في الوقت الذي أشاد فيه البيان الختامي للدورة الخامسة والثلاثين بعد المائة بنتائج اللقاء التشاوري الخامس عشر بين أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس المنعقد في الرياض في الخامس من مايو الفائت وما أكد عليه القادة من دعم التعاون والتكامل بين دول المجلس في شتى مجالات التعاون والتكامل، في نفس الوقت فإن وزراء خارجية دول المجلس في بيانهم ذاته أكدوا على قدرة الدول الخليجية على حماية مصالحها الاستراتيجية. وهذه الحماية المنشودة تتضح بجلاء من خلال عدة قرارات اتخذها قادة دول مجلس التعاون الخليجي كان على رأسها انشاء قوة درع الجزيرة، واشتراك دول المجلس في التحالف مع المملكة ضد الحوثيين وقوات صالح دعما للقرار الأممي القاضي بعودة الشرعية لليمن وانسحاب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها، وهو تعاون يترجم أهمية الصوت الخليجي الواحد والتحام ارادة مجلس التعاون الواحدة. ويتضح من تضاعيف ما جاء في البيان الختامي أن الرؤى واحدة فيما يتعلق بكافة المصالح الخليجية التي يسعى القادة لتحقيقها على أرض الواقع، وقد تحقق منها الكثير، وقد أدان البيان ماتعرضت له المدن الحدودية بالمملكة من عدوان الميليشيات الحوثية وقوات صالح وأشاد بكفاءة القوات السعودية وقدرتها الفائقة على صد تلك الاعتداءات دفاعا عن أمن المملكة واستقرارها وحماية مواطنيها. وقد تجلى الصوت الخليجي الواحد من خلال ماتمخض عنه البيان من تسليط الضوء على جملة من القضايا السياسية والاقليمية والدولية، وأهمية تعزيز قدرات الدول الأعضاء كالموافقة الضمنية على انضمام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وتكليف الأمانة العامة باستكمال ما يلزم حيال هذا الانضمام، وهذه خطوة حيوية ترمي الى مكافحة ظاهرة الفساد الاداري بشكل جماعي دولي لا اقليمي. من جانب آخر فقد جدد البيان الختامي على مكافحة ظاهرة الارهاب بكل أشكالها وألوانها ومسمياتها وأهدافها الخبيثة، مهما كانت دوافعها ومبرراتها وأيا كان مصدرها، فالدول الخليجية مصممة منذ زمن بعيد على تجفيف منابع الارهاب وتجفيف مصادر تمويله، وتقليم أظافر الارهابيين أينما وجدوا، والعمل بشكل جماعي على محاربة الأفكار المنحرفة المسببة لكل الاعمال الارهابية الممقوتة. ولا شك أن من أهم الخطوات المبذولة من قبل دول المجلس تلك المتعلقة بنشر عوامل التسامح والتعايش ونبذ الكراهية والطائفية ليس داخل دول المجلس فحسب بل بين كافة الأمم والشعوب لأنها تمثل الدوافع الحقيقية لاشاعة الارهاب وانتشاره، وقد وقفت دول المجلس بعزم وحزم لمواجهة التهديدات الارهابية ايمانا من قادتها بخطورة التهديدات التي من شأنها زعزعة استقرار وأمن دول المنطقة. وقد أدان البيان ماتعرضت له المملكة مؤخرا في كل من بلدة القديح بالقطيف ومسجد الحسين بحي العنود بالدمام وهما عملان اجراميان حاولت العصابات الارهابية من خلالهما المساس بأمن المملكة والمساس بالوحدة الوطنية المتغلغلة في نفوس وعقول وقلوب أبنا المملكة، وقد أبلت القوات الأمنية بلاء حسنا في كشف العمليتين بالسرعة المتوخاة كما هو الحال في كافة العمليات الارهابية السابقة التي تعرضت لها المملكة. ولا شك أن العمليتين الارهابيتين وما سبقهما من عمليات شريرة أرادت بها التنظيمات الارهابية التأثير على تماسك الشعب السعودي والتفافه حول قيادته الرشيدة، وحفاظه على وحدته الوطنية الثابتة، غير أن أحلام أولئك الارهابيين ذهبت أدراج الرياح من خلال التصدي لعملياتهم الارهابية وكشف مستورها والأيدي العابثة التي تقف خلفها وتمدها بالدعم لمواصلة ارهابها ضد المملكة. من جانب آخر فقد أكد البيان على الثوابت الواضحة تجاه مختلف القضايا العربية الملحة كإدانته لاحتلال ايران للجزر الاماراتية الثلاث وما يحدث على الأراضي السورية من تدهور أمني فظيع والتأكيد على تحقيق السلام الشامل والدائم في فلسطين وايقاف عدوان المليشيات الحوثية وقوات صالح على أبناء اليمن المنادين بعودة الشرعية الى بلادهم كأسلوب أمثل لإنقاذهم من أوضاعهم المأساوية الحالية.