في شهر رمضان الفضيل يرتكب بعض المسلمين مجموعة من الأخطاء، ربما عن غير قصد، ولكنها غير جائزة على العموم، لعل على رأسها الإسراف في المشتريات، فقبل دخول هذا الشهر الفضيل بأيام قلائل يتسابق المسلمون لشراء وتخزين كميات كبيرة من الأغذية في منازلهم، وربما ينتهي الشهر الفضيل وهم لم يستهلكوا من تلك المواد إلا النزر القليل، والفائض منه "وهو كثير" يرمى في سلة المهملات وربما تنتهي صلاحية استخدامه بعد رمضان بقليل. والإسراف في إعداد المواد الغذائية أثناء الإفطار يتكرر في كل عام، فنرى معظم المسلمين في هذا الشهر الكريم يتعمدون الإكثار من تقديم عشرات الأنواع من الأطعمة وهم لا يأكلون إلا القليل منها، والبقية الباقية "وهي كثيرة جدا" ترمى في صناديق النفايات، وليت أنها توزع على الفقراء في هذا الشهر الفضيل، غير أنها ترمى بعد الإفطار مباشرة، ولا يرفع شيء منها لوجبة السحور، فالاسراف في السحور يتكرر أيضا مثل الاسراف في الافطار. ومن العيوب التي أراها واضحة في هذا الشهر الفضيل، هو رفع الأسعار من قبل محلات بيع الأغذية ما كبر منها وما صغر، ومن الملاحظ أن أصحابها يتسابقون لرفع الأسعار في وقت يجب فيه أن يحدث العكس، فهذا شهر فضيل يجب أن يتسابق فيه التجار لفعل الخيرات، ومن صورها خفض الأسعار في شهر لا يجب فيه استغلال الفرص وتعمد رفع أسعار المواد الغذائية عن بقية شهور السنة. من العيوب أيضا تسمر أفراد العائلات أمام التلفاز لملاحقة الفوازير والمسلسلات في وقت تقام فيه صلوات التراويح والقيام، وهذا عيب كبير يتكرر للأسف الشديد في كل موسم رمضاني، فهذا الشهر هو شهر العبادات والتقرب الى المولى القدير بصالح الأعمال، غير أن أوقاته تصرف للأسف الشديد على تلك الفوازير والمسلسلات والتمثيليات ونحوها، وتترك فيه العبادة في هذا الشهر العظيم. وقد ينصرف المسلمون عن قراءة القرآن في هذا الشهر العظيم، وفي هذا الشهر تحديدا يستحب أن يكثر المسلمون من قراءة القرآن، ومحاولة ختمه أكثر من مرة، غير أن من الملاحظ أن الاعتكاف في المساجد لقراءة المصحف الشريف يبدو قليلا للغاية، حتى في العشر الأواخر من الشهر الكريم، ورمضان كما هو معروف يجب أن تصرف أوقاته في تكثيف العبادة للمولى القدير بصالح الأعمال، ومن صالحها قراءة كتابه الكريم وتدبره في هذا الشهر. ورمضان العظيم فرصة مواتية لصلة الرحم وزيارة الأقرباء، غير أن ما يحدث -للأسف الشديد- أن الفرقة بين العوائل تكثر في هذا الشهر الكريم، فإذا كانت السمة الطاغية في هذا الزمن هي عدم التزاور في سائر شهور العام، فأظن أن الشهر الفضيل فرصة نادرة لتصحيح هذا الوضع الخاطئ، فزيارة الأرحام والأقارب واجب مهم لا بد من الالتزام به في هذا الشهر المبارك، ليتحول إلى عادة يومية في بقية الشهور بإذن الله. ولعل من الأخطاء السائدة التباهي بشراء أغلى العطور وأغلى الثياب وأغلى الغتر وأغلى ما يمكن اقتناؤه استعدادا لاستقبال عيد الفطر المبارك، وقد يضطر البعض انفاذا لهذا التقليد الأعمى إلى اللجوء للديون والاقتراض حتى يتسنى له شراء حاجيات العيد ومعظمها من "الماركات" الشهيرة الغالية الثمن، ولا أخص النساء دون الرجال، فكلهم في الهم شرق. العطف على الفقراء والمساكين وذوي الحاجات مهمة رئيسة من المهام التي يجب أن يؤديها المسلم في هذا الشهر العظيم، ولا يجب أن تقسو القلوب عليهم في شهر تجب فيه الرحمة والمودة، فلا بد من الشعور بحاجة أولئك للمال حتى يتمكنوا من شراء حاجيات هذا الشهر، وشراء ما يحتاجونه من لوازم العيد المقبل، وهو عطف يؤدي الى التكامل الاجتماعي المنشود الذي نادت به عقيدتنا الإسلامية السمحة. والعيوب التي تحدث للمسلمين في هذا الشهر الفضيل كثيرة للغاية قد لا تستوعبها مساحة هذه العجالة، أذكر منها صور الإسراف في تقديم الأطعمة أثناء ولائم الفطور التي تعد من قبل الكثير من الأسر، فقد تعود الأقارب على تلك "العزومات الرمضانية" غير أن الاسراف في تقديم تلك الموائد لا أجد له مبررا، وهو إسراف غير مستساغ في بقية شهور السنة.. فكيف لنا إجازته في هذا الشهر العظيم؟ * كاتب وإعلامي