أعلنت الهند الحداد أسبوعا لوفاة رئيسها الأسبق والعالم المسلم ذى الشعبية "المتواضع"، زين العابدين أبو الكلام، الذي وصل جثمانه أمس، على متن طائرة عسكرية إلى مطار بالام في نيودلهي تمهيدا لتشييعه في جنازة رسمية وجماهيرية، وكان في استقباله قادة القوات البرية والبحرية والجوية، إضافة لحرس الشرف. وكان قد توفي، أمس الأول الإثنين، عن عمر يناهز 83 عاما، بعد أن أصيب بأزمة قلبية وهو يلقي محاضرة بمدينة شيلونج عاصمة ولاية ميجالايا الواقعة شمال شرقي الهند. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الهندية سيتانشو كار: إن الجثمان نقل إلى قصر الضيافة في العاصمة لإتاحة الفرصة للمواطنين لإلقاء نظرة الوداع عليه. وتم تعطيل جلسات مجلسي البرلمان حتى يوم الجمعة المقبل، حتى يتمكن النواب من حضور مراسم تشييع الجنازة، اليوم الأربعاء. وجاء أبو الكلام الذي عرف بلقب رئيس الشعب من عائلة مسلمة تعمل ببناء الزوارق بولاية تاميل نادو، وارتقى في المناصب ليصبح رئيسا لمنظمة الأبحاث والتطوير الدفاعي بالهند، ثم رئيسا لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية. وتولى بعد ذلك منصب رئيس الهند خلال الفترة من 2002 حتى 2007. ومن المقرر أن تقام آخر المراسم الجنائزية لجثمان أبو الكلام في قريته راميشورام اليوم. وتدفقت برقيات العزاء في وفاة أبو الكلام من مختلف أنحاء العالم بعد الإعلان عن وفاته. وأشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في كلمة متلفزة بمناقب الرئيس الأسبق، خاصة قدرته على الاتصال بجميع شرائح المجتمع الهندي، وقال مودي: "إن هذه القدرة تنبع من أنه لا يتحدث بالكلمات ولكن من خلال شخصيته، خاصة وأنه يتمتع بشخصية رائعة". وخاطب مودي العالم الراحل قائلا: "دكتور كلام .. ذهني يمتلئ بالكثير من الذكريات، الكثير من التفاعلات معه، كنت دائما أتعجب من ذكائه وتعلمت الكثير منه". وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء "تعلن الهند اليوم الحداد على فقدان عالم عظيم ورئيس رائع وشخص يعد مصدرا للإلهام". وأثبت زين العابدين أبو الكلام "رجل الصواريخ" أنه مثال قل نظيره في إمكانية نجاح الكفاءة في الهند. ولد "أبو الكلام" في 15 تشرين أول/أكتوبر 1931، لأسرة متواضعة من بناة القوارب من مجتمع داليت، أو "طبقة المنبوذين" سابقا، في ولاية تاميل نادو، جنوبالهند، وكان يبيع الجرائد عندما كان طفلا لمساعدة عائلته. وارتقى عبد الكلام في مسيرته العلمية ليصبح مهندسا للبرامج الفضائية والنووية والصاروخية للهند ثم الرئيس الحادي عشر للبلاد. ووصفه نائب رئيس الوزراء السابق لال كريشنا أدفاني قائلا: "كان متعلما مدى الحياة ومعلما مدى الحياة". وفي سيرته الذاتية " أجنحة النار" التي نشرت عام 1999، روى أبو الكلام سنواته الأولى، والمصاعب التي واجهها وكيف تم منحه امتيازات خاصة في منزل فقير لأنه كان طالبا ذكيا. وكتب أنه كان يحلم بالطيران عندما كان صبيا وكانت نصيحته "احلم، احلم، احلم، حولت هذه الأحلام إلى أفكار ثم قمت بتحويلها إلى أفعال". وكان أبو الكلام الذي تميز بشعره الفضي وقصته الفريدة من نوعها، أعزب ويعرف بحبه للبساطة وأسلوب حياته التقشفي وهو ما لم يتغير حتى بعد أن وصل إلى قصر الرئيس الفخم في نيودلهي. وللاقتراب من حلمه في الطيران، تدرب زين العابدين أبو الكلام كمهندس طيران. وبدأ مسيرته مع منظمة أبحاث وتطوير الدفاع التي تديرها الدولة في عام 1958، حيث قاد برنامجا لتطوير صواريخ بما في ذلك تلك القادرة على حمل رؤوس نووية. في وقت لاحق، وخلال عمله لمدة 20 عاما في منظمة أبحاث الفضاء الهندية، لعب عبد الكلام دورا رئيسيا في تطوير البرنامج الوليد للأقمار الاصطناعية في البلاد. وبصفته مستشارا علميا لوزارة الدفاع، كان زين العابدين أبو الكلام، وهو مؤيد قوي لبرنامج الأسلحة النووية في الهند، مرتبطا ارتباطا وثيقا أيضا بالتجارب النووية الهندية في أيار/مايو 1998 . وكتب مودي: "استمتع الدكتور كلام بوجوده مع الناس؛ وكان الناس والشباب يحبونه. كان يحب الطلاب وقضى لحظاته الأخيرة بينهم". وانهار أبو الكلام أثناء محاضرة في معهد الإدارة في مدينة شيلونغ شمال شرق الهند، وأعلن الأطباء وفاته لدى وصوله إلى مستشفى بيثاني. وصرح جون سيلو المسؤول الطبي في المستشفى لوكالة فرانس برس: "لقد حاولنا انعاشه، إلا أننا لم نتمكن من ذلك". وأعلن الحداد الوطني سبعة أيام تكريما للرئيس الحادي عشر (2002-2007)، وهو الإجراء الذي يتخذ بعد وفاة أي زعيم سابق. وبوصفه عالما ومؤلفا مرموقا، اشتهر عبد الكلام بأنه "رئيس الشعب" خلال فترة حكمه، واستمر في التواصل مع الشباب من خلال محاضراته العلمية بعد تركه منصبه. ووصفه وزير الداخلية راجناث سنغ في تغريدة على تويتر بأنه "مصدر إلهام لجيل كامل". وقاد أبو الكلام المعروف شعبيا بلقب "رجل الصواريخ" الفريق العلمي الذي طور الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية الهندية. وصار بطلا قوميا بعد أن ساعد في الإشراف على التجارب النووية التي أجريت عام 1998 وعززت مركز الهند كإحدى الدول التي تحوز أسلحة نووية. وكانت الهند قد أجرت أول تجربة ذرية عام 1974. الأطفال يشعلون الشموع حزناً على وفاة زين العابدين أبو الكلام أجيال المستقبل الهندي تحيي أبو الكلام نموذجاً