لا شك ان موضوع الشركات من الأمور المهمة والحاسمة في جميع الأوقات وترد أهميتها في الوقت الحاضر نظراً لتوسع الناس في ذلك ولا شك ان الشركة من العقود الجائز بالاجماع في الجملة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا). وقد يعرف كثير من الناس كيفية الدخول في الشركة لكن قد يجهل البعض الأسباب العامة والخاصة لانقضاء الشركة وقد أحببت بيان ذلك للقارئ الكريم بشيء من الشرح والتفصيل وفق نظام الشركات السعودي. فقد نص نظام الشركات على الأسباب العامة التي تؤدي إلى انقضاء الشركات مع مراعاة الأسباب الخاصة بكل نوع من أنواع الشركات وقد جاء ذكر هذه الأسباب في المادة (15) من نظام الشركات السعودي وسنوردها هنا بشيء من التفصيل (الأسباب العامة). انقضاء المدة المحددة للشركة: إذا تحددت مدة للشركة، وانتهت هذه المدة فإن الشركة تنقضي بقوة النظام، واشترط النظام السعودي تحديد مدة العقد لبعض الشركات كشركات التضامن وشركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة. وقد خلا النظام من تحديد حد أقصى للشركة، بحيث لا يجوز للشركاء ان يتجاوزوا هذه المدة المحددة، وإنما جعل مدة الشركة راجعاً إلى إدارة الشركاء بحسب نوع الشركة ونشاطها. وقد تنشأ الشركة للقيام بعمل محدد، وتحدد مدة زمنية لهذا العمل، وتنتهي المدة قبل انتهاء العمل فإن الشركة تستمر حتى تنتهي من العمل الذي أنشئت الشركة من أجله. وفي هذه الحالة تظل الشركة قائمة رغم انتهاء مدتها، وذلك على أساس ان إرادة الشركة بالانهاء انصرفت إلى تحديد انقضاء الشركة بانتهاء مدتها أو انتهاء العمل الذي أنشئت من أجله أيهما أبعد. تحقق الغرض الذي أسست من أجله الشركة أو استحالة الغرض المذكور. يعتبر غرض الشركة من البيانات التي نص عليها نظام الشركة واعتبرها أهم بيانات عقد الشركة، وأوجب ان يشتمل العقد على هذا البيان والذي يظهر من هذا السبب ان الشركة تنحل بقوة النظام إذا حققت الغرض الذي من أجله أنشئت. ولكن إذا قامت الشركة لتنفيذ عمل معين وحددت مدة لإنجازه، ثم أنهت العمل قبل تمام المدة المحددة، فهنا يرى أغلب الشراح: أنها تنقضي حتى لو كان هناك موعد محدد لانقضاء الشركة، لأنها أنجزت العمل الذي على أساسه قامت، فلا ينظر للمدة وهو الأظهر بينما يرى طائفة منهم أنها لا تنقضي منهم أنها لا تنقضي حتى تنتهي المدة المحددة لها. أما بالنسبة لاستحالة تحقيق الغرض الذي من أجله أنشئت فإنها تنقضي إذا ثبتت استحالة تنفيذه أو استحالة الغرض الذي من أجله أنشئت. انتقال جميع الحصص أو جميع الأسهم إلى شريك واحد: نص النظام السعودي في مسألة انتقال جميع أسهم الشركة أو حصصها إلى شريك واحد على انقضائها بذلك وذلك لأن الايجاب والقبول لابد ان يصدر من اثنين فلا يتصور ايجاب وقبول من شخص واحد. ولأن تعدد الشركاء يعتبر من الأركان الموضوعية في الشركة. ونجد في شركة المساهمة مثلاً، أنها إذا انقضت بسبب انتقال أسهمها إلى مساهم واحد، فإن هذا المساهم يبقى مسؤولاً عن ديون الشركة في حدود موجداتها وليس في هذا معارضة لما نص عليه النظام من ان الشركة تنقضي بمجرد انتقال جميع أسهمها إلى مساهم واحد وإنما هو تطبيق للنظام حيث بين بأن الشركة إذا انقضت فإنها تدخل في دور التصفية وتبقى محتفظة بشخصيتها الاعتبارية