أحال مجلس النواب العراقي الى القضاء، ملف سقوط مدينة الموصل بأيدي داعش، بما فيه تقرير لجنة التحقيق التي حملت المسؤولية على رئيس الوزراء السابق نوري المالكي و35 آخرين. وأعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري في مؤتمر صحافي متلفز عقب جلسة النواب صباح أمس ان «مجلس النواب صوت على احالة الملف بما فيه من حيثيات وادلة وأسماء الى القضاء»، مؤكدًا أنه «لم يستثن فقرة من التقرير ولم يستثن شخصًا ما». وأكد محمود الحسن رئيس اللجنة القانونية بالبرلمان أن البرلمان أقر إحالة التقرير إلى القضاء مضيفًا أن السلطة القضائية لها الآن القول الفصل. وقال النائب محمد الكربولي: إن التصويت جرى برفع الأيدي وحصل على أغلبية. وصرح النائب ابراهيم بحر العلوم بأن البرلمان أحال ملف التحقيق في قضية سقوط الموصل بجميع حيثياته الى القضاء لاتخاذ القرار المناسب. وقال: إن النائب حاكم الزاملي تحدث أمام جلسة أمس عن تفاصيل الملف بكل جوانبه ومسار التحقيقات والاشخاص الذين تم التحقيق معهم. وكان النائب حاكم الزاملي رئيس لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة بالتحقيق في قضية سقوط مدينة الموصل (في العاشر من حزيران/ يونيو 2014) صرح مساء الأحد أن اللجنة حققت مع أكثر من 100 شخصية لمدة 6 أشهر أفضت إلى توجيه التهم إلى 35 شخصًا، وقال: «إن عمل اللجنة التحقيقية البرلمانية استمر لأكثر من 6 أشهر وتم التحقيق مع أكثر من 100 شخصية، وكان عدد الساعات التحقيقية أكثر من 170 ساعة تحقيقية وجمعنا ملفات ووثائق وبيانات من الكثير من الشخصيات وتم اعدادها في تقرير بأكثر من 120 صفحة تضمنت جميع محتويات التحقيق وسلمت إلى البرلمان». وأضاف: «تم إعداد التقرير النهائي بعد مخاض عسير ومشادات وأعصاب متشنجة بين أعضاء اللجنة كونهم ينتمون إلى كتل مختلفة ومشكلة من السنة والشيعة والمسيحيين والأيزيديين والأكراد». وأوضح يجب أن يتم «تحويل الملف إلى الادعاء العام والمحاكم ليتم محاسبة المقصرين وكل من تسبب بسقوط الموصل وتسبب بتهجير أكثر من 3 ملايين شخص، وسبي آلاف النساء الأيزيديات، والكثير من الشهداء والجرحى وكاد العراق أن يسقط بسبب قضية الموصل، وقتل آلاف من أهالي الموصل وتدمير المساجد والكنائس والحسينيات والآثار وسرقة النفط وأكثر من 23 ملفًا بخصوص السرقات والتهريب الذي كان تنظيم داعش يقوي به دولته المزعومة بحدود 9 مليون دولار شهريًا ليطلع الشعب العراقي على من تسبب بسقوط الموصل». وأضاف: «إن القضاء العراقي في الموصل كان متورطًا مع الإرهاب وأن أحد القضاة في المدينة كان سجينًا في سجن بوكا وتم تعيينه قاضيًا لمحاكمة الإرهابيين، مما تسبب في إخراج الإرهابيين مقابل أموال»، وأوضح «أن بعض القيادات الأمنية العراقية آثرت مصلحتها على حساب أمن المواطنين في الموصل، ولديهم الآن إمكانيات مادية تفوق حتى ما يملكه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي أو التجار أو المقاولين في العراق». وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي الأحد تقليص ثلث المناصب الحكومية عبر الغاء وزارات ودمج أخرى، في اولى الخطوات ضمن حزمة الاصلاحات ضد