لقد عمّ الذعر مع معاناة الصين من أكبر تراجع لها للأسهم في يوم واحد منذ عام 2007. لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. التراجع البالغ 8.5 بالمائة في مؤشر شنغهاي المُركّب هو في الواقع بمثابة تطوّر يُمكن أن يجعل الصين أفضل حالاً بعد ثمانية أعوام من الآن. أنا أُركّز على الرقم ثمانية لأنه عدد مُفضّل في الفولكلور الصيني (الألعاب الأولمبية بدأت في بكين في 8/8/2008، ولم يكن ذلك عن طريق الصدفة) وكذلك بسبب فكرة السعادة القصوى في بكين. عودة النمو إلى 8% (نسبة إلى هدف هذا العام البالغ 7 بالمائة) ستقوم بدعم حسن النية الإصلاحية للرئيس تشي جين بينج. بدلاً من ذلك، انخفضت الأسهم كثيراً يوم الإثنين بقدر فقدان سحر الرئيس تشي لقوته. لماذا يعتبر هذا أمرا جيدا؟ إنه تذكرة فورية بأن العقلانية تعود الآن إلى أسواق البر الرئيسي ورسالة إلى الرئيس تشي للتوقف عن قلب الأوضاع، لأنه يريد وضع العربة المالية أمام الحصان المشهور. منذ منتصف حزيران (يونيو)، عندما بدأت الأسهم بالتراجع، فرقة إنقاذ السوق التابعة للرئيس تشي حاولت استخدام كل إجراء يُمكن تصوّره: تخفيض أسعار الفائدة، وزيادة هامش الإقراض، وحظر البيع على المكشوف، وتعليق عمليات الاكتتاب العام الأولي، وإحالة المتداولين المُفترض أنهم فاسدون للتوبيخ الشديد، والطلب من المؤسسات التي تُديرها الدولة أن تقوم بشراء الأسهم، ووقف التداول على الأقل في نصف الشركات المُدرجة، وغير ذلك كثير. لكن ما لم يحاوله الرئيس تشي هو رفع مستوى الاقتصاد والنظام المالي بطريقة تُساعد على ازدهار سوق الأسهم. لمعرفة ما ينبغي أن يقوم به بعد ذلك، لا أرى بأسا في أن يقوم الرئيس تشي باستشارة هنري بولسون. على الرغم من أن بولسون قد يسخر من حب الصين للرقم ثمانية، إلا أنه كان في عهده كوزير للمالية في عام 2008 (في أوج الأزمة المالية) أن الولاياتالمتحدة خاضت معركتها القصيرة الخاصة بها مع الانهيار المالي. كان بولسون لا يرحم في انتقاده لحكومة الرئيس تشي التي وصفها بأنها كلها جعجعة بلا طحن. كتب في الفايننشال تايمز يقول: «الصين عُرضة للخطر بشكل خاص في هذه المرحلة لأنه في حين أن اقتصادها قد نما ووصل مرحلة النضج، إلا أن أسواقها الرأسمالية قد تخلّفت. ليس من المُستغرب أن المُعارضين الأيديولوجيين للأسواق سوف يستخدمون الأحداث الأخيرة (أي الأزمة المالية في الغرب) للتقدم بالحجة العكسية -انه لمنع عدم استقرار الأسواق، ينبغي على بكين إبطاء وتيرة التحرير المالي أو ربما حتى التخلّي تماما عن الإصلاحات القائمة على السوق». مع ذلك، جادل بولسون أنه «في حين أن غريزة بكين لحماية المساهمين مفهومة، إلا أن أفضل طريقة للقيام بذلك هي خلق سوق رأسمالية حديثة». هذا هو السبب في أن الموقف المتناقض تجاه تدخّلات السوق الضخمة التي قام بها الرئيس تشي يُمكن أن يكون إيجابيا. فهو يعيد تركيز بكين على ما هو مطلوب لإعادة خلق الأسواق النشطة القوية التي تسود في نيويورك وهونج كونج. حاول حزب الرئيس تشي الشيوعي وفشل في تحقيق استقرار الأشياء من خلال إصدار المراسيم. في الواقع، التلاعب الكبير عمل على عرقلة خطط بكين فيما يتعلّق بجعل اليوان عملة احتياط عالمية وإدراج أسهم شنغهاي في مؤشرات مورجان ستانلي المُركّبة. كما يُشير بولسون، لا يوجد بلد استطاع في أي وقت مضى تحقيق حالة من الدخل المرتفع في ظل نظام من السوق المُغلقة لا يقوم بتسعير المخاطر بسعرها الحقيقي. كلما طال قيام رجال الرئيس تشي بتأجيل اعتماد المعايير الدولية في تخصيص رأس المال، والشفافية والثقة الأولية في الأسواق، كانت الاحتمالات أكبر بأن الصين سوف تواجه انهيارا يشبه ما حدث في اليابان، تقريباً في عام 1990. في الأيام الأخيرة كان صندوق النقد الدولي يحض الصين على التراجع عن الإجراءات الرامية إلى الحد من الهبوط الحاد في أسعار الأسهم. هذا الأسبوع قال تشو جوانجياو، نائب وزير المالية الصيني، إن التحدي الحقيقي يكمن في الكيفية التي يستطيع بها المنظمون الخروج بدون حوادث. لكن بعد الانهيار الأخير فإن الاحتمالات هي أن بكين سوف تعمق تدخلاتها في السوق أكثر حتى من قبل، مع أنه تبين أن السوق ليست طيعة أمام النظام الصيني مثل سكان الصين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة. إن تركة تشي كان من المفترض أن تكون في إعادة معايرة الاقتصاد الصيني وفتح النظام المالي. لكن تبين أن جهوده مركزة على مكافحة المتداولين على المكشوف. لذلك أمام الزعيم الصيني خياران: إما إنشاء الأساسيات اللازمة لمساندة التقييمات القوية للأسهم، أو مواصلة إلقاء كامل ثقل الحكومة ضد صناديق التحوط. كلما طال اعتماد الصين على الحل الثاني، الذي يأتي على حساب الحل الأول، فإن أرقام الثمانية بالمائة في مستقبلها سوف تظهر في خسائر الأسهم وليس في النمو الاقتصادي.