لسنا في وراد اعادة سرد تاريخ العلاقات الايرانية الاسرائيلية، ولسنا ممن يثقون بالخطاب الاسلامي لايران، فالدين بالنسبة لايران مجرد اداة لخدمة المصالح السياسية ليس الا، لن نعود لقراءة ما كتبه تريتا بارسي، ولا تحقيقات البرلمان الايراني حول الشركات الاسرائيلية العاملة في ايران حتى في سنوات الحصار، وان حجم الاستثمارات الاسرائيلية يفوق 200 مليار دولار، وان العلاقة مع يهود ايران على اقليتهم تفوق العلاقة مع مكونات قومية اخرى واسلامية ايضا. ولكن اللافت ان معلومات تتسرب وبشكل رسمي عن خطوط لعلاقات رسمية بين الطرفين سترى النور قريبا، وان الوسط اليهودي الاسرائيلي قد عبر عن احترامه للاتفاق النووي الايراني الاخير، وان مكونات يهودية ايرانية الاصل واسرائيلية تقوم بدورة علاقات هامة بين طهران وتل ابيب، وان مسؤولا فرنسيا كبيرا بحث مؤخرا في طهران العلاقات الايرانية الاسرائيلية. العلاقات بين الدول احيانا لا تحتاج الى سفارات وبعثات دبلوماسية، ويكفي ان يكون هناك مكتب لشركة يقوم بهذه الخدمات وهذا التمثيل، ولعل الاعلان الاخير الذي تم فيه عن افتتاح قريب لسفارة ايرانية في تل ابيب ليس من باب السخرية، بل انه من كسر الحواجز عبر طرق اعلانية دعائية تحدث نقاشا حول امكانية وجود سفارة لطهران في تل ابيب، حيث كانت سفارة طهران في باريس تقوم بادوار مهمة ومنها الاتصال بتل ابيب، وذلك منذ ان كان يرأس السفارة صادق خرازي في باريس. ليس لدينا شكوك ولا نحتاج لتأكيدات، فطهران هي من زود تل ابيب بخرائط حول العراق في الثمانينيات، وهي من نقل لتل ابيب صورا جوية حول مفاعل تموز العراقي، وهي مؤخرا ومنذ عام 2003 من تعاون والموساد الاسرائيلي على قتل ما لا يقل عن 1200 عالم عراقي، وايران هي التي استفادت من نفط العراق فترة حكم نوري المالكي أكثر من العراقيين انفسهم باسم الدين، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على البعض، ممن ما زالوا يصدقون بأن هناك مقاومة وممانعة للمشروع الصهيوني والامريكي؟. لقد انكشفت المقاومة، مقاومة حزب الله بانها اداة لايران، وان حروبه مع اسرائيل ليست سوى خطة لتعزيز النفوذ الايراني في المنطقة، وان اطلاق الصواريخ من الجولان كان لتوحيد الصف الاسرائيلي حول حكومة نتنياهو واعادة انتخابه وهو ما كان، وان داعش الصنيعة الايرانية لم يستهدف الاسد ولم يستهدف اسرائيل ولم يستهدف ايران، وان الاجتماع الاخير الذي ضم قاسم سليماني وقيادات حزب الدعوة في بغداد، لم يكن للدفاع عن المواطنين العراقيين الشيعة، بل جاء لحماية الفساد، وللتجاوز عن ارادة المواطنين وخياراتهم، من خلال اعادة التهييج الطائفي بضرورة الحفاظ على النموذج الشيعي للحكم في العراق. العلاقة مع تل ابيب دفعت بمذيع في قناة الجزيرة لطرح السؤال على صحافي لبناني في برنامج الاتجاه المعاكس، ما موقف حزب الله المقاوم، اذا ما افتتحت طهران سفارة لها في تل ابيب او اتضح بان هناك علاقات ايرانية اسرائيلية، هذا الصحافي لم يستطع الاجابة وحول السؤال الى ما يجري في اليمن، ولكن السؤال الذي نعيد طرحه مجددا، ما هو موقف من ما زال يظن بان حزب الله حزب مقاوم وليس اداة لايران، ما هو موقفهم من حزب الله ومن ايران اذا ما تبين بان هناك خططا ولقاءات لانشاء سفارة ايرانية في اسرائيل. لا تستعجلوا الاجابة، هناك مبررات كثيرة ستظهر واعلاميون كثر سيدافعون عن المنطق الايراني الجديد، كما ان هؤلاء لم يقدموا اجابة منطقية حول التحول في العلاقات الامريكيةالايرانية بعد ان نفضت طهران يدها من خطابها الثوري، الاستكبار العالمي والشيطان الاكبر، والآن تستعد لافتتاح السفارة الامريكية في طهران، أليس ذلك يمكن ان يدفع طهران ايضا لتناسي خطابها ناحية الشيطان الاصغر «اسرائيل» وافتتاح سفارة لتؤطر العلاقات القائمة بين البلدين. اللافت ايضا ان وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، وبعد عودته من طهران قال كلاما في ذات الاتجاه، قال ان هناك تغييرا في الموقف من اسرائيل، قال ذلك علنا وهذا يعني ان هناك حديثا ونقاشات تمت مع طهران، وان هذا التغيير يعني القبول والرضا (العلني) بمعنى رفع السرية عن العلاقات بين الطرفين، وهو ما نعلمه ومتأكدون منه، فالمسألة كما قلنا ليست دينا وليست مقاومة وانما مصالح ومنافع، والصدمة ستكون قوية لمن لا يعلمون بأن خطوط التنسيق الايرانية الاسرائيلية تكاد تكون الاعلى في اطار مجموعة علاقات ايران الشرق أوسطية، ولا يغرنكم الاعلام وكلام الدعاة والمراجع ممن انطلت على بعضهم وتوهموا بان ايران دولة مقاومة. اللافت للانتباه، ان هناك هذه المرة استعجالا ايرانيا ناحية تل ابيب، وسيعلن قريبا عن لقاءات رسمية، والسبب الرئيس ان طهران بدأت تفقد مصداقيتها داخل الوسط الايراني ومن ثم العربي الشيعي، وان هذا التراجع تزامن مع مطالب وتفاهمات امريكية مع طهران على معالم الدور الجديد في المنطقة، والمهام الجديدة لايران، وان أكذوبة داعش استهلكت وآن الاون للانتهاء منها، وان مظاهرات العراقيين، هي واحدة من معالم النفور من النفوذ الايراني والدور الايراني المتنفذ في العراق، وان الفشل الامني والتنموي لم تكن داعش سببا فيه، بل جيء بداعش لتكون مبررا لهذا الفشل، فأهل الجنوب العراقي عانوا الويلات بعد حكم صدام، وألا اختلاف بين الماضي والحاضر،. واليوم ايران تدافع عن الفاسدين في الحكم العراقي. هذه الانكشافات هي التي ستدفع بطهران ناحية اسرائيل، ولهذا السبب ستتراجع علاقات المرجعية العربية مع الفارسية، ولاحظنا ان الدعم الذي حصل عليه رئيس وزراء العراق حيدر العبادي من المرجع علي السيستاني، جاء مخالفا للتوجهات السياسية الايرانية، وهذا يؤكد ان ايران بعد الاتفاق النووي مختلفة عن الماضي، ففترة الاستخدام والتوظيف الايرانية انتهت والآن هناك مسرح سياسي جديد ورموز جديدة ايضا.