اعترف مصدر أمني سوري، أمس، بأن قوات نظام بشار الأسد تسلمت من موسكو "طائرات استطلاع ومقاتلات". فيما قال مسؤولان أمريكيان، الإثنين: إن روسيا بدأت تنفيذ مهام استطلاع بطائرات بدون طيار في أجواء سوريا، فيما يبدو كأول عمليات عسكرية جوية لموسكو داخل سوريا منذ أن عززت وجودها العسكري في قاعدة جوية هناك. في وقت شكلت انتكاسات جيش النظام ازعاجا للكرملين ما دفع موسكو لتعزيز وجودها العسكري في سوريا. وأفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس، الثلاثاء، أن جيش النظام تسلم في الأيام الماضية من حليفته روسيا خمس طائرات مقاتلة على الأقل، وكذلك طائرات استطلاع ومعدات عسكرية لمساعدته على محاربة تنظيم داعش. وقال المسؤول الكبير رافضاً الكشف عن اسمه: "لقد تسلم جيشنا من موسكو خمس مقاتلات على الأقل، وطائرات استطلاع تساهم في تحديد أهداف بدقة عالية وكذلك معدات قتالية متطورة لمحاربة تنظيم داعش» وهناك مؤشرات على أن زيادة الدعم العسكري الروسي بدأ يؤتي ثماره. وقال مصدر عسكري سوري، الخميس الماضي: إن جيش النظام بدأ مؤخراً في استخدام أنواع جديدة من الأسلحة الجوية والبرية التي قدمتها روسيا. كما وردت تقارير غير مؤكدة عن قصف سلاح الجو السوري لأهداف بشكل أعنف وأكثر دقة. ويقول مراقبون متابعون للأزمة السورية: إن خطة موسكو تقوم على مساعدة القوات الموالية للأسد على التماسك واستعادة الأراضي التي خسرتها وتعزيز معقل أنصاره من الطائفة العلوية، بحيث إذا طرد من دمشق تستطيع روسيا مساعدته على الصمود هناك. وقال ديمتري ترينين وهو كولونيل سابق بالجيش الروسي ومدير مركز كارنيجي في موسكو: "أعتقد أن خطة موسكو الأساسية هي مساعدة بشار على البقاء في دمشق." "(أما) الخطة البديلة، فإنها ستنفذ إذا سيطر تنظيم داعش على دمشق واضطر الأسد للجوء إلى اللاذقية. عندئذ سيساعده الروس هناك. سيركزون على شكل سوريا في المستقبل." طائرات استطلاع وفيما يسلط بدء موسكو رحلات مستخدمة طائرات بدون طيار الضوء على المخاطر التي قد يسببها قيام طائرات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة وطائرات روسية بعمليات في المجال السوري المحدود دون الاتفاق على تنسيق أو أهداف في الحرب الأهلية السورية. وللبلدين اللذين كانا غريمين أيام الحرب الباردة عدو مشترك، الآن هو تنظيم داعش في سوريا، لكن واشنطن تعارض دعم موسكو لرئيس النظام بشار الأسد، وترى أنه السبب الرئيسي في الحرب الأهلية المستمرة من أربع سنوات ونصف. ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية التعليق خلال إفادة صحفية، حين سئلت عن تقرير رويترز، وقالت: إنه لا يمكنها مناقشة أمور تتعلق بالمخابرات. لكن الوزارة قالت: إنها "على دراية كاملة" بما يجري على الأرض في سوريا. واعترف البيت الأبيض، أن نوايا موسكو ليست واضحة وأن آفاق زيادة الدعم العسكري الروسي للأسد تبعث على القلق. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست: "لقد أوضحنا جهراً وسراً، أن زيادة الدعم للأسد رهان خاسر." وقال مسؤول أمريكي اشترط عدم نشر اسمه: إن عدد الطائرات الروسية ذات الأجنحة الثابتة التي يقودها طيارون روس في القاعدة الجوية قرب اللاذقية معقل الأسد، قد زاد بشكل كبير خلال الأيام الماضية. وشمل ذلك قيام روسيا بنشر 12 طائرة هجومية متقدمة من الطراز فنسر و12 مقاتلة من النوع فروجفوت تستخدم للدعم الجوي القريب. هذا غير الدفعة الأولى من المقاتلات الروسية التي نشرت الأسبوع الماضي. