يشكل اليوم علامة فارقة في التاريخ، فهو ذكرى تأسيس حضارة مجيدة نشأت على قيم إسلامية أصيلة استعادت أمجاد أمتنا الاسلامية العريقة ورسخت مبادئها، وأثبتت أن هذه البقعة من العالم تبقى دائما مصدر إشعاع وخير ونماء طالما تمسكت بتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة. في مثل هذا اليوم وضع المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- أسسا متينة شكلت مناخا ملائما لانطلاق مسيرة تنموية ونهضة شاملة وضعت بلادنا في فترة وجيزة في مصاف دول العالم المتقدمة في مختلف الميادين، محافظة في نفس الوقت على هويتها الإسلامية الأصيلة وتقاليدها العربية العريقة. في مثل هذا اليوم اكتملت إحدى أهم ملاحم العصر الحديث، والتم شمل الوطن تحت راية التوحيد في قصة كفاح وعطاء شكلت مصادر إلهام لأجيال متعاقبة. وفي مثل هذا التاريخ اكتمل توحيد البلاد، وانطلقت مسيرة البناء، وقامت على أرض هذه البلاد مسيرة تنموية ونهضوية شاملة شملت جميع القطاعات والمجالات التعليمية والصناعية والزراعية والخدمية، وجعلت المواطن السعودي هدف هذه التنمية التي سابقت الزمن، ورسمت معالم حضارية جمعت بين أصالة التراث وديناميكية الحاضر ومتغيراته، كما تهيأت للمستقبل ببصيرة نافذة تستشرف الآفاق وتستنير الطريق. ووصولا للعهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بمؤازرة ولي عهده الامين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، فإن البلاد شهدت تحولات استراتيجية رسخت أمنها واستقرارها، ودفعت عجلة التنمية بشكل غير مسبوق، ووضعتها على أرضية صلبة، واقتصاد متين، ووحدة اجتماعية راسخة. فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين في بداية عهده الزاهر عددا كبيرا من الأوامر الملكية التي لامست احتياجات الوطن، وأكدت انتقال مسيرة البناء إلى آفاق جديدة من الإبداع، واستهدفت رفع كفاءة الأداء وتحقيق الجودة الشاملة ومواكبة التطورات والمتغيرات المتسارعة التي طرأت على كل المجالات. وأكدت هذه الأوامر الملكية الكريمة أن بلادنا -حرسها الله- تسير ثابتة الخطى راسخة الدعائم، وحملت دلالات واضحة، أهمها اختصار الهياكل الإدارية، بما يضمن الحد من البيروقراطية ويؤكد على التنسيق والتكامل في اتخاذ القرارات، ويختصر الوقت والجهد ويضمن سرعة التنفيذ، كما راهنت القرارات على شباب الوطن، ما يمنح العمل الإداري رؤية شابة طموحة وتواقة إلى الإنجاز، واعتبرت المواطن هو العامل الأهم، وركزت على البُعد الاجتماعي. وكان تأسيس مجلس الاقتصاد والتنمية؛ لتحقيق الكفاءة واستثمار القدرات الاقتصادية لخدمة المتطلبات التنموية وحاجات المواطن بشكل يحقق أعلى معدلات الجودة والكفاءة. كما أن تأسيس المجلس السياسي يأتي مواكبا للدور الإقليمي والعالمي الذي تلعبه المملكة انطلاقا من مكانتها وثقلها السياسي إضافة إلى مكانتها الاقتصادية. كما انطلقت من أرض السلام عاصفة الحزم، التي قادتها بلادنا انطلاقاً من ثوابتها ومبادئها الأصيلة في الانحياز للحق ومناصرة القضايا العادلة ومساندة الشعوب العربية والإسلامية والمحافظة على استقرار المنطقة وأمنها بل والأمن والسلم الدوليين وتأكيد مكانة المملكة وقوتها. ومع تنوع القرارات وتعدد الإنجازات، إلا أن هذا العهد الزاهر واصل دعمه الكبير ومساندته المستمرة لقطاع التعليم، وهو ما يعكس أهمية التعليم باعتباره أهم قطاعات الاستثمار في أبناء هذه البلاد، وتوطين الخبرات والمهارات للوفاء بمتطلباتنا التنموية. فقد شهد التعليم تغييرا مهما من خلال دمج وزارتي التربية والتعليم بالتعليم العالي؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنسيق في العملية التعليمية، وييسر انتقال الطلاب من مرحلة التعليم العام إلى مرحلة التعليم الجامعي، ويحسن مستوى مدخلات المرحلة الجامعية، وهو ما ينعكس على جودة مخرجاتها وزيادة قدرتها على الوفاء بالاحتياجات المتجددة والمتطورة لسوق العمل، ويضمن جودة التعليم ومواكبته لاحتياجاتنا التنموية. وفي الختام، أدعو الله العلي القدير أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يُديم على بلادنا أمنها واستقرارها وعزها في ظل القيادة الحكيمة لحكومتنا الرشيدة.. إنه نعم المولى ونعم النصير.