ليس منذ زمن بعيد، كان يتم الاستهانة بهونغ كونغ بانتظام من حيث كونها منطقة ركود مالي - ليس فقط دوليا، وإنما حتى داخل الصين. بدأ الكثير من النقاد كتابة نعي المدينة عندما رفض جاك ما، الرئيس التنفيذي لشركة علي بابا العملاقة للتجارة الإلكترونية في الصين، إدراج شركته في هونغ كونغ، وفضل إدراجها في بورصة نيويورك. وبينما ارتفعت أسهم شنغهاي خلال الأشهر الأخيرة، بدت وكأنها تؤكد على تقادم أو زوال هونغ كونغ. لكن المقارنة الأكثر إفادة بين الأسواق في هونغ كونغ والبر الرئيسي في الصين أصبحت أكثر تداولا على الألسن في الفترة الأخيرة، حين بدأت الأسهم الصينية في الانخفاض. أصيب المسؤولون الحكوميون في بكين بالذعر، وفعلوا أي شيء وكل شيء لوقف تراجع أسواقهم المالية، حيث انهم خفضوا أسعار الفائدة، وعززوا هامش الاقراض، وخففوا قواعد الرهان والضمانات المالية، وألغوا العروض العامة الأولية، ودعموا بقوة المساهمين الكبار، ودفعوا شركات السمسرة للشراء، وأخرجوا حوالي 1300 شركة من الأسواق. في الوقت نفسه، عمل مسؤولو هونغ كونغ بهدوء على السماح لقوى السوق بالقيام بعملها في الوقت الذي ضرب فيه تسونامي مبيعات مؤشر هانغ سينغ. قادة هونغ كونغ المتماسكون الذين امتنعوا عن التدخل يبينون لبكين الطريقة التي يفترض فيها لاقتصاد مفتوح وناضج أن يعمل. هذا يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار هذا الأسبوع، في الوقت الذي يتوجس العالم إزاء الإفراج عن أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأحدث في الصين. من المرجح أن يقول المسؤولون في بكين إن الصين نمت بنسبة 6.8% خلال الفصل الثاني (رغم أن هناك ما يدعو للشك في دقة أي رقم يتم اطلاقه في النهاية). من المرجح أن يصفق المستثمرون لهذه الأخبار، تماما كما فعلوا في اعلان يوم الإثنين بحيث ارتفعت صادرات شهر يونيو بنسبة 2.1% مقارنة مع العام السابق. لكن الاستجابات المتباينة لكارثة الأسهم هي الآن أكثر أهمية من أرقام الناتج المحلي الإجمالي المتضخمة في الصين. وما تخبرنا به هو أن الحجم ليس كل شيء. تعتبر هونغ كونغ الاقتصاد الحادي عشر الأكبر في آسيا، وتحتل المرتبة قبل الفلبين مع فارق ضئيل للغاية. مع هذا، بفضل ضرائبها المنخفضة، وسيادة القانون، وتدفقات رأس المال غير المقيدة والأسواق الشفافة، فهي تستحق مكانتها كواحدة من اقتصادات العالم الأكثر تحررا. هذا لا يعني أن المدينة بلا عوائق اقتصادية، بما في ذلك عملة مربوطة بعملة أخرى، وحكام قلة متنفذون يسيطرون على الاقتصاد وقائد اختارته الصين (واحد من الأسباب وراء احتجاجات «ثورة المظلات» واسعة النطاق في العام الماضي). لكن الأعراف المتأصلة الرأسمالية متشربة بشكل واضح في هونغ كونغ بطريقة غير موجودة في البر الرئيسي في الصين. عندما عادت هونغ كونغ إلى الحكم الصيني في عام 1997، كان الأمل في أن تحذو بكين حذو المدينة. بعد مضي 20 عاما، قال المتفائلون إن الصين سوف تتباهى بوسائل الإعلام الحرة، وبالنظام المالي المستقر والشفاف، والاحترام الأكبر لحقوق الإنسان. بدلا من ذلك، يحاول الحزب الشيوعي للرئيس تشي جين بينغ باستمرار فرض علامته التجارية من التعتيم والرقابة وصنع السياسات الاقتصادية باتجاه من القمة إلى القاعدة في الأسواق المالية. سوف تدفع الصين ثمنا لعدم استيرادها المزيد من حساسية هونغ كونغ. إن قرارات الرئيس تشي العنيفة التي من خلال قوة يد الحكومة تتلاعب بالسوق بشكل أكبر تؤكد صحة قرار بنك مورجان ستانلي في الفترة الأخيرة برفض إدراج سوق الصين (التي هي من الناحية العملية سوق مدعومة من الدولة) في مؤشراته التي يشرف عليها. هذا قد يتسبب في القضاء على آمال الصين بالانضمام إلى نظام حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، حتى يصبح اليوان عملة احتياطية عالمية، ينبغي عليه أن يكون قابلا للتحويل بشكل موثوق. تعمل بكين أيضا على تحريك الوضع المالي في الصين إلى منطقة حتى أكثر خطورة من قبل، بحسب ما يقول مارشال مايز، مدير شركة ألفا أدفايزر للأسواق الناشئة. من الجميل أن مؤشر شنغهاي المركب قد انتعش بنسبة 13% في غضون ثلاثة أيام. المشكلة، بحسب ما يقول مايز، هي أن بكين «تجرأت على القيام بذلك دون أي دعم من مقدمة منطقية تتعلق بنمو العائدات. عاجلا أم آجلا حتى المضاربون سوف يفهمون ذلك وسيقومون بالبيع». قد يكون الأجانب أيضا أقل استعدادا للاستثمار في شنغهاي إذا شعروا وكأنهم سيضطرون باستمرار القلق حيال المكائد السياسية في بكين. من الذي يريد الدخول في تعاملات على المكشوف أو محاولة التحوط برهان على أسعار أعلى حين يكون مكتب الأمن العام الصيني متابعا لكل خطوة من خطواته؟ في الوقت نفسه، إن الحملة المناهضة للأجانب في وسائل الإعلام التي تديرها الدولة هي لئيمة بقدر ما هي منافقة. إن حكومة الرئيس تشي لا يعلى عليها في مجال التلاعب بالسوق. الرسالة على ما يبدو أنه إذا كنت تريد جزءا من نهوض الصين، فمن الأفضل العثور على نقطة إدخال آمنة ومجربة. لحسن الحظ، هناك واحدة متاحة بالفعل - واسمها هونغ كونغ.