كان يعتقد الجنرال ميشال عون أن بإمكانه أن يعيد تجربة "الثمانينات" ويحرّك الشارع المسيحي لتحقيق مطالب يجدها جوهرية، نسي الجنرال أن الشارع المسيحي مكبّل ومقسوم ومهموم شأنه شأن الشارع الإسلامي كما لبنان بأسره، فالبلد اليوم لا يشبه ما كان عليه قبل حرب "التحرير"، لعل الأولى أخف حدة من الحرب الباردة التي نعيشها بسبب النيران المشتعلة من كل حدب وصوب. مطالب التيار "الوطني الحر" لن تحل بالاحتشاد في الشارع ولا بالهتافات والاعتصمات فالأمر أبسط منذ ذلك ولا يحتاج إلى ألوف بل الى العشرات من نواب هذا التيار لحضور جلسات الانتخاب وانتخاب رئيس يكون رأساً للهرم والذي بدوره ينجز التعيينات الأمنية ويحرّك عجلة البلد السياسية والاقتصادية النائمة في سبات عميق. ولذلك اتت نتيجة التحرك العوني مخيبة لآمال من طالب بها، وضاعفت قوة موقف رئيس الحكومة تمام سلام بدلاً من إضعافه، ما دفع العماد ميشال عون إلى التكلم بلهجة غير مسبوقة مخاطباً الحلفاء والخصوم والوسائل الاعلامية باللغة نفسها، بحسب ما قال الناشط السياسي بشارة خيرالله في حديث خص به "اليوم". "حزب الله" محرج وفي قراءة تحليلية لخطوة العماد ميشال عون بتحريك الشارع، رأى خيرالله انه "بمعزل عن قدرة كل فريق على تحريك شارعه، وبمعزل عن حق التعبير الذي يكفله الدستور اللبناني، ليس هناك ما يبرر النزول إلى الشارع من قبل فريق موجود في الحكومة، لأن اللجوء السلمي للتعبير عن الرأي تمارسه المعارضة غير الموجودة حالياً، كون الحكومة تضم جميع القوى تقريباً". وعما اذا كان الشارع المسيحي في الثمانينات يشبه الشارع اليوم، اوضح خيرالله، وهو مستشار الرئيس ميشال سليمان للشؤون الاعلامية في حديث خص به "اليوم" انه "لا يمكن تشبيه الماضي بالحاضر في هذه المسألة، لأن كل الظروف تبدلت، واليوم يمكننا تحقيق أي مطلب من خلال الحوار الداخلي والتفاهم، لأن جميع التجارب اثبتت ان ما بعد الشارع وما بعد الاشتباك أو الحرب، تأتي مرحلة التسوية على قاعدة جوهرية اسمها "لا غالب ولا مغلوب" ونحن في لبنان خبرنا هذا المبدأ جيداً ودفعنا خيرة شبابنا ومن ثم وصلنا إلى هذه النتيجة، لذلك علينا الاحتكام إلى لغة المنطق والعقل والتفاهم وممارسة الديمقراطية واحترام الدستور، للخروج بلبنان بأقل الأضرار الممكنة"، لافتاً الى ان "الرأي العام يعي جيداً خلفية أي مطلب، ويدرك حقيقة كل أزمة ويعرف أدق تفاصيلها لذلك أتت نتيجة التحرك العوني مخيبة لآمال من طالب بها، وضاعفت قوة موقف رئيس الحكومة تمام سلام بدلاً من إضعافه، ما دفع العماد ميشال عون إلى التكلم بلهجة غير مسبوقة مخاطباً الحلفاء والخصوم والوسائل الاعلامية باللغة نفسها". وتابع خيرالله: "نحن نتحدث عن أشياء كثيرة فيما المطلوب واحد: النزول إلى البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية لحماية لبنان من كل الأخطار". وأضاف: "حزب الله اليوم محرج بين مطرقة حليفه العماد ميشال عون الذي طلب مساندته في الشارع ولم يجدها، وبين سندان حليفه الثاني رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعي إلى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.. لكن هناك من يعتقد ان الحزب نجح في إرضاء حليفه عون بالوقوف إلى جانبه دون النزول إلى الشارع وفي دعم بري لعدم فرط الحكومة التي يعتبر وجودها أكثر من ضروري". وحول استطلاع رأي المسيحيين عن الاكثر تمثيلاً لهم، اعتبر مستشار الرئيس سليمان انه "يجب عدم تحميل الاستطلاع أكثر مما يحتمل، فهو في الأساس غير ملزِم لأي فريق، ويحق لأي طرف ان يجري استطلاعاً مماثلاً، لكن التمسك بنتائج أي استطلاع ولصالح من أتت والتذرع بها لاستمرار تعطيل عملية الانتخاب، يُصبح عملاً غير دستوري، إذ ينسف مبدأ حق النواب في اختيار من يرونه مناسباً لرئاسة الجمهورية". وعن الاتفاق النووي بين إيران ودول ال5 1+ قال خيرالله: إن "ما يعنينا من هذا الاتفاق هو عقلنة الخطاب والهدوء الأمني في المنطقة لتوفير هدر الدماء، والأهم لبنانياً، ان يُبرِّد بعض الرؤوس النووية الحامية لتخصيب بعض الديمقراطية وانتخاب رئيس الجمهورية بأصوات النواب وليس بمفاعل اليورانيوم".