يرى أكاديميون ومثقفون أن الإعلام وأساليبه الحديثة والمتطورة تعد أحد الأسلحة الهائلة والقوية ضد المخدرات على الجانبين الوقائي والعلاجي. وأشاروا خلال حديثهم ل «اليوم» ضمن الملف الشهري العاشر «خطر المخدرات.. ليس الإرهاب وحده يخطف شبابنا»، إلى أن دور وسائل الإعلام في مكافحة المخدرات يجب أن يتطور كما تطورت أساليب مروجي هذه الآفة المدمرة. وشددوا على أن دور الإعلام مهم في التصدي للمخدرات، مشيرين إلى أنه يكمن في كشف العوامل التي تؤدي للإدمان كالفقر والبطالة والاضطرابات المجتمعية والاجتماعية، والمطامع الخارجية وغيرها من العوامل التي يمكن أن تساعد على غزو المخدرات لنا، مع تسليط الضوء على تأثيراتها، أسبابها والسبل التي تساعد على حلها والتي بدورها تقود المجتمع إلى برِّ الأمان. وقالت إيمان عبدالله العقيل الكاتبة الاجتماعية ومستشار حوار أسري «لا شك أن المخدرات آفة تنتشر بسرعة النار في الهشيم بين الأجيال الشابة، وإذا لم يتم القضاء عليها والحد من انتشارها فسنفقد اللبنة الأساسية لبناء الأوطان، وقبل أن نحكم عليها بأنها ظاهرة وجب علينا جميعا الاهتمام بها كمشكلة خطيرة يجب دراستها من جميع الجوانب وقياس مدى تفاقمها وطرح الحلول المناسبة لها». وتستطرد العقيل بقولها: أولا نحتاج إلى تفعيل القوانين التي تجرم المتاجرين والمروجين والمتعاطين، والمتتبع لجهود رجال الأمن في ذلك يلحظ سرعة ضبط المهربين وإلقاء القبض على الجناة ومحاسبتهم. أما على صعيد المتعاطين فيجب علينا الاهتمام بعلاجهم وإعادة تأهيلهم للحياة الاجتماعية وتذليل العقبات التي تواجههم ليعودوا مواطنين صالحين، كما أن الحاجة ماسة إلى مناشط وبرامج احتواء للشباب تنمي مهاراتهم وتوجه طاقاتهم نحو العمل والإنتاج، ولا ندعهم عرضة للفراغ والضياع. ولا نغفل دور التعليم والمدارس وما تحويه من مواد ثقافية وبرامج توعوية، في توجيه وحماية الشباب من الانزلاق في هوة التعاطي وما بعدها. وأضافت: أما الدور الأعظم فهو دور الأسرة التي يقع على عاتقها مسؤولية حماية ورعاية النشء من الوقوع في مستنقع المخدرات، فالتربية بالقدوة وتعزيز السلوكيات الإيجابية وغرس القيم الإسلامية وانتهاج أسلوب الحوار في التربية وحفظ الجيل بعون الله من الوقوع في براثن هذه الآفة. وبينت العقيل: من يمتلك الاعلام يهيمن على العالم، فالإنسان يقضي 70% من حياته في الاتصال متنقلا بين وسائل الاعلام المختلفة. وزادت: تكتسب وسائل الاعلام أهميتها في تنمية الوعي لدى الجماهير، حيث يظهر دور الاعلام على صعيدين: الوقائي والعلاجي (الوقائي نشر الوعي المعرفي والثقافي بين الجمهور. العلاجي تقديم المساعدة والتخفيف منها) فالإعلام يلعب دورا إيجابيا في خلق الإحساس لدى الجماهير بما يدور حولهم في هذا العالم وزيادة قدرتهم على التقمص الوجداني، أي أن الفرد تخيل نفسه في ظروف الآخرين. ومن ثم فإن التجارب غير المباشرة التي تقدمها وسائل الإعلام عن ما يجري من أحداث أو حتى الأعمال الفنية (كالمسلسلات والدراما ) من تجارب واقعية أو غير واقعية يمكن أن تثير الانتباه لدى الأفراد وتحفزهم إلى التفكير في إمكان تكرار تلك التجارب، وهذا يوضح الإمكانيات الهائلة لوسائل الإعلام في التوعية الأمنية سواء كان ذلك بشكل مباشر من خلال عرض ما يجري من أحداث وتفسيره والتعليق عليه، أو بشكل غير مباشر من خلال الأعمال الدرامية التي تستهدف تقديم الخبرات والتجارب إلى أفراد المجتمع وتجسيدها في صور تكاد تكