لا بد من التذكير بأن شهر رمضان المبارك هو شهر الاقتصاد، ومناسبة دينية كريمة للعبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والتراحم بين الناس، ومساعدة المحتاجين والمساكين، كما وأن في هذا الشهر الكريم الكثير من المعاني الاقتصادية، كالاقتصاد في الطعام والشراب، وتحمل الجوع والعطش وتعلم الصبر، حيث يقتصر الصائم في صيامه على وجبتي الإفطار والسحور وما بينهما ان شهر رمضان فرصة ثمينة لتدريب النفس البشرية على حسن التعامل مع الآخرين وتحقيق الترابط بينهم، لكن هناك عادات كثيرة انتشرت في هذا الشهر الفضيل لاتخلو من الإسراف والتبذير، وذلك بحشد الولائم وتنوع الأطعمة في موائد رمضانية مكلفة. لقد أصبح هذا الشهر الكريم محطة تصريف لغالبية الأسواق وخاصة تلك السلع التي تعتبر أساسية فيه، ففي رمضان تنتعش أسواق التمور واللحوم والفواكه المجففة والمشروبات المثلجة وغيرها، إلا أننا ومع الأسف الشديد نرى أن بعض التجار ينتظرون شهر رمضان المبارك بفارغ الصبر، ليس باعتباره مناسبة دينية للتقرب إلى الله، بل يتسابقون لاستغلال هذه المناسبة الكريمة لتصريف ما لديهم من بضائع مخزونة أشرفت صلاحيتها على الانتهاء، أو السعي إلى زيادة الأسعار على الجديد منها لتحقيق الأرباح الكبيرة، وهو أمر ينافي تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ويتعارض مع أخلاقنا الاجتماعية، حيث أن ديننا يحثنا دائماً على الاعتدال والصدق والأمانة وعدم الاستغلال والجشع والغش. لذا على الجميع عدم الإسراف في شراء أكثر من الحاجة والتعاون مع الجهات المعنية في التبليغ عن حالات الغش وغلاء الأسعار، والمؤمل من وزارة التجارة القيام بمسؤولياتهم وذلك بالتشديد على التجار وحثهم على طرح السلع الأساسية في رمضان بأسعار مناسبة وهامش ربح قليل، وتوفير جميع احتياجات المواطنين من السلع المختلفة، وزيادة الرقابة عليهم للتأكد من الالتزام بالأسعار المعلنة ونشر الوعي الاستهلاكي والاقتصادي للمواطنين، إضافة إلى إيجاد مكاتب عمليات رقابية صارمة لحماية المستهلك في جميع أسواق المملكة لتلقي شكاوى المواطنين والعمل على حلها فورا، وتنظيم حملات مشتركة بينهم وبين أمانات المدن، وذلك للتأكد من صلاحية السلع المعروضة والأسعار المناسبة والحث على تجنب أسلوب الغش والخداع. إن الإنفاق السليم وتوفير المواد الرمضانية الأساسية للأسر المحتاجة مجاناً أو بأسعار رمزية من خلال الأفراد أو الأغنياء أو الجمعيات الخيرية في هذا الشهر الكريم، سوف يخفف العبء عليهم وبذلك يكون الشهر الفضيل يسيراً على الجميع، خاصة ذوي الدخل المحدود والمحتاجين، قال تعالى (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً ) * مستشار مالي عضو جمعية الاقتصاد السعودية