تهت «يابا» أكلت الشمس اللاهبة رأسي، وعصتني قدماي، تسمّرت من الوجع، لم يبق إلا الشوق إليك حتى لو كنت في قبر من الحجارة، دلني إلى طريقك، أعرف أنك لست وليًّا، فقط أنت القاسي طيلة الوقت، الحنون عند الوجع. وجعي «يابا» سامحت قسوتَك، أعلم أنك مجبور عليها، ربما لم تكن تملك وسيلة غيرها لمواجهة طوفان الظلم الذي لا راد له، وأهديتك ونفسي سلامًا يجمعنا. لم أرث قسوتك ولا صلابتك، ولم أتخذ من الانتقام أسلوب حياة، عرفت ما لم تحط به حبًّا، الرضا بما قدر رب العباد، تصالحت مع الحياة فجئتك أتلمس طريقي، لن أشكو لك ما فعله بي زمن لم يرحمك، وأكمل ما بقي من صفحات كتابك فوق رأسي، ألا يشفع حنيني إليك هاديًا، يشتاق قلبي الائتناس، أعلم أنك تسمعني، تحس خطواتي، تبادلني الرغبة في لقاء صار بعيدًا. جاءني صوته: خذ الهمة بأقوى ما في قلبك أيها المكتوب عليك ذات القدر، يا ابن اللين والأسى، فقسوة الأب العاجز حيلة للحياة، امضِ دون أن تنظر خلفك، ستجدني أمامك. غاضب أنت يا أبي حتى في أحلامي، بالأمس رأيتك تطلب مني ثوبًا يستر عورتك، منحتك جلبابي، لم يكن بحجم طولك، وكلما جذبته تمزق، فزعت، جئت أروي صبارًا يزيد صبري على ميراثي، ورطبت جدرانًا تضمك تحتها، وبادلتك ضحكات لم نعشها قبلًا، لم تكن الابتسامة تعرف وجهك، كنت عبوسًا، تعتقد أن الصرامة تصنع الرجال، لن أنسى حنانك المستتر تخبئه في صحوي وتمطرني به حين المرض والسفر والنوم، لن أسأل: أيمكن أن يكون للآباء القساة كرامات؟ يودعني الصوت الغائب: للمحبة كرامات، للمحبة كرامات يا بني.