تحدثنا في السابق عن أثر تحول إحدى الشركات من شكل نظامي لآخر على شخصيتها الاعتبارية، تلاها في ذلك الحديث عن النتائج المترتبة على اكتساب الشركة للشخصية الاعتبارية، وتطرقنا لبعض هذه النتائج ومنها أن يكون للشركة اسم وموطن محدد، وسوف نكمل الحديث عن النتائج الأخرى المترتبة على اكتساب الشركة للشخصية الاعتبارية. فإذا كان من نتائج اكتساب الشركة للشخصية الاعتبارية أن يكون لها اسم وموطن، فهناك أيضا عدة نتائج أخرى وهي أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، وهي تعني ما للشركة من حقوق وما عليها من التزامات، ويترتب على ذلك عدة نتائج منها أن تصبح جميع أموال الشركة ملكاً لها وليس للشركاء إلا نصيب من الأرباح وحصة نقدية محددة في حالة تصفية الشركة، وتصبح أموال الشركة من الضمان العام لدائني الشركة وليس لدائني الشركاء، فلا تضمن الشركة إلا الوفاء بديونها دون ديون الشركاء، وليس لدائني الشركة إلا حق الرجوع فقط على الذمة المالية للشركة لاستيفاء ديونهم، ولا يجوز لدائني أحد الشركاء الحجز على أموال الشركة أو على حصته فيها، وإنما يحق لهم الحجز على نصيبه في الأرباح وعلى نصيبه في موجودات الشركة بعد تصفيتها. ويستثنى من هذا الاستقلال شركة التضامن وشركات التوصية، لأن مسئولية الشركاء فيها مسئولية شخصية وتضامنية في أموال الشركة وفي جميع أموالهم الخاصة. وعليه فلا يترتب على إفلاس الشركة إفلاس الشركاء، والعكس صحيح، إلا إذا كان أحد الشركاء متضامنين في شركة تضامن أو توصية فعندها يترتب على إفلاس الشركة إفلاس الشريك. وكما هو معلوم فإن الشركة بوصفها شخصاً معنوياً لا تستطيع إبرام أية تصرفات نظامية أو قانونية بذاتها كإبرام العقود أو تمثيلها أمام القضاء في الدعاوى التي ترفع منها أو ضدها، وإنما لابد من وجود أشخاص طبيعيين لمباشرة هذه الأعمال باسم الشركة ولحسابها، وقد يكون الأشخاص الطبيعيون القائمون بهذه الأعمال هم المدير أو رئيس مجلس الإدارة أو العضو المنتدب. وجدير بالذكر أن ممثل الشركة الذي يعبر عن إرادتها لا يعتبر وكيلاً عن الشركة نظراً لاختلاف مركزه النظامي عن مركز الوكيل، لأن ممثل الشركة يقوم بكافة الأعمال التي تتطلبها الشركة باسم الشركة ولحسابها، علاوة على أن تعيينه يتم بموافقة أغلبية الشركاء. كما نود أن نوضح أيضا أن عزل المدير أو أعضاء مجلس الإدارة ليس له أي تأثير على شخصية الشركة. وبمجرد اكتساب الشركة للشخصية الاعتبارية فإنها تتمتع أيضا بالأهلية النظامية في حدود الغرض الذي تكونت من أجله، ما لم يحدث أي تعديل في عقد الشركة ويصاحبه إشهار لهذا التعديل، مع عدم إغفال الحظر الوارد في المادة (59) من نظام الشركات الذي يحظر على الشركة ذات المسئولية المحدودة القيام بأعمال التأمين أو الادخار أو البنوك. وبموجب هذه الأهلية تستطيع الشركة القيام بكافة التصرفات والتحمل بالالتزامات واكتساب الحقوق. وفي الختام فإنه يتبع اكتساب الشركة للشخصية الاعتبارية اكتسابها أيضا لجنسية الدولة التي تأسست فيها، فلا توجد شركة بدون جنسية. وتظهر أهمية تحديد جنسية الشركة في عدة أمور أهمها تحديد القانون الواجب التطبيق الذي تخضع له الشركة بداية من فترة تأسيسها ومروراً بمرحلة إدارتها وحلها وتصفيتها. المحامي والمستشار القانوني