بيئته! كيف لا، وهو أحد الشعراء الذين ترعرعوا ونشأوا في (البلد الحرام) مهبط الوحي، المهد الأول للإسلام وانبثاق الرسالة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم؟! ولذلك جاءت لغته مزيجاً استمد شكله ومضمونه من الأصالة والمعاصرة، والمراوحة فيما بينهما على نحو متميز، يؤكد العلاقة القائمة بين (قدسية اللغة) وأصالتها من جهة ، وبين (شعريتها) والروح المعاصرة للقصيدة العربية في عصرها الراهن من جهة أخرى.