شدد الباحث المتخصص في التراث والفنون الشعبية الدكتور سمير الضامر على ضرورة عدم السكوت عن المتطاولين على الثقافة الشعبية والتي من شأنها تؤدي لتغييبها رغم ما تشكله من حضارة لجميع الأمم، مؤكدا على أهمية رصد المحاولات البدائية في تأسيس الفن الشعبي من خلال تدوين الأسماء الشعرية والإيقاعات القديمة، التي تكاد تندثر اليوم، إضافة لأسماء الفنانين الذين سجلوا أسطوانات في فترات سابقة، لافتاً إلى أن الأحساء كانت تزخر بحراك فني وثقافي وشعبي كبير ولا تزال، إلا أنه لم يسلط عليه الضوء. وأضاف الضامر في محاضرته "الهامش يتحدث" التي أدارها مدير عام جمعية الثقافة والفنون بالمملكة سابقا الكاتب عبدالعزيز السماعيل وذلك في المقهى الثقافي في فرع الجمعية بالأحساء: "للأسف فإن بعض الباحثين والنقاد المحليين ابتعدوا عن إعداد اطروحات علمية متخصصة في الموروث الشعبي، وهو ما يعتبر تصرفا بعيدا كل البعد عن الانسانية والمعرفية، يقابل هذا الاجحاف من قبل الباحثين المحليين اجتهاد من قبل نظرائهم العالميين في روسيا وفرنسا وأمريكا وأستراليا وبريطانيا، من خلال أطروحاتهم العلمية التي تنطلق من الموروثات والحكايات الشعبية وتراث القبائل البدائية والأساطير والعادات والطقوس، واستطاعوا من خلالها تشكيل الثقافة الشعبية بأطروحات علمية، تستلهم الموروث الشعبي القديم". وذكر الضامر أن محاضرته تركز على تحول الفن الشعبي "المحلي" الأصيل إلى هامش، موضحاً أن الهامش هنا هو الإنسان، وهو الأصل والمتن، وهو صانع الحياة وثقافتها وحضارتها، إلا أن ظروف الحياة، حولت هذا الإنسان من "متن" إلى "هامش"، وبالأخص الفنان الشعبي في الأحساء، مبيناً أنه فرغ أخيراً من كتاب "البشتخته" في 400 صفحة، ويتحدث عن مرحلة جيل التأسيس في الفن الشعبي في الأحساء خلال 100 عام في الفترة الزمنية 1880م- 1980م، وهي فترة زاخرة بالأسماء والفنون والشعر والطقوس والألعاب والعادات الاجتماعية "رجالاً ونساءً، لافتا إلى أن السرد التاريخي للأحساء بحاجة إلى موسوعات متعددة، إذ إن العمق التاريخي للأحساء يمتد لأكثر من خمسة آلاف عام، مؤكداً أن أبرز الفنون الحساوية "القديمة" هو فن السامري الحساوي. وأبان الضامر أن التهميش طال أعداداً كبيرة من رموز الفنون الأحسائية، رغم أنهم كانوا صناع الثقافة في الأصل للتاريخ الشعبي، كما أن المرأة كانت الأكثر تهميشا حيث كان المجتمع المحلي يتنحى عن إعلان اسم مبدعة أو فنانة في المنطقة. ولفت الضامر الى أن الفنون الشعبية لم تكن في يوم من الايام محرضة على الأديان أو الإنسان، بل كان لفظ الجلالة ركيزة أساسية لمنطلقات تلك الفنون الشعبية، فكانوا يبدؤون بذكره عز وجل في الشعر وفنون الغوص والزراعة والبر، ويجعلون منه سبحانه وتعالى منطلقاً لبث الشكوى والتظلم ضد المصائب. وذكر أن عودة الهامش إلى متنه لن يتم إلا من خلال مشروع عملي وليس عاطفيا، أضعفها الكتابة والتدوين، مع الحاجة الماسة لان تقوم وزارتا الثقافة والإعلام والتعليم باسترداد منظومة التراث الشعبي لتكون ضمن حياتنا اليوم، وإعادة القيمة الحقيقية للإرث الإنساني واستكمال التراث غير المادي "الشفهي"، الذي يحتاج إلى كتب ودورات متخصصة، للحاق بالعالم الذي يفخر بما لديه من موروثات. وشهدت الأمسية تقديم فواصل غنائية لثلاث أغان شعبية للمطرب الشعبي "عيسى علي الأحسائي" من تأليف محمد سعد الجنوبي، وعلي القحطاني، قام بأدائها حسين داغر ومجموعة من الموسيقيين الشباب. جانب من الحضور