أنا وزوجي متحابان، وهو متدين، بل يدرِّس الدين، إذا تعرض لمهاتفة نسائية فإنه ينسى نفسه، ويحدثها من قلبه، وهن يتصلن بحجة الفتوى أو الاستشارة، وهو يجيبهن بحجة أنه لا يريد أن يكتم العلم، وعندما تسمع المرأة طريقته في جوابه تطمع به، وأما النساء غير المتدينات فإنهن يتمادين كثيراً، فزوجي حينها لا يقاوم ويطلبهن للزواج، ثم يكتشف أنهن أردنه ستاراً لأعمالهن الخبيثة، وبدأت حياتي تتدهور بسببهن، لدرجة أنهن يرسلن له رسائل فاضحة، ويطلبن منه المقابلة غير الشرعية وغيرها كثير، وكلما كلمته يقول أنا أفتي فقط، ولا يرى من نفسه أنه يتلطف معهن كثيراً جداً، وقد طُلِقتُ طلقة بسببهن، ولا أعرف ماذا أصنع معه، وكل من حولي يقول اتركيه كي يخرج ما بنفسه، وعندما أتركه يتمادى أكثر؛ لأنه يظن أنني لم أكتشف شيئاً جديداً، فيأخذ راحته. أفيدوني. الجواب أولاً: أعانك الله على هذه المعاناة، وأسأل الله العلي القدير أن يجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية، ولا شك أن هذا الأمر الذي ذكرته أمر صعب وخاصة للمرأة بل ومقلق لكل امرأة، ومن هنا وقبل الدخول في صلب الموضوع أود أن أذكرك بالآتي: تذكري قول الحق تبارك وتعالى: «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة».... الآية. وقوله تعالى مخاطباً نبيه: «واصبر وما صبرك إلا بالله» وقوله: «ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور». وغيرها من الآيات التي تحث على الصبر. اعلمي أن كل شيء بدأ له نهاية. وأن مع العسر يسرا كما ذكر الله. وأن المؤمن يبتلى على قدر إيمانه. ثانياً: تهذيب الغيرة، وأن تكون لله وحده لا شريك له، وأن تكون غيرتك لمحارم الله وغيرة على زوجك وأختك المسلمة أن تقع فيما حرم الله، وأن لا تكون غيرة لأجل أن لا تقع عينه أو تسمع أذنه أحسن منك، ومتى كانت النية خالصة وصافية فسيوفقك الله. ثالثاً: استبعد أن يحصل ذلك، وليس استبعادي لذلك تكذيبا لكن وُجِدت حالات كثيرة من هذا النوع كان سببها لهيب الغيرة، ومن المعلوم أن الغيرة والعاطفة لابد من ربطهما بالعقل والنقل، وإلا تحول الأمر إلى الفراق والانتصار للنفس... رابعاً: حلي مشكلتك مع زوجك بالحوار الهادئ والنقاش الهادف، والحوار له أركان وشروط وأساليب، لذلك افتحي الحوار معه مع الحذر من أن تحرق لهيب الغيرة روح التفاهم بينك وبين زوجك، وذلك على النحو التالي: حددي الهدف، وليكن الهدف واضحاً، لا بد من وضع نقطة اتفاق، واختيار الوقت المناسب للحوار، وابتعدي عن الغضب ورفع الصوت وإلا سيكون جدلا، وابدئي بنقاط الاتفاق، وليكن لكما حكم ومرجع ترجعان إليه في حالة الاختلاف، وأعطِي المقابل فرصة الكلام، واحذري المقاطعة، واذكري إيجابياته، واقبلي الحق واحذري رده، وابتعدي عن الانتصار للنفس، ولتكن الابتسامة عنوان الحوار، وازرعي الثقة واحذري نزعها. لا يكن الهدف الانتصار للنفس، وإنما الوصول لحل المشكلة. وبقدر ما يكون الثوب ناصع البياض تكون بقعة الأوساخ أكثر وضوحاً. وكلنا كالقمر لنا جانب مظلم، ويجب أن يكون لدينا مقبرة جاهزة لندفن بها أخطاء من نحب. فالمرأة نوعان: تلك التي تصنع للرجل بيتاً، والتي تصنع للبيت رجلا، وهذه الأعظم. وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجمع كلمتكما، ويوفقكما لما يحبه ويرضاه، وأن يعيذنا وإياكما من القواطع والموانع.