الفساد. كما ألغى مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة ووجه قادة بالجيش متهمين بالتخلي عن مواقعهم في الرمادي عاصمة محافظة الأنبار الى مواجهة محاكمة عسكرية. واعلن العبادي في بيان مساء الاحد «قررنا باسم الشعب تقليص عدد اعضاء مجلس الوزراء ليكون 22 عضوًا اضافة الى رئيس مجلس الوزراء بدل 33 عضوًا»، وذلك عبر إلغاء المناصب الثلاثة لنواب رئيس مجلس الوزراء، وأربع وزارات، ودمج ثماني وزارات بعضها ببعض لجعلها أربعًا. وألغى رئيس الحكومة وزارة حقوق الانسان وثلاث وزارات دولة، بينها وزارة شؤون المرأة ووزارة شؤون المحافظات ومجلس النواب. كما دمج وزارة العلوم والتكنولوجيا بالتعليم العالي والبحث العلمي، والبيئة بالصحة، والبلديات بالاعمار والاسكان، والسياحة والآثار بالثقافة. وتأتي الخطوة ضمن حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وترهل مؤسسات الدولة التي أرهقتها حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. ويسعى العبادي الذي مضى عام على توليه السلطة إلى إجراء تحول في نظام اشتكى العراقيون من أنه يشجع التسلط الحزبي الطائفي العرقي وعلى تفشي الفساد وانعدام الكفاءة. وهو ما حرم العراقيين من الخدمات الأساسية مع تقويض القوات الحكومية في معركة ضد مقاتلي داعش. وأصيب الجيش العراقي وقوامه مليون مقاتل ودربته واشنطن بكلفة زادت على 20 مليار دولار بترد في الحالة المعنوية وفساد يعطل خطوط إمداده. وتضررت فاعلية الجيش جراء ظهور شعور عند السنة بأن الجيش يسير وفق مصالح الشيعة المعادية لهم. وأدت سيطرة داعش على الموصل ثاني أكبر مدن العراق في يونيو/حزيران مع اجتياحها الحدود السورية إلى إماطة اللثام عن إفلاس في نظام نوري المالكي الذي خلف سلطات الاحتلال الأمريكي للعراق بين عام 2003 و2011. وترك ذلك حكومة بغداد معتمدة على الميليشيات الشيعية التي يحصل كثير منها على التمويل والمساعدة من إيران المجاورة. وكان أحد أسباب اختيار العبادي رئيسًا للوزراء هو عدم ارتباطه بأي من المجموعات المسلحة التي قاتلت في حرب أهلية طائفية أثناء الاحتلال الأمريكي وبالتالي اعتبر أكثر قدرة على الدعوة للمصالحة من سلفه المالكي الذي ينظر اليه العراقيون بأنه رأس الفساد. وقال المحلل جاسم البهادلي: إن العبادي كان حكيمًا بتركيزه على إصلاح قوات الأمن. وأضاف البهادلي وهو قائد عسكري سابق: إن قرار العبادي بإحالة القادة العسكريين للمحاكمة محاولة واضحة لتوجيه رسالة قوية لجميع ضباط الجيش أنه لن يتسامح مع أي تراجع في المستقبل في المعركة ضد داعش. ميدانيًا، أفادت مصادر عراقية بمقتل 19 من عناصر داعش فجر أمس في قصف لطيران التحالف الدولي استهدف مواقع للتنظيم الإرهابي شمال شرقي بعقوبة (57 كلم شمال شرق بغداد). ونقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية أن «طيران التحالف الدولي قام فجرًا بتنفيذ غارات جوية على مواقع لتنظيم داعش في ناحية قرة تبة ومناطق جبال حمرين شمال شرقي بعقوبة، وأسفرت الغارات عن مقتل 19 من داعش بينهم القيادي المدعو علي لبيب العجيلي الذي كان يعمل ضابطًا برتبة عقيد ركن في الجيش في عهد صدام حسين.