إلى حين الانتهاء من التصفية. هلاك جميع مال الشركة أو معظمه بحيث يتعذر استثمار الباقي استثماراً مجدياً. من هذا السبب يفهم ان هناك حالتين تنقضي بهما الشركة: الأولى: انقضاؤها بمجرد هلاك جميع مال الشركة وذلك بقوة النظام. والثانية: إذا هلك معظم مال الشركة فنجد نظام الشركات قد خلا من تحديد نسبة هذا الهلاك ولكنه وضع ضابطاً للهلاك الذي يترتب عليه انقضاء الشركة، وهو ان يتعذر استثمار الباقي استثماراً مجدياً. وإذا حدث خلاف في كون الباقي من مال الشركة يكفي لاستمرارها أو لا يكفي، فإن لديوان المظالم القضاء التجاري سلطة الفصل، فيما إذا كان الهلاك قد أتى على معظم مال الشركة أولاً، وهل تستطيع الشركة الاستمرار بهذا الباقي أم لا؟ وله في هذا الشأن الحق في الاستعانة برجال الخبرة وأهل النظر في هذا المجال اتفاق الشركاء على حل الشركة قبل انقضاء مدتها: جعل نظام الشركات السعودي شروط الشركاء والعرف الجاري بينهم معتبرين، وتسري أحكامهما على الشركاء ما لم يتعارضا مع أحكام النظام. فإذا اتفق الشركاء على حل الشركة قبل انتهاء مدتها، فإن الشركة تنقضي، فكما يجوز للشركاء اطالة مدة الشركة فإنه يجوز لهم كذلك الاتفاق على حل الشركة قبل انتهاء مدتها. وهذا الحكم ينطبق على شركات الأشخاص، وشركات الأموال رغم الاختلاف الكبير بينهما ففي شركات الأشخاص، لابد ان يصدر القرار باجماع الشركاء. بينما نجد في شركات الأموال كما في شركة المساهمة مثلاً ان النظام يشترط في حل الشركة قبل انقضاء مدتها موافقة ثلاثة أرباع الأسهم الممثلة في اجتماع الجمعية العامة غير العادية. ويجب ان تكون الشركة موسرة وقت انحلالها، حتى لا يكون انحلالها مجانياً للصواب، وذلك بحيث تكون حقوق الشركة تفوق التزاماتها، وإلاّ كانت الشركة في حالة افلاس. اندماج الشركة في شركة أخرى هذا السبب يسري على جميع أنواع الشركات، فيجوز ان تندمج أي شركة في شركة أخرى سواء من نوعها أو من نوع آخر، حتى ولو كانت الشركة في طور التصفية، إلاّ الشركة التعاونية فلا يجوز لها ان تندمج إلاّ في شركة تعاونية مثلها. والاندماج في النظام يكون على نوعين: الأول: الاندماج بطريق الضم وهو عبارة عن ضم شركة أو أكثر في شركة أخرى، بحيث تندمج الشركة المدمجة في الشركة الدامجة، وتنتهي الشخصية المعنوية للشركة المدمجة، وتنتقل ذمتها المالية وجميع حقوقها والتزاماتها إلى الشركة الدامجة، وذلك حتى تكون بصدد اندماج نظامي يترتب عليه انقضاء الشركة المدمجة. الثاني: الاندماج بطريق الاتحاد، وهذه الطريقة بين النظام بأنها عبارة عن: مزج شركتين أو أكثر في شركة جديدة تحت التأسيس. صدور حكم من المحكمة المختصة بحل الشركة بناء على طلب أحد ذوي الشأن وبشرط وجود أسباب خطيرة تبرر ذلك. يفهم من هذا السبب أنه يشترط لصدور حكم بحل الشركة ثلاثة شروط: الأول: صدور حكم من المحكمة المختصة (ديوان المظالم القضاء التجاري). الثاني: ان يكون القرار صادراً بناء على طلب ذوي الشأن. ومن ذوي الشأن: دائن الشركة: فقد تكون له مصلحة في صدور قرار الحل وذلك إذا خشي ان استمر وجود الشركة إلاّ يبقى من موجوداتها شيء عند إجراء التصفية، ولا يصح الاعتراض على ذلك بإمكانية ان يتقدم الدائن بطلب شهر الافلاس لأن شروطه قد لا تكون متحققة. وكذلك دائن الشريك: