دار نقاش سقراطي كبير.! مع بعض الإخوة المثقفين حول جملة «خطاك اللاش» عن ماهية هذا «اللاش» ومعناه. ومن لم يسمع، ب «اللاش» الذي يتخطى الشخص، هي جملة عامية تكون ردا على جملة «خطاك السو» أي السيئ، بعد تعرضك لا قدر الله لحادث مروري تخرج منه سالما. عرفت هذه العبارة في دول الخليج والمنطقة الشرقية من المملكة ولكن معنى هذه الكلمة «اللاش» لم يعرف..!، على الأقل ممن سألتهم وهم كثر جدا، ومن جميع الأعمار، وغالبيتهم كانت إجاباتهم إما تخمين أي هم غير متأكدين من المعنى مع مقاربتهم أحيانا لمعنى الكلمة، أو عدم معرفتهم بمعناها إطلاقا، ولكنهم اتفقوا جميعا على أنها تقال في الحوادث المرورية. لا أخفيكم سرا بأن هذه الكلمة أشغلتني، مما جعلني أتخطى محيطي إلى الاستعانة ممن أعرف من الإخوة الكويتيين، لكونها أكثر تداولا في مجتمعهم، ومع هذا لم أخرج بالمعنى المؤكد لها، وكانت حيرتي تزداد أكثر، حينما أتساءل بيني وبين نفسي، كيف نستخدم كلمة لا نعرف معناها؟!، أليس هذا غريبا.!!. ومن المواقف الطريفة التي صادفتني، اتصلت بصديق، لمساعدتي على معنى الكلمة، ولكنه بمجرد أن عرف الموضوع، قال لي ساخرا: هو: أنت رجل فاضي أنا: الفاضي الشخص الذي لا يعمل شيئا، أما أنا فأبحث عن معنى كلمة «اللاش» كيف أكون فاضي. هو: لأن الكلمة ما تسوى كل هذا التعب!!. أنا: طيب كيف تستخدمها إذا ما تسوى؟!. المهم قبل أن يقفل سماعة الهاتف، سمعته يتمتم بعبارة «الحمد لله والشكر»، حمدت الله أنا كذلك وبدأت مواصلة بحثي عن معنى الكلمة. ولم يخيبني الله بعد ذلك بأن سخر لي، أصدقاء، ساعدوني في الوصول لمعنى الكلمة، أو هكذا أظن بأنه هو المعنى الحقيقي لها والله أعلم. وهنا أخص بالشكر صديقي محمد سعود الحداد، الذي زودني بالكثير من المراجع اللغوية، وكذلك أشكر ابن العم من الكويت حسين السعيد الذي زودني برابط موقع كويتينا، فلهم الشكر العميق، وكذلك الشكر لقروب سبتية النخلة الذين أثاروا الحديث حول معنى الكلمة، فلولا مناقشتهم، ربما لم يظهر هذا المقال. أما الآن فلنأت لمعنى الكلمة، اتفق جميع من سألتهم تقريبا على ان معنى كلمة «اللاش» «لا شيء» وهو معنى يقارب المعنى الحقيقي لها، ولكنه ليس المعنى الأصلي. أظن أن كلمة «اللاش» هي ذاتها كلمة «لاش» في اللغة العربية، والألف واللام للتعريف، وحينما بحثت في بعض المعاجم وجدت معجم المعاني على الشبكة العنكبوتية يعرفها كالتالي: لاش، ملاشاةً، فهو مُلاشٍ، والمفعول مُلاشى لاشَى: أفناه لاَشاه الله: أفناه، كأنه جعله كلا شيء. وفي البيان والتبيين للجاحظ: لاشَاهم فتلاشَوْا وكذلك وجدت معجم «المنجد في اللغة العربية المعاصرة» المطبوع سنة 2000م، يعرفها بنفس التعريف. ومن هنا تكون هي ذاتها كلمة «لاش» في اللغة العربية، والتغيير وقع على الكلمة المصاحبة لها مما جعلها تأخذ طابع اللهجة العامية، لأن فقهاء اللغة كثيرا ما تحدثوا عن التغيير الذي طرأ على المفردات والعبارات العربية، بسبب ولادة اللهجات العامية، الذي كان للعامل الجغرافي والاحتكاك باللغات الأخرى، سبب لتغيير تلك المفردات العربية عن معناها الفصيح، بل أكثر من هذا أثر حتى على أعضاء النطق، فتجد في مصر يقال «توب» بل «ثوب» وفي الشام «ديب» بدل «ذئب» لصعوبة نطقها في مجتمعاتهم، وكذلك هو الحال في لهجات أهل الخليج، فيقال في الكويت على سبيل المثال «دياي» بدل «دجاج»، وإن عدنا إلى العبارة المذكورة وجدنا التغيير واضحا عليها، إضافة الى أن معنى العبارة يستقيم إن أخذنا معنى «لاش» وهو الفناء، وأسقطناه على كلمة «اللاش» فتكون عبارة «خطاك السو/ خطاك اللاش»، إن أرجعناها للغة العربية السليمة، تصبح «تخطاك السوء والرد يكون تخطاك اللاش» أي الفناء-، والفناء هنا في ما ظني كناية عن الموت أي لا أماتك الله أو لا لاشاك الله أي أفناك، فبدل أن يقول المتكلم لا لاشاك الله، يقول تخطاك اللاش، وهذا الأسلوب كثير الاستعمال عند العرب، ويعرف بالاستعارة التمثيلية.