سيطر مقاتلو المعارضة السورية ليل الجمعة السبت على مركز عسكري استراتيجي في غرب حلب، في اول تقدم نوعي لهم في هذه المنطقة منذ العام 2013. في المقابل بدأت قوات النظام السورية مدعومة بقوات من حزب الله هجوما واسعا على الزبداني الاستراتيجية. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن: "سيطرت غرفة عمليات فتح حلب المؤلفة من مجموعة فصائل مقاتلة بينها لواء صقور الجبل وحركة نور الدين زنكي ولواء الحرية الاسلامي، بشكل كامل الليلة الماضية على مركز البحوث العلمية الواقع عند الاطراف الغربية لمدينة حلب". ورأى ان "هذا الانجاز هو تقدم استراتيجي بارز بالنسبة الى معركة حلب خلال السنتين الماضيتين"، مشيرا الى ان السيطرة على المركز "تعرض للخطر حي حلب الجديدة والاحياء الغربية الاخرى الواقعة تحت سيطرة النظام". وكان مقاتلو المعارضة تمكنوا في 17 مايو من الاستيلاء على حي الراشدين المتاخم لمركز البحوث. ويشن تجمع يضم جبهة النصرة وفصائل اخرى غالبيتها اسلامية منذ الخميس هجوما عنيفا على حي جمعية الزهراء الى الشمال من مركز البحوث في غرب المدينة ايضا. وبعد ان تمكنوا من السيطرة على بضع نقاط، اضطروا ليلا الى التراجع تحت وطأة الضربات الجوية التي ينفذها النظام. وقال الخبير في شؤون الشرق الاوسط توما بييريه، الاستاذ المحاضر في جامعة ادنبره: إن "التقدم الذي سجل خلال الاسابيع الاخيرة في غرب حلب (...) هو التقدم الاول الحقيقي للمعارضين منذ 2013". واندلعت المعارك في حلب في صيف 2012 عندما تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على اجزاء واسعة منها، وانقسمت المدينة سريعا بين احياء تحت سيطرة النظام في الغرب وأخرى تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في الشرق، علما أن مقاتلي المعارضة متواجدون في مناطق متعددة في ريف حلب. ولم تتوقف المعارك في المدينة خلال السنوات الثلاث الماضية، ما حول اجزاء واسعة منها الى دمار. لكن منذ 2013، لم تتغير خريطة المدينة كثيرا على الارض. ويمتد مركز البحوث العلمية على مساحة واسعة جدا ويضم مباني و«هنغارات» عديدة، وقد تحول بعد الحرب الى ثكنة عسكرية لقوات النظام. وقال بييريه: "بفقدانه مركز البحوث العلمية، فقد النظام خط دفاع مهماً، ما يجعل سيطرته على الاحياء في غرب حلب اكثر هشاشة". وبدأ الهجوم على المركز بعد ظهر الجمعة. وبثت حركة نور الدين زنكي شريط فيديو على الانترنت بدا فيه عشرات المقاتلين المسلحين يتنقلون داخل مركز البحوث ويهتفون "الله اكبر" ويطلقون النار ابتهاجا في الهواء. وظهرت في الصور داخل المبنى اثار دمار وركام، بينما رفع علم "الثورة السورية" في الباحة. وقال المرصد: إن الطيران الحربي قام منذ صباح السبت بقصف مكثف على مركز البحوث، ما دفع المقاتلين الى اخلاء اجزاء منه والتجمع في الاجزاء الغربية. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) السبت عن مصدر عسكري أن "وحدات الجيش العاملة في حلب كبدت ارهابيي داعش وجبهة النصرة خسائر كبيرة بالافراد والعتاد في عمليات دقيقة ضد بؤرهم وتحركاتهم" في حلب. في الوقت نفسه، تواصلت المعارك "بشكل عنيف جدا وجنوني"، بحسب المرصد، في محيط حي جمعية الزهراء. وكان تجمع من الفصائل أطلق على نفسه اسم "غرفة عمليات انصار الشريعة" يضم جبهة النصرة وفصائل غالبيتها اسلامية، بدأ هجوما الخميس على هذا الحي الذي يضم فرع المخابرات الجوية، إحدى أبرز النقاط العسكرية للنظام في المدينة. وقال المرصد السوري: إن الطيران التابع للنظام نفذ "أربعين غارة جوية على تجمعات المقاتلين في محيط المدينة" السبت. وقتل 29 مقاتلا من الفصائل مساء الجمعة في معارك حي جمعية الزهراء، بينما لم تعرف بعد حصيلة القتلى في صفوف قوات النظام. ومن شأن سيطرة مقاتلي المعارضة على هذا الحي ان يجنب الاحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة قصفا مصدره فرع المخابرات الجوية ومحيطه، بالإضافة الى تأمين الطريق الدولي الواصل بين حلب ومدينة غازي عنتاب التركية. وتستخدم فصائل المعارضة هذا الطريق للتنقل وللامداد من تركيا الى مناطق سيطرتها في ريف حلب وفي القسم الشرقي من المدينة. كما ان السيطرة على الحي تضع الاحياء الغربية التي يسيطر عليها النظام في مرمى نيران المعارضة. وقال بييريه: "من الصعب التنبؤ اذا كان تقدم المعارضة سيستمر في حلب وان كانت الامور ستتطور سريعا. يرتبط ذلك بقوة النظام على الارض ومحفزاته، وهو ما لا نملك معلومات وافية عنه". وتابع: "حلب الغربية ساحة معركة صعبة بالنسبة الى المعارضين. فالشوارع عريضة على جانبيها ابنية مرتفعة يمكن لقناصة النظام ان يتمركزوا فيها، كما يمكن للآليات المدرعة ان تنتقل بسهولة في المنطقة". تفجير أريحا في محافظة ادلب (شمال غرب)، ارتفعت حصيلة القتلى من عناصر جبهة النصرة الذين سقطوا في تفجير استهدف مسجدا في مدينة اريحا مساء الجمعة الى 31، بالاضافة الى عشرات الجرحى، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، وكانت حصيلة سابقة اشارت الى مقتل 25 عنصرا، ولم تشر جبهة النصرة على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي الى التفجير. واستهدف الانفجار مسجد سالم في غرب المدينة، بينما كان عناصر النصرة يستعدون لتناول الافطار مع عدد كبير من المدنيين، بحسب ما ذكر ناشطون، في احدى قاعات المسجد. ورجح المرصد ان يكون التفجير ناتجا عن "عبوة ناسفة كبيرة مزروعة داخل المسجد". وسيطرت جبهة النصرة ومجموعة من الفصائل المقاتلة الاخرى في نهاية مايو على مدينة اريحا التي كانت أحد آخر مواقع النظام في محافظة ادلب. جبهة الزبداني على جبهة أخرى، بدأت قوات النظام والجماعات المتحالفة معها هجوما واسعا على مدينة الزبداني الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة. ويأتي الهجوم وسط غطاء مدفعي وجوي كثيف لانتزاع السيطرة على المدينة الواقعة إلى الغرب من العاصمة السورية دمشق قرب الحدود اللبنانية. وأظهرت لقطات تلفزيونية أعمدة النار تتصاعد من المدينة. ويسعى جيش النظام منذ فترة طويلة إلى انتزاع السيطرة على الزبداني من قبضة المعارضة. وهذه المدينة قريبة من طريق بيروتدمشق الرئيسي الذي يربط البلدين وستمثل السيطرة عليها مكسبا استراتيجيا لحكومة بشار الأسد. والزبداني التي كانت يوما واحدة من المنتجعات الساحلية الشهيرة باتت أحد المعاقل المتبقية لمقاتلي المعارضة على الحدود. ويقول مقاتلو المعارضة: إنهم زرعوا الألغام حول المدينة شبه المهجورة وإنهم مستعدون بشكل جيد لصد الهجوم.