عندما يكون هاجس المسؤولية الاجتماعية حاضرا في ترتيب الأولويات والأنشطة فهو "مطلب" وللأمانة فهو يستحق الإشادة , وعندما تكون محاور هذا النشاط والتفاعل الخيري حاضرة من خلال تنفيذ تطبيقات عملية لطموح ونهج "المحافظة على البيئة" , فالمجتمع هنا على موعد - طال انتظاره - لواقع التناغم بين "روح" الثقافة والتوعية البيئية النظرية مع "جسد" التطبيقات العلمية البيئية ذات المردود الإيجابي على دعم حضور ودور الفرد في مجتمعه, والمحصلة هي مواكبة مسيرة التنمية الشاملة، وكذلك المستدامة في هذا الوطن. ولست هنا - في هذا المقام - بصدد التعريف بالمسمى وطبيعة العمل والأهداف لجمعية خيرية لها رسالتها و قيمها في ربوع المنطقة الشرقية. فالطرح هنا يدور في فلك إمكانية تعميم الرؤية العملية والتوجه الجاد في جميع أنشطة ومشاريع المنظومات والجمعيات الخاصة والخيرية لخدمة تطبيقات البيئة والثروات الطبيعية والمحافظة عليها من مخاطر التلوث البيئية والصحية. تعمل جمعية "ارتقاء " الخيرية على إعادة تدوير وتأهيل الحاسبات الآلية بهدف تيسير امتلاك المحتاجين أجهزة الحاسب الآلي ومواكبة متطلبات العصر التقني من خلال جمع الفائض من أجهزة الحاسب (من الافراد او الشركات) ومن ثم توزيعها على (مراكز التنمية والمرافق الاجتماعية والأسرذات الدخل المحدود والطلبة المعوزين). حيث بلغ عدد الأجهزة التي قامت "ارتقاء"بجمعها أكثر من 9216 جهازا , وتم توزيع 2029 جهاز حاسب آلي منها للمستفيدين. وفيما يخص واقع عملية التدوير فقد تم التعاقد مع شركة متخصصة في التدوير بحيث يتم تحويل جميع النفايات الى مواد أولية يستفاد منها في صناعات أخرى , وهي مبادرة ترتكز على إطالة الأعمار الافتراضية لأجهزة الحاسب الآلي المستخدمة وإعادة تأهيلها وتحديثها. كما تتم كذلك إعادة تدوير الأجهزة التي لا يمكن الاستفادة منها حفاظًا على سلامة البيئة , وهذا النهج يتناول مصدرا هاما في واقع تطبيقات المحافظة على البيئة ومكافحة التلوث (النفايات الإلكترونية). تقدر النفايات الإلكترونية في المملكة بأكثرمن 3 ملايين طن سنويًا، كما تشير الإحصاءات إلى أن حجم النفايات حول العالم تبلغ أكثر من 50 مليون طن من المخلفات الإلكترونية الخطرة، في حين ما يتم التخلص منه لا يتعدى 1.5 إلى 1.9 مليون طن من الأجهزة الإلكترونية. وقد ذكر تقرير "معهد موارد العالم" أن النفايات الإلكترونية أصبحت تمثل هاجسا كبيرا وخطيرا على الصحة والبيئة، وأنه يمكن تصنيفها في مرتبة متقدمة بين أهم عشر ملوثات يعاني منها العالم في الوقت الراهن. وهي ترفع - في عرف معايير وقياسات البيئة – نسبة تلوث البيئة ومعها مخاطر الأمراض ذات العلاقة بصحة الإنسان , حيث تدخل في تركيبها مواد سامة مثل الليثيوم والرصاص والزئبق والباريوم ... وغيرها. تتنوع مصادر المخاطر الصحية البيئية في مجال صناعة الحواسيب , فمثلا مازال استخدام مادة الرصاص في عمليات الوصل "اللحام" متوافرا في تصنيع شرائح التخزين المجهرية، وكذلك في العناصر الإلكترونية الأخرى، حيث تحتوي شاشات الحاسوب على ما يصل إلى 3.6 كيلوجرام من الرصاص. أما الشاشات المسطحة فتحتوي على عنصر "الزئبق" الذي قد يؤذي الجهاز العصبي، ويعمل على تضرر الأعضاء الداخلية خاصة الدماغ والكلى، ويؤثر سلباً على نمو الجنين. أما "الكادميوم " المستخدم في بطاريات الحاسوب فيمكن أيضا أن يزيد خطر الإصابة بالسرطان، التهابات الجهاز التناسلي , تأثر نمو الأجنة, والكادميوم من العناصر الفلزية ذات التأثير الخطير على جسم الإنسان عند ترسبه على الكلى والجهاز البولي، ويتركز هذا العنصر على مقاومات الشرائح وعلى المكثفات وعلى رقائق التوصيل الصغيرة. كما أن استخدام مادة "الكروم" وهو مركب سام حسب درجة الأكسدة، يرفع أيضا نسبة الإصابة بمرض السرطان.