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في مطلع هذا الأسبوع: إن الولاياتالمتحدة ترحب بمشاركة روسيا في التصدي لتنظيم داعش في سوريا. لكنه قال: إن أزمة اللاجئين التي تزداد سوءاً تؤكد الحاجة لإيجاد حل وسط قد يؤدي أيضا لتغيير سياسي في البلاد. من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، الثلاثاء: إن بريطانيا لم تناقش مع روسيا مسألة التحرك العسكري في سوريا، مضيفاً أن التحرك الروسي هناك في الأسابيع الأخيرة زاد الوضع تعقيداً. وقال فالون أمام المعهد الملكي للخدمات المتحدة وهو وكالة بحثية معنية بالدفاع والأمن: "لم نناقش مع الروس العمليات العسكرية ضد داعش في سوريا." وأضاف: "من الواضح أن التحرك الروسي في الأسابيع القليلة الماضية من نشر سفن وطائرات في المنطقة يزيد من تعقيد وضع معقد جدا بالفعل." وقتلت الحرب الأهلية في سوريا ما يقدر بنحو ربع مليون شخص، ولا يزال كثيرون يهربون من منازلهم بعدما فر أربعة ملايين لاجئ إلى خارج البلاد ونزح 7.6 مليون داخلها. استمرار الدعم وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستمرار دعم بلاده العسكري لبشار الأسد، وهو دعم تقول روسيا، إنه متوافق مع القانون الدولي. ولم يتضح أيضا، إن كانت موسكو ستستهدف في نهاية المطاف قوات المعارضة التي تدعمها الولاياتالمتحدة في سوريا، وترى فيهم موسكو خطرا على الأسد مثل متشددي تنظيم داعش. واتفق قادة عسكريون أمريكيون وروس، يوم الجمعة الماضي، على البحث عن سبل لتجنب أي تداخل غير مقصود. لكن تلك المناقشات وصفت بأنها لا تزال في البداية. ولم يتضح إن كانت المحادثات الأمريكية الروسية قد تكتسب زخما إضافيا، خاصة بعدما بدأت موسكو رحلات الطائرات بدون طيار. وقال المسؤولان الأمريكيان: إن العمليات الروسية بهذا النوع من الطائرات نفذت على ما يبدو انطلاقاً من قاعدة عسكرية قريبة من مدينة اللاذقية التي نقلت إليها موسكو معدات عسكرية ثقيلة بينها مقاتلات وطائرات هليكوبتر مقاتلة وقوات من مشاة البحرية، خلال الأيام الماضية. وأضاف المسؤولان الأمريكيان، أنه لم يتضح على الفور عدد الطائرات الروسية بدون طيار التي تشارك في مهام الاستطلاع أو نطاق مهامها. وفي وزارة الخارجية الأمريكية اعترف المتحدث باسم الوزارة جون كيربي بوجود بواعث قلق من إرسال مثل هذه الطائرات الروسية إلى سوريا، قائلا: إنها زادت من تساؤلات بشأن ما إذا كان هدف موسكو في المقام الأول محاربة تنظيم داعش أم "دعم نظام الأسد". الاتفاق مع إسرائيل ويأتي الكشف عن أحدث التحركات الروسية داخل سوريا في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل عن اتفاق لتنسيق الأعمال العسكرية بشأن سوريا بغرض تجنب أي تبادل غير مقصود لإطلاق النار. وتوصل بوتين ونتنياهو إلى اتفاق، الإثنين، خلال محادثاتهما في روسيا فيما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن المحادثات شملت تجنب احتكاك بين طائرات الجيشين فوق سوريا. وقال نتنياهو بعد اللقاء، بحسب بيان صدر عن مكتبه، ليل الإثنين/ الثلاثاء: إن "المحادثات تمحورت أولا حول المسألة التي بحثتها بخصوص سوريا، وهي مهمة جداً لأمن إسرائيل". وأضاف: إن "المحادثات كانت جوهرية وتم الاتفاق أيضا على آلية مشتركة لمنع أي سوء تفاهم بين قواتنا". ويخشى مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن يؤدي التواجد الجوي الروسي إلى قطع هامش مناورتهم بعد الحديث عن عدة ضربات استهدفت عمليات نقل أسلحة إلى حزب الله عبر سوريا في الأشهر الماضية ولم تعترف بها السلطات الإسرائيلية رسميا. وتعارض إسرائيل نظام الأسد، لكنها تحاول أن تبقى بمنأى عن النزاع في سوريا. كما تخشى إسرائيل إمكانية أن تضاعف إيران من دعمها لحزب الله وتنظيمات مسلحة أخرى في سياق الرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على طهران بموجب الاتفاق النووي الذي أبرم في يوليو الماضي، مع القوى الكبرى التي كانت موسكو بينها. وقبل محادثاته مع بوتين، الإثنين، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضا على أهمية أن توقف سورياوإيران تسليم الأسلحة لحزب الله، متهماً هذين البلدين بأنهما يريدان "فتح جبهة ثانية" ضد إسرائيل. من جهته، أكد الرئيس الروسي أن السياسة الروسية في الشرق الأوسط "كانت على الدوام وستبقى مسؤولة جدا"، وقلل من أهمية التهديد الذي يمكن أن تشكله القوات السورية لإسرائيل. ورقة دبلوماسية ويمثل تعزيز الوجود العسكري الروسي في سوريا بالنسبة لبوتين ورقة دبلوماسية محتملة وطريقة عملية لتحويل الأنظار بعيدا عن الصراع المجمد في أوكرانيا. لكنه يمثل أيضا إدراكا مشوبا بالذعر بأن حكومة الأسد تواجه انتكاسات في ميادين القتال بشكل يقيد يد الكرملين. وقال دبلوماسيون ومحللون: إنه عندما رأى الكرملين خلال الأشهر الماضية تراجع قوات النظام على عدة جبهات بوتيرة تهدد الأسد -أقرب حلفاء موسكو في الشرق الأوسط- قرر بهدوء إرسال المزيد من الرجال والعتاد والمدرعات. وقال إيفان كونوفالوف مدير مركز دراسات الاتجاهات الاستراتيجية في موسكو: "كان الموقف على الجبهة خطيراً جداً، إن لم يكن حرجاً... المساعدة العسكرية كانت مطلوبة على نطاق واسع.. وروسيا استجابت." واتفق دبلوماسيان يتابعان الوضع في سوريا عن كثب مع كونوفالوف، وقالا: إن الكرملين تابع بانزعاج متزايد انتكاسات قوات النظام في مواجهة الجماعات المتشددة مثل تنظيم داعش. وقال أحد الدبلوماسيين: "الروس يسعون للحد من الضرر." وقال أندرو فايس وهو خبير في شؤون روسيا عمل لدى اثنتين من الإدارات الأمريكية: إن الكرملين يخشى "أن يكون النظام أصبح في وضع صعب." وترى روسيا في الأسد -الذي دعمه بوتين طوال فترة الصراع حليفا وثيقا للكرملين وحائط صد في مواجهة التطرف. وفي حالة إسقاط الأسد تخشى موسكو من أن ذلك قد يؤدي إلى عودة كثيرين من مقاتلي التنظيمات المتشددة -الذي توافد آلاف منهم من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق على سوريا- مما يثير الاضطرابات في جنوبروسيا بمنطقة القوقاز التي تقطنها أغلبية من المسلمين. أسوأ شخص في العالم وكتب المعلق أوليج أودنوكولينكو في صحيفة نيزافيسيمايا جازيتا، الأسبوع الماضي: "ربما يرى المجتمع الدولي في الأسد أسوأ شخص في العالم. لكن ما دامت قواته تتصدى لتنظيم داعش.. فإنه سيضمن الحصول على دعم روسيا العسكري." وقال مصدر أمني غربي طلب عدم نشر اسمه: إن موسكو تؤكد بكل وضوح أنها لن تسمح بسقوط الأسد. وأضاف: "الروس يبعثون برسالة مفادها أن الأسد سيبقى في السلطة في الوقت الراهن." هذا الوضع أحدث خلافا بين موسكووالولاياتالمتحدة التي تقود تحالفا يشن حملة جوية على تنظيم داعش في سوريا والعراق منذ العام الماضي، بينما تؤكد واشنطن في الوقت نفسه أن وجود الأسد يزيد