ثلاثون أمرا ملكيا لامست احتياجات الوطن، لم تقتصر أهميتها على نوعية القرارات، بل جاءت في توقيت مهم، لتمنح البلاد دفعة كبيرة في بداية عصر زاهر جديد استهله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - بأضخم تغيير إداري مر على بلادنا في عصرها الحديث. عبرت القرارات عن إدراك عميق ورؤية حكيمة لطبيعة المرحلة المقبلة وأكدت متانة الاقتصاد وأننا في مرحلة جديدة تعتمد الكفاءة والجودة. كما أعلنت أننا ندخل عهدا زاهرا جديدا، سيشهد العديد من الإنجازات التنموية التي تجعل من المواطن محورها الرئيس وتؤسس لمرحلة جديدة من التنمية والتقدم والرخاء للوطن والمواطنين. إن بلادنا تقف على أرضية صلبة، واقتصاد متين، ووحدة اجتماعية راسخة، وقد استطاعت خلال السنوات الماضية بناء قدرات ضخمة في مختلف المجالات، ومع القرارات الملكية الجديدة ننتقل من مرحلة بناء القدرات إلى مرحلة التركيز على الكفاءة باعتماد نهج إداري حكيم وقادر على الاستفادة من المدخلات بالشكل الأمثل لتعظيم المخرجات والمكتسبات، وتحقيق أعلى الفوائد. لقد حملت القرارات الملكية دلالات واضحة، أهمها: اختصار الهياكل الإدارية في عدد من القطاعات المهمة وإعادة هيكلة عدد كبير من المجالس في مجلسين، بما يضمن الحد من البيروقراطية وتناسق القرارات ويختصر الوقت والجهد ويضمن سرعة التنفيذ ويدفع مسيرة التنمية في كل المجالات إلى آفاق جديدة ومراحل متطورة. كما راهنت القرارات على شباب الوطن، ما يمنح العمل الإداري رؤية شابة طموحة وتواقة إلى الإنجاز ، واعتبرت المواطن العامل الأهم، وركزت على البعد الاجتماعي. ويأتي تأسيس المجلس التنموي لتحقيق الكفاءة، واستثمار القدرات الاقتصادية الضخمة والوفرة المالية لخدمة المتطلبات التنموية وحاجات المواطن بشكل يحقق أعلى معدلات الجودة والكفاءة. كما أن المجلس السياسي يأتي مواكبا للدورين الإقليمي والعالمي اللذين تلعبهما المملكة انطلاقا من مكانتها الدينية بصفتها قبلة المسلمين، ومن ثقلها السياسي الذي ينطلق من سياستها الداعمة للسلام والأمن العالمي، إضافة إلى مكانتها الاقتصادية كونها الاقتصاد الأكبر في المنطقة. وشهد التعليم تغييرا مهما من خلال دمج وزارتي التربية والتعليم بالتعليم العالي، ونأمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التنسيق في العملية التعليمية وييسر انتقال الطلاب من مرحلة التعليم العام إلى مرحلة التعليم الجامعي ويحسن مستوى مدخلات المرحلة الجامعية وهو ما ينعكس على جودة مخرجاتها وزيادة قدرتها على الوفاء بالاحتياجات المتجددة والمتطورة لسوق العمل ويربط مخرجات المستويين التعليميين ببعضهما، بالشكل الذي يضمن جودة التعليم ومواكبته لاحتياجاتنا التنموية. إن استمرار تطوير التعليم من خلال القرارات الملكية التي تستهدف هذا القطاع وجعله مواكبا للتطورات التي تشهدها بلادنا يعد مؤشرا على اهتمام القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ودعم ومؤازرة ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز - حفظهم الله - بالتعليم وهو اهتمام يصدر عن اقتناع عميق بدور هذا القطاع الحيوي في إعداد الكوادر البشرية الملتزمة بالمبادئ الرفيعة والمحافظة على القيم الفاضلة والمواكبة لأحدث مستجدات العصر والواعية لدورها في نهضة الوطن والمشاركة في مسيرة التنمية الشاملة. كما يعكس أهمية هذا القطاع الحيوي باعتباره أهم قطاعات الاستثمار في أبناء هذه البلاد وتوطين الخبرات والمهارات للوفاء بمتطلباتنا التنموية، وسوف يساعد هذا الدعم مؤسسات التعليم العالي على تحديث العملية التعليمية والوصول إلى معايير الجودة العالمية وإقامة شراكة فاعلة مع قطاعات المجتمع المحلي والمراكز العلمية العالمية، ويعمق الارتباط بين عملية التعلم واحتياجات سوق العمل ومواجهة التحديات المعرفية التي يطرحها التقدم التقني وتعزيز دور المؤسسات التعليمية في بناء مجتمع المعرفة. كما أن تعيين معالي الدكتور عزام بن محمد الدخيل وزيراً للتعليم يعتبر دافعاً آخر لقطاع التعليم نحو مزيد من التميز، باعتبار معاليه من الكفاءات ذات الرؤية الشاملة، وهو ما يوفر دفعة كبيرة للتعليم تتماشى مع النهضة التعليمية الكبيرة التي تشهدها بلادنا كما ونوعا. ويساعد مؤسسات التعليم الجامعي على تحقيق رسالتها وأداء دورها الحيوي وتحقيق نقلة نوعية في التعليم الجامعي، سائلين الله - تعالى - له التوفيق والنجاح في مهمته العظيمة. إن شمولية هذه القرارات وأبعادها الاستراتيجية تحملنا مسؤولية كبيرة في مضاعفة الجهد الصادق والعمل المخلص حتى نكون في مستوى هذه الرؤية الحكيمة لتحقيق المزيد من الرخاء والازدهار للوطن الغالي. وفي الختام ندعو الله - تعالى - أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ، وأن يديم على بلادنا أمنها واستقرارها .. إنه ولي ذلك والقادر عليه. د.مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن