في يوم السبت السادس والعشرين من شهر شعبان المنصرم ألم بأسرة الماجد الهزاني في الأحساءوالدمام مصاب جلل كدر صفو حياتهم بفقدان أحد أبنائها البررة الذي احتل حبه حيزاً كبيراً في أفئدة جميع أفراد الأسرة وزملائه في العمل وأصدقائه ومعارفه وكل من قابله من الناس سواء طالب فتوى أو رقية. إنه فضيلة الشيخ قاضي الاستئناف الدكتور فؤاد بن محمد بن عبدالعزيز الماجد وهو في منتصف العمر الذي أجزم أنه ليس له مبغض إلا عدو للحق والعدل. لقد تخرج في كلية الشريعة وعمل في سلك القضاء وتدرج فيه حتى وصل إلى مرتبة قاضي استئناف بعد أن عمل رئيساً لمحكمة محافظة القطيف فترة من الزمن ولم يأت هذا التطور الوظيفي من فراغ بل إن ذلك يعود إلى ما بذله من جد واجتهاد ومثابرة في سبر أغوار العلوم الشرعية المتعلقة بالقضاء حتى حصل على درجة الدكتوراة في تخصص مهم جداً الا وهو دراسة مقارنة لأنظمة القضاء في بعض دول العالم. لم يكن همه من الحصول على درجة الدكتوراة تحقيق جاه أو مال في هذه الدنيا التي أصبح البعض من الناس فيها يتكالبون على المكاسب المادية بشتى الوسائل. إنه صنف آخر من الناس كرّس جهده ووقته وعلمه لخدمة الآخرين بإصدار الفتوى لمن يطلبها، ورقية جميع من لجأ اليه من المرضى، إنه الفؤاد الذي غزا حبه أفئدة الناس، لقد كان مجلس العزاء حافلاً بوجود حشد كبير من المشايخ والعلماء الافاضل يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود أمير المنطقة الشرقية- حفظه الله-، وقد سمعنا من الحضور الكثير عن أعماله التي كان يؤديها بصمت ولا يعرف الناس عنها شيئاً، لأنه لم يكن يقوم بها حباً في الظهور والبروز بل كان يريد بها وجه الله تعالى. إن خدمة الناس خارج نطاق دوامه الرسمي في المحكمة كانت تستغرق منه جهداً ووقتاً على حساب راحته الشخصية لأنه رحمه الله كان يجد راحة نفسية وسعادة غامرة حينما يلبي رغبات من يلجأ اليه من طالبي الفتوى أو الرقية او أي أمر من الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، ومن المعلومات التي سمعناها من زملائه المشايخ الأفاضل أنه كان له اهتمام كبير بخدمة المجتمع في مجال الأعمال الخيرية والتعاونية، وكانت له أياد بيضاء في إنشاء العديد من الجمعيات الخيرية والتعاونية في العديد من مدن وبلدات المنطقة الشرقية، وكان يحث الجميع على المساهمة بجهودهم وأموالهم في إنشاء هذه الجمعيات لأنه كان يرى أن خدمة مجتمعه أمانه في عنقه. ومن الأعمال الخيرية التي كان يقوم بها تخصيص مساء أحد أيام الأسبوع لمقابلة الراغبين في الاستفسار عن بعض الأمور الشرعية. كما كان له- رحمه الله- دور بارز في خدمة الإسلام والمسلمين حيث إنه كان يشرف على مكاتب توعية الجاليات وركن الحوار في أحد جوامع الدمام الذي كان يقوم بتعريف الدين الاسلامي لغير المسلمين عن طريق الانترنت في أنحاء العالم وقد أثنى أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ على أريحيته وتفانيه في أداء عمله دون ملل أو كلل. وحينما تفضل صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية -حفظه الله- بالحضور إلى مجلس العزاء عبر سموه عن تقديره للشيخ فؤاد بكلمات أرهفت مسامعنا وأثلجت صدورنا لما كان يتمتع به يرحمه الله من ثقة ولاة الأمر- أيدهم الله- لقاء اخلاصه لدينه ثم مليكه ووطنه. وكانت عبارات سموه تحمل في ثناياها رضا ولاة الأمر- حفظهم الله- على الشيخ فؤاد في أداء عمله لأنه كان مثالاً للمواطن الصالح والمسئول الكفء الذي وطد علاقته بولاة الأمر تقديراً وحباً لهم لقد فقدنا عالماً بارزاً كان له دور هام وأعمال جليلة في الحياة الدنيا يرجو بها وجه الله سبحانه وتعالى. حقق الله آماله فيما كان يصبو اليه من نعيم الجنة ونسأله تعالى أن يجزيه خير الجزاء على ما قدمه في الحياة الدنيا التي ضحى فيها بكل شيء لاسعاد الآخرين جمعنا الله واياه في مقر رحمته. وأختم كلمتي هذه داعياً الله أن يلهم أخاه واخواته وزوجته وأسرته ومحبيه الصبر والسلوان وأن يحسن عزاءنا وعزاءهم.. إنا لله وإنا إليه راجعون.