تعد ظاهرة التسول من الظواهر التي تنتشر بصفة مستمرة في شهر رمضان المبارك حيث يسعى المتسولون إلى استغلال مشاعر الناس الدينية خلال هذا الشهر الكريم، وبالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذل من قبل الجهات الرسمية لمحاربة هذه الظاهرة إلا أنها تعود مرارا وتكرارا وبمساعدة المواطنين أنفسهم من خلال تقديم المعونات التي تشجع المتسولين على المعاودة إلى ممارسة هذه المهنة مرة أخرى، وذلك للحصول على الربح السريع ودون أي عناء يذكر . «اليوم» التقت بالعديد من المواطنين الذين تحدثوا عن خطورة انتشار الظاهرة والطرق المختلفة لمواجهتها، وركزوا على ضرورة تكثيف الوعي لمواجهة الظاهرة. من جانبه، أكد بندر الملا أن التسول سلوك منحرف وأن المتسول شخص غير متوافق اجتماعيا ونفسيا، كما أنه يضر بالاقتصاد القومي، حيث يمثل المتسولون طاقة بشرية مهدرة وغير منتجة بل تصل في بعض الأحيان لتعطيل الغير، مبينا أنه تزداد ظاهرة التسول في بعض المناسبات وخاصة المناسبات الدينية، ويشكل ذلك مظهرا غير حضاري خاصة مع انتشار هذه الظاهرة في المناطق الحضرية وفي المدن بعيدا عن أعين الرقيب، ممثلا في هيئات مكافحة التسول التي ينبغي عليها أن تقوم بالدور المناط بها في محاربة ظاهرة التسول التي تزداد في شهر الخير، مستغلين بذلك حرص المواطنين على الخير وابتغاء الأجر في الشهر الفضيل. وأضاف عبدالرحمن المطوع إن أغلب دول العالم اهتمت بسن التشريعات لمحاربة التسول وتنظيم الخدمات التي تقدم لهم، فالتسول ظاهرة اجتماعية يمارسها الفرد هربا من مسؤوليات الحياة خاصة بالنسبة لمن ليست له الرغبة في مزاولة عمل شريف يدر عليه دخلا يحفظ له ماء وجهه، فترى المتسول يظهر مرة بمظهر المريض أو العاجز عن العمل أي أن المتسول هو كل شخص صحيح البنية وجد متسولا في الطريق العام أو المحال أو الأماكن العمومية. أنواع للتسول وبين محمد الرشيد أن التسول يمكن تصنيفه إلى أنواع فهناك التسول الظاهر والتسول غير الظاهر، فالتسول الظاهر هو ذلك التسول الصريح الذي يمد فيه المتسول يده مستجديا الناس ويطلب العطاء، وآخر غير ظاهر وهو التسول المستتر من خلال عرض أشياء أو بيع سلع تافهة لا قيمة لها أو تقديم خدمة رمزية مثل مسح الزجاج في بعض محطات تعبئة الوقود، وهناك كذلك التسول العارض والتسول الموسمي والتسول الدائم، فالتسول العارض هو عابر ووقتي لحاجة طارئة كما في حالات شخص ضل الطريق أو سرقت نقوده، والتسول الموسمي وهو الذي يمارس في المواسم والمناسبات مثل شهر رمضان أو الأعياد أو صلاة الجمعة، والتسول الدائم هو تسول مستمر لمحترفي التسول من العاجزين أو من يمثلون دور العاجز وعلى مدار العام. وأوضح حمد الدوسري أنه توجد عوامل مسببة للتسول فهو آفة اجتماعية خطيرة تعبر عن وجود خلل في البناء الاجتماعي، فمن الأسباب التي تساعد على ظهور مشكلة التسول هي العوامل الحيوية والطبية كالتشوهات الخلقية الوراثية مثلا أو نتيجة لاضطرابات صحية، والأمراض المزمنة الجسدية، والعاهات الجسمية كالعجز، والعوامل النفسية والعقلية مثل الحرمان والعزل والاحباط واضطرابات نمو الشخصية. وقال عبدالله السبيعي إن حكومة المملكة هي رائدة العمل الخيري اهتمت كثيرا بقضايا المحتاجين وانشأت الجمعيات الخيرية لتقوم على رعاية حاجات الناس، فالاسلام قبل أن يحث على الصدقة أكد على أهمية العمل، وأن اليد العليا خير من اليد الدنيا، وكذلك بين أن خير مال يكتسبه الانسان ما كان من عرق جبينه، فظاهرة التسول للأسف نجدها عند الاشارات وفي مداخل الاسواق والمساجد وتزيد خلال الشهر الكريم، في محاولة من هؤلاء لاستجداء عطف الناس وحرصهم على الخير خلال أيام وليالي شهر رمضان. زيادة الأعداد وأشار علي بن سويدي إلى أنه بالرغم مما تنفقه الدولة من أموال طائلة في تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة وما تنفقه من أموال ومستحقات الضمان الاجتماعي وجمعيات البر والجمعيات الخيرية الأخرى، وما تنفذه الدولة من مشروعات عملاقة تسعى من خلالها إلى وضع المواطن في المكان اللائق به في مصاف الدول المتقدمة، إلا أن التسول أضحى ظاهرة تعاني منها العديد من المدن والقرى والضواحي لاسيما في شهر رمضان، حيث نجد تزايداً ملحوظاً في عدد المتسولين في المساجد وعند إشارات المرور أو داخل محطات الوقود أو حتى في المجمعات التجارية وغيرها. أسهل الطرق فيما أرجع أيمن الغامدي ظاهرة انتشار التسول خاصة بين المواطنين إلى الجشع والبحث عن المال من خلال سلوك أسهل الطرق دون تكبد معاناة، بالرغم من حرص الدولة على احتواء المحتاجين عن طريق البرامج التي تضعها للصرف على المحتاجين كالضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية التي سهلت الدولة عملها للوصول إلى المحتاجين، مبينا أنه ينبغي ألا نتعاطف مع المتسولين ويجب أن يكون المواطن الرقيب الأول، والفاعل الأهم في عملية القضاء على ظاهرة التسول التي تتنافى مع كرامة الانسان التي يجب أن تحفظ له. هذا وكشفت دراسة علمية حديثة أن ظاهرة التسول في المملكة تشهد زيادة مستمرة وارتفاعاً مطرداً خلال السنوات الأخيرة، مرجعة الأسباب الرئيسية في بروز هذه الظاهرة إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، محذرة في الوقت نفسه من آثاره السلبية على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وحول جنسيات المتسولين أوضحت الدراسة التي دعمتها «مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية» أن معظم المتسولين من الجنسية اليمنية، تليهم الجنسية المصرية، ثم الجنسيات الأخرى، أغلبهم من الأميين ذوي الدخول المنخفضة. وحول مناطق تواجدهم أشارت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد برئاسة الدكتور مساعد بن إبراهيم الحديثي إلى أن أكثر المتسولين تم القبض عليهم في مدينة جدة، تلاهم المقبوض عليهم في مكةالمكرمة، ثم مدينة الرياض، وأن معظم المقبوض عليهم من غير السعوديين الذين يتسولون في الأسواق والمساجد وعند الإشارات المرورية. واتضح لدى فريق البحث أن الأسباب الرئيسية للتسول تتمحور حول العوز الشديد، والبطالة، والظروف الأسرية، وتعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول، وعدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، إضافة إلى ضعف إمكانات حملات مكافحة التسول، وكثرة المتخلفين من العمالة الوافدة، ووجود عصابات تشرف على التسول. اصطحاب الأطفال لاستجداء التعاطف