الموقف سوءاً. ويدعم حلفاء واشنطن فصائل مسلحة تقاتل تنظيم داعش وقوات الأسد في نفس الوقت. وتحدث وزيرا الدفاع الأمريكي والروسي، الجمعة، للمرة الأولى منذ أكثر من عام، حيث ناقشا الأزمة في سوريا بينما تسبب تعزيز روسيا لوجودها العسكري في سوريا في زيادة احتمالات حدوث مواجهة في الميدان بين غريمي الحرب الباردة السابقين. وكل يوم تزداد الأدلة على اندفاع الكرملين في هذا الطريق، حيث يرصد المسؤولون الأمريكيون دبابات وقطع مدفعية وطائرات هليكوبتر فضلا عن تسليم شحنات عتاد عسكري أكبر حجما وبوتيرة أسرع. شعبية بوتين لكن سيكون على بوتين الذي لا يزال يتمتع بشعبية داخل روسيا رغم أزمة اقتصادية تزداد عمقا أن يتحسس خطواته في سوريا. وتظهر استطلاعات للرأي أن الروس سئموا من أنباء الصراع في أوكرانيا ولا يريدون على الأرجح رؤية تدخل كبير في الشرق الأوسط. وأدى تعزيز الوجود العسكري في سوريا -الذي لم ينجم عنه حتى الآن سقوط ضحايا روس- إلى نوع من التململ في صفوف الناخبين الذين يركزون أكثر على ضعف العملة الوطنية (الروبل) وارتفاع الأسعار. كما لا توجد مؤشرات على أن الجيش الروسي يعاني ضغوطا بسبب اتساع نطاق انتشاره. وبالنسبة لموسكو فإن لسوريا أهمية استراتيجية هائلة. فقاعدتها البحرية في طرطوس هي المنفذ الوحيد للروس على البحر المتوسط وتمثل حمايتها هدفا استراتيجيا. وعرفت حكومة الأسد لعقود كأحد أفضل مشتري السلاح الروسي، ووجودها العسكري هناك يعزز نفوذها في المنطقة. ومن ثم إذا سقط الأسد، فإن هذا النفوذ سيتلاشى بين عشية وضحاها، وستهتز سلطة بوتين على الصعيد الدولي أكثر خاصة مع اهتزازها أصلا، بسبب تصرف بلاده في أزمة أوكرانيا. وقال أحد الدبلوماسيين: "يخشى الروس أيضا أن يؤدي غيابهم عن المشهد في سوريا وسقوط النظام إلى إخراجهم من محاولات الحل." وقلل الكرملين من أهمية تعزيز الوجود العسكري في سوريا، وقال: إنها فقط تفي بسياسة قائمة منذ فترة طويلة لإمداد الأسد بالأسلحة والمستشارين لمساعدته على هزيمة تنظيم داعش. وتنفي روسيا تقارير بأن قواتها تشارك في عمليات قتالية إلى جانب قوات الأسد، لكنها قالت، إنها ستدرس أي طلب إذا تلقته. خطة بديلة ويبدو أن مطاراً قريباً من معقل الأسد في اللاذقية يمثل جوهر خطط الكرملين. ووفقا للبيت الأبيض، فإن الروس وسعوا في الفترة الأخيرة مدارج المطار وأحضروا نظما جديدة للملاحة الجوية ومكونات لأنظمة دفاع جوي. وأثارت الدفاعات الجوية بصفة خاصة الدهشة في الولاياتالمتحدة، إذ لا يملك تنظيم داعش ولا غيره من الفصائل الأخرى طائرات وبالتالي فإن العدو المحتمل الوحيد الذي يملك طائرات تحلق في أجواء المنطقة ليس سوى واشنطن وحلفائها. وقد يتحول المطار وقت الحاجة إلى قاعدة عسكرية مكتملة التجهيز وهو شيء لم يستبعده قادة الجيش الروسي. ويقول مسؤولون أمريكيون: إن المطار في مرحلة ما استقبل طائرتي شحن عسكريتين. وتستخدم الطائرات المجال الجوي لكل من إيران والعراق للوصول إلى سوريا. ويقول مسؤولون أمريكيون: إن روسيا أرسلت دبابات وقطع مدفعية ومعدات أخرى، لتعزيز المطار بالإضافة لنحو مائتين من مشاة البحرية. وتعود صلات روسيا الوثيقة بالحكومة السورية للحقبة السوفيتية حينما اعتمدت على الرئيس الراحل حافظ الأسد -والد بشار- كأحد أهم حلفائها. وحتى قبل تلك الدفعة الأخيرة من التعزيزات كان لروسيا مجموعات من المستشارين العسكريين والمدربين على الأراضي السورية.