تسبب النزاع السوري المستمر منذ اكثر من اربع سنوات بمقتل عشرات الآلاف من الاشخاص ونزوح الملايين، لكنه أسفر ايضا عن تدمير قسم كبير من تراث البلاد نتيجة القتال أو عمدا، بينما تعرض قسم آخر للنهب أو للبيع. وتعتبر سوريا مخزن كنوز اثرية من عصور وثقافات مختلفة تتراوح بين المساكن والأسواق من عصور ما قبل التاريخ، وصولا الى الآثار اليونانية والرومانية والحصون الصليبية. وقال شيخموس علي من جمعية حماية الآثار السورية: "هناك اكثر من 900 نصب وموقع اثري تعرضت لأضرار او دمرت او سويت بالارض بالكامل. هذا مثير للقلق ليس بالنسبة الى سوريا فقط، لأن هذا تراث عالمي". وأظهرت صور التقطت عبر الاقمار الصناعية ونشرت الاثنين اقدام تنظيم داعش على تدمير معبد بل في مدينة تدمر التاريخية، بعد اسبوع على تدميره معبد بعلشمين الاصغر. وهي خسارة فادحة، نظرا الى ان تدمر واحدة من ستة مواقع سورية مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة يونيسكو. الا ان التنظيم متهم ايضا بنهب قطع اثرية من سوريا والعراق وبيعها في السوق السوداء، ما يشكل مصدر تمويل له. ولم يتردد في تدمير مواقع وقطع اثرية بغض النظر عن اي مبرر ديني. ويرى محللون انه يرغب بذلك في استقطاب الاهتمام والاعلام والترويج لنفسه عن طريق اسلوب الترهيب الذي يتقنه. فقد استهدف داعش مواقع اسلامية بينها مسجد اويس القرني الصوفي، الى جانب مواقع مسيحية كدير مار اليان في محافظة حمص في وسط البلاد. وقبل سيطرة التنظيم على تدمر في اواخر مايو، تمكن مسؤولو مديرية الاثار السورية من اخلاء متحف المدينة ونقل الكثير من القطع الثمينة. ويرى مدير عام الاثار والمتاحف السورية مأمون عبدالكريم ان بعض المواقع والقطع التي تعذر نقلها مهددة حاليا. وصرح لفرانس برس "ما زالت هناك العشرات من المدافن الضخمة والمسرح الاثري ومعبد نابو". وتابع: "لقد قتلوا تدمر. الآن سيلجأون الى ترهيبها". وإذا كان تدمير تدمر هو الحدث الاكثر خطورة بالنسبة الى التراث السوري خلال النزاع، يحذر خبراء من تدمير تدريجي لمواقع اثرية اخرى. في ديسمبر 2014، افادت الاممالمتحدة عن تعرض حوالى 300 موقع بارز للتدمير او الأذى او النهب منذ بدء النزاع. وذكرت، استنادا الى صور اقمار صناعية، ان 24 موقعا دمرت بالكامل، مضيفة ان 104 مواقع تعرضت لاضرار فادحة و85 لاضرار طفيفة و77 قد تكون لحقتها اضرار. ومن المواقع التي مسحتها المنظمة، ستة مدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، وهي المدن القديمة في حلب ودمشق وبصرى، والقرى الاثرية شمالا وقلعة الحصن وآثار تدمر التاريخية. ونجمت اغلبية الاضرار اللاحقة بالمواقع الأثرية في سوريا عن المعارك العنيفة. فقد دمرت مدينة حلب التي تضم تجمعات سكنية تعود الى سبعة آلاف عام، في ثلاث سنوات من المعارك الضارية بين قوات المعارضة والنظام. ولحقت بسوق المدينة التاريخي اضرار فادحة نتيجة المواجهات والحرائق، فيما تحولت مئذنة الجامع الاموي العائدة الى القرن الحادي عشر الى كومة من الركام.