وذلك حتى يستعيد حريته في التنفيذ على ما سيؤول إليه من ناتج القمة بعد تصفية الشركة المترتب على الحكم حسابها. وكذلك الشركاء: وذلك لاتفاق جميع شرائح النظام (1). كل من مكان من (ذوي الشأن). فله حل الشركة، ولا يوجد ما يمنع من التوسع في مفهوم ذوي الشأن، وذلك لأن طلب الحل يجب ان يكون مؤسساً على وجود أسباب خطيرة تبرره، ويخضع تقدير مدى خطورة هذه الأسباب وكفايتها لإصدار قرار الحل إلى المحكمة المختصة - ديوان المظالم ولا يوجد محذور في ذلك لأن القرار يصدر عن المحكمة المختصة. أما الشرط الثالث والذي يشترط وجود أسباب خطيرة تبرر حل الشركة قضائياً، فنجد ان هذه الأسباب قد تكون راجعة إلى إرادة الشركاء، مثل: امتناع الشريك عن تنفيذ التزاماته أو عدم الوفاء بحصته، أو الخلاف المستحكم بين الشركاء بحيث يصل هذا الخلاف إلى درجة يجعل التعاون فيما بين الشركاء مستحيلاء. وقد تكون الأسباب غير راجعة إلى إرادة الشركاء، مثل الاضطراب العقلي الخطير لأحد الشركاء، أو وقوع أزمة اقتصادية للشركة من المتعذر الاستثمار أثنائها. وبناء على ما سبق، نجد ان صدور قرار بحل الشركة من ديوان المظالم يتعلق بجميع الشركات سواء شركات أشخاص، أو أموال، ولكن يكون أكثر ظهوراً في شركات الأشخاص. الأسباب الخاصة لانقضاء الشركات في النظام. سنتكلم هنا بإيجاز عن الأسباب الخاصة التي تنقضي بها الشركات في النظام. فنقول بأن الشركات إما ان تكون شركات أشخاص وهي: شركة التضامن، وشركة التوصية البسيطة، وشركة المحاصة. وإما ان تكون شركات أموال: وهي شركة مساهمة. واما ان تكون ذات طبيعة مختلطة: كشركتي التوصية بالأسهم، وذات المسؤولية المحدودة. وهاتان الشركتان إما ان تنقضي بالأسباب التي تنقضي بالأسباب التي تنقضي بها شركات الأشخاص وإما ان تنقضي بالأسباب التي تنقضي بها شركات الأموال. الأسباب الأسباب الخاصة التي تنقضي بها شركات الأشخاص بين النظام الأسباب التي تنقضي بها شركة التضامن وجعل هذه الأسباب تسري على شركة المحاصة وشركة التوصية البسيطة. وشركة التوصية بالأسهم وذلك بالنسبة للشركاء المتضامنين. وهذه الأسباب هي كما يلي: وفاة أحد الشركاء.. نص النظام السعودي على انقضاء الشركة بوفاة أحد الشركاء في جميع شركات الأشخاص، على ان انقضاء الشركة بوفاة أحد الشركاء ليس من النظام العام، فإنه يجوز للشركاء ان يتفقوا على استمرار الشركة فيما بينهم أو مع ورثة الميت، حتى لو كان هؤلاء الورثة قصراً. افلاس أحد الشركاء أو اعساره أو الحجر عليه الافلاس والاعسار والحجر أمور تؤدي إلى انعدام الثقة في الشريك، ولكن هذه الأسباب ليست من النظام العام، فيجوز للشركاء ان يتفقوا على استمرار الشركة يما بينهم، ولا يكون لهذا الشريك الذي اعسر أو افلس أو حجر عليه إلاّ نصيبه في أموال الشركة، ويقدر هذا النصيب وفقاً لآخر جرد مالم ينص عقد الشركة على طريقة أخرى للتقدير. انسحاب الشريك لانسحاب الشريك المتضامن في شركات الأشخاص أهمية كبيرة، لأن الاهتمام بالشركاء نابع من مسؤوليتهم - عن ديون الشركة حتى في أموالهم الخاصة، ونتيجة لذلك فإن أي اخلال بالاعتبار الشخصي يترتب عليه انحلال الشركة باعتبارها شركة أشخاص ومن المعلوم ان من زوال الاعتبار الشخصي انسحاب الشريك. والنظام في هذا فرق بين الشركة محددة المدة، والشركة غير محددة المدة، فنص على ان الشركة إذا كانت غير محددة المدة فإنها تنقضي إذا انسحب أحد الشركاء. لأن الانسحاب من الشركة غير محددة المدة حق للشريك، فيجوز له متى شاء ان ينسحب من الشركة، وبالتالي تنقضي الشركة ما لم يتفق الشركاء على غير ذلك، وهذا الحق متعلق بالنظام العام، فلا يجوز حرمان أحد الشركاء فيه ولا التنازل عنه لأنه متعلق بالحرية الشخصية، ولا يمكن ان يكون الشخص حبيساً لعلاقة نظامية مدى الحياة. ولكن هنا لسلطة القضاء إذا رأى ان الانسحاب قصد به الاضرار بالشريك ان يمنع الضرر وذلك إما ان يقدر نصيبه ويتم شراؤه من قبل الشريك الآخر أو احضار شريك آخر يحل محله وهذا هو الذي عليه العمل في القضاء. وأما الشركة المحدودة المدة فلا يجوز للشريك ان ينسحب منها قبل نهاية مدتها، وذلك ان النظام جعل الانسحاب منها سبباً من أسباب الانقضاء إذا كانت الشركة غير محدودة المدة. عزل المدير النظامي أو انعزاله المدير الذي يترتب على عزله أو اعتزاله حل الشركة، هو الشريك المعين في عقد الشركة: فلا يجوز للشركاء ان يعزلوا هذا المدير، ولا يعزل إلاّ بقرار يصدر من ديوان المظالم بناء على طلب أغلبية الشركاء ويشترط وجود مسوغ شرعي يبرز عزله، فهذا هو الطريق الوحيد لعزله، وأي اتفاق على خلاف هذا فهو غير معتبر. وكما لا يجوز عزل هذا المدير فإنه لا يجوز اعتزاله إلاّ لسبب مقبول يبرر ذلك. وأما إذا اعتزل لغير سبب مقبول وترتب على اعتزاله ضرر فإنه يكون مسؤولاً عن التعويض. فهذا المدير إذا عزل عن الإدارة أو اعتزل عنها فإن الشركة تنقضي إلاّ إذا اتفق الشركاء على استمرار الشركة حتى مع عزل هذا المدير أو اعتزاله، ونصوا على هذا في عقد الشركة. الأسباب الخاصة بانقضاء شركات الأموال وما يلحق بها من الشركات المختلطة نص النظام على هذه الأسباب وبين ذلك بما جاء في الأسباب الخاصة لانقضاء شركة المساهمة، حيث نص النظام على ان هذه الشركة تنقضي بسبب انتقال أسهمها إلى مساهم واحد، وكذلك إذا انقضت سنة كاملة على هبوط عدد المساهمين عن خمسة فإنه يجوز لكل ذي مصلحة طلب حل الشركة. وكذلك إذا بلغت خسائر الشركة ثلاثة أرباع رأس المال وجب على أعضاء مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها قبل الأجل المحدد في نظامها. أما إذا اهمل أعضاء مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية، أو اجتمعت هذه الجمعية ولكن لم تصدر قراراً في هذا الموضوع جاز لكل ذي مصلحة ان يطلب حل الشركة. ويلاحظ في هذه الشركة أنه لا يوجد اعتبار بالشخص فلا تنقضي بوفاته أو اعساره أو انسحابه كما في شركات الأشخاص وإنما الاعتبار هنا بالمال. وبالنسبة لشركات التوصية بالأسهم، وهي شركة مختلطة فإنها وان كانت تنقضي بالأسباب التي تنقضي بها شركات الأشخاص وذلك بالنسبة للشريك المتضامن، فإنها تنقضي بنفس الأسباب التي تنقضي بها شركة المساهمة وذلك بالنسبة للشريك المساهم. وبالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحددة، وهي شركة مختلطة فإن النظام نص على أنها تنقضي بنفس الأسباب التي تنقضي بها شركة المساهمة. هذا ما أحببت عرضه في هذا العجالة ولعل فيما أوردته بيان للقارئ الكريم أسباب انقضاء الشركات في النظام السعودي. ٭ قاضٍ بديوان المظالم بالرياض