تقول الحكومة الصينية إنها تريد زيادة دور قوى السوق في الاقتصاد، ولكن في الأسابيع القليلة الماضية، كانت تقوم بعكس ذلك بشكل جنوني - من خلال الرد على انهيار في أسعار الأسهم بإصدار مجموعة متلاحقة من التدابير لوقف التراجع. وتدخلات الحكومة جلبت راحة لحظية في بداية هذا الأسبوع، مؤشر شنغهاي المُركّب، بعد أن انخفض بما يُقارب 30 بالمائة عن ذروته في الثاني عشر من (يونيو)، كسب 2.4 بالمائة في السادس من (يوليو)، ولكن النطاق الهائل في رد السلطات يُبرز التناقض في السياسة الصينية، كما ان البورصات ترتفع وتنخفض في العادة: لماذا يكون لديك سوق أصلاً، إذا كنت ترغب بجعل الأسعار ترتفع فقط؟ والاستجابة الأولى لتراجع السوق كانت تخفيف السياسة النقدية، لكن التدخلات لم تتوقف عند هذا الحد، وكان مجلس الدولة قد أمر بإيقاف أي إصدارات جديدة للأسهم، واقترح المنظمون السماح لصناديق التقاعد الوطنية بأن تشتري الأسهم، وقال أحد صناديق الاستثمار الحكومية إنه سيقوم بشراء الصناديق التي يتم تداولها في البورصة والتي تتعقب الأسهم، كما تم تخفيف القيود المفروضة على الإقراض الهامشي (أي شراء الأسهم على المكشوف). وقالت شركات الوساطة المالية وإدارة الصناديق الرائدة إنها ستقوم بدعم السوق. وهذا الاندفاع المُنظّم لإيقاف الانخفاض في أسعار الأسهم جعل المساهمين يتحدثون عن «رمية تشي جين بينج» - تكريماً للرئيس الصيني و «رمية جرينسبان» سيئة السمعة التي كان من المفترض أن تهدف إلى وضع حد أدنى لأسعار الأسهم الأمريكية بعد الانهيار في عام 1987. و(تحدث محللون قبل أسبوع عن «رمية تشو»، على اسم تشو شياو تشوان، مُحافظ بنك الشعب الصيني، وقد اتسّعت المحاولات منذ ذلك الحين). والرغبة في إيقاف اضطراب السوق هي أمر مفهوم، ومن المهم ملاحظة أن الحكومة الصينية هي بالتأكيد ليست وحدها في هذا، والتلاعب في الأسواق، عند تعريفه بشكل واسع، هو تقريباً إجراء تشغيل قياسي - بما في ذلك في الولاياتالمتحدة وأوروبا. المقصود من برنامج التسهيل الكمي بصراحة هو دعم أسعار الأصول المالية وبالتالي الطلب باستثناء ذلك، السلطات المالية في كل مكان تلجأ إلى تدابير لتهدئة السوق من وقت لآخر. وعلاوة على ذلك، القادة في الصين لديهم أسباب قوية بشكل خاص لعدم جعل الانخفاض في الأسعار يخرج عن السيطرة اقتصاد الصين يتباطأ، ويتم ذلك بشكل مقصود من الحكومة، لكن انهيار البورصة يمكن أن يجعل التباطؤ مفاجئاً بصورة أسرع من المطلوب. كما تريد الحكومة أيضاً تشجيع تمويل الأسهم والحفاظ على قيمة الأصول الحكومية التي قد تقوم بخصخصتها في وقت لاحق، وخاصة أن بعض المسؤولين كانوا يتحدثون عن السوق منذ شهور ويقومون بتشجيع المساهمين الصغار للرهان على مستقبل الصين، وبالتالي فإن مصداقية الحكومة على المحك. وطريقة التفكير الصيني واضحة، لكن المخاطر واضحة بالقدر نفسه فالأسواق التي يسمح لها بأن ترتفع إلى الأعلى تواصل الارتفاع إلى الأعلى - إلى أن تنهار بشكل عنيف والسعي بصورة مبالغ فيها في وضع حد أدنى للأسعار تحت السوق هو في نهاية المطاف لا يعد وصفة للاستقرار، وهناك خطر أيضا في أن الحاجة ستدعو إلى المزيد من التدخلات القوية من أجل تأجيل الأمر المحتوم، وهذه السياسة مصيرها الفشل في نهاية الأمر، وليس هذا فحسب بل إنها خلال هذه المحاولات ستميل وتضغط بصورة متزايدة ضد دور أكبر لقوى السوق التي تريد الصين بحق أن تشجعها. ولاشك أن إدارة التحول الاقتصادي في الصين هو أمر شاق، لكن أفضل مسار أمام قادة الصين هو النأي بأنفسهم بقدر المستطاع عن سوق الأسهم - بمعنى ألا يساعدوا على رفعها أو يسارع إلى تثبت استقلالها حين تسقط، وهذا سيعطيهم المزيد من الوقت لتقوية بقية النظام المالي ولإعطائه ما يكفي من المرونة لاستيعاب تقلبات السوق في طريقه.