عند انتهاء الموسم الرياضي أو في فترة الانتقالات تهب الأندية لمراجعة ملفات لاعبيها الأجانب خصوصًا، وتنشط لدراسة ملف لاعبيها المحليين. ويختلف كل نادٍ عن الآخر في متطلباته، وقدراته، واحتياجاته، ورؤيته، وأمنياته؛ وذلك بسبب اختلاف الأندية من حيث ملائتها المالية، وقدراتها المادية، ومستوياتها، ومواصفاتها، وطموحاتها. لكن إلى الآن لا أعرف أن لنادٍ ما ضوابط معينة، أو معايير معينة عند اختيار وجلب لاعبين جدد، أو إعارة واستعارة لاعبين، أو عند تبديل لاعبين لم يوفقوا. القضية تكمن في إشكالية الاجتهادات، ومشكلات تسويق اللاعبين على الأندية. لا يكاد الموسم ينتهي إلا تجد كثيرًا من وكلاء اللاعبين حين يسمعون همسًا أن الفريق الفلاني ينوي «بس» نية الاستغناء عن لاعب ما، أو تغييره، أو البحث عن لاعب جديد. لا يكادون سماع ذلك إلا وتجد «السيديهات» قد تم تجهيزها وبدأ الوكلاء كتجار شنطة تسويق بضاعتهم من اللاعبين. فتكثر العروض، وتتكثف وتتكرر محاولات الترويج لكسب صفقة ما. وبالطبع هؤلاء المسوقون لا يبالون كثيرًا باحتياجات الفريق العلاني الحقيقية أو جودة بضاعتهم. هم يهتمون بربح كم صفقة ولا يلتفتون بعدها لما قدمه لاعبهم لأنهم يجهزون له لتسويقه لطرف آخر في حالة عدم نجاحه. لذلك اجتمعت عدة أمور أوقعت أنديتنا في الاحتيار عند الاختيار، الأول فقدان الأندية لمعايير منضبطة ماليًا وفنيًا وإداريًا عند اختيار وجلب أو تغيير اللاعبين. الثاني اختلال، وتأرجح، وارتباط توقيت قرارات الجلب أو التغيير بالنتائج وما يقدمه الفريق بغض النظر عما يمكن أن يحدثه قرار استغناء أو جلب لاعب من مشكلات. الثالث اعتماد كثير من الأندية في جلبها للاعبين على توصيات معينة لمدربين عاملين أو أحيانًا لاعبين في نفس الفريق. والرابع لسيرة اللاعب المخزنة على «سيدي» أو قرص أو الحث على الرجوع إلى مقاطع ومشاهد في اليوتيوب للاعب المعروض لذلك تأثير خادع ومؤثر لأنه يتم جمع أجمل وأحلى اللقطات وتقديمها للمستفيد وأكثر من يتأثر لذلك هم الجمهور. الأمر الخامس هو قدرة تأثير بعض المسوقين ووعوده ونصائحه على إدارة أي نادٍ. وقد تغامر بعض الفرق بسبب العاطفة أو الميل أو القراءة الخاطئة أو المنافسة على لاعب لكي لا يذهب للفريق المنافس تغامر بجلب لاعب قد لا يخدمها ولا ينجح معها. كما أن إدارات الأندية قد تجتهد بقوة وتنجح في جلب لاعب مميز لكن يتناسى الكثير أن الخيار الصحيح قد يصطدم بظروف خاطئة أو مواقف معينة لا تعين هذا اللاعب المجلوب أو ذاك بأن يقدم مستويات مرضية، وعطاءات مميزة، وقد لا يتفهم الجمهور ذلك. والأمثلة كثيرة في ملاعبنا. ختام القول: وقوع أنديتنا بين الاختيار والاحتيار سوف يستمر مع استمرار الاجتهادات أو الأساليب التقليدية عند قرار الإتيان بلاعب، أو الاستغناء عنه. والمشكلة الأخرى التي تعزز ما سبق هو الخيارات الشخصية لرئيس نادٍ، أو متنفذ فيه. وكذلك ارتباط خيار جلب لاعب بمدرب قد يتم الاستغناء عنه فيأتي مدرب آخر لا يجد أن هذا اللاعب يناسبه فيطالب ببديل. كل ذلك يرهق أنديتنا ماديًا وفنيًا وإداريًا؛ لذا توجب وضع معايير ضابطة تقرأ الاحتياجات للنادي بطريقة متمعنة. وتفرض آلية مميزة لاختيار اللاعب المرغوب سواء عبر متابعته لفترات طويلة، ورصد كل تفاصيله وعدم الاعتماد على بائعي الكلام و«سيدي» التسويق عفوًا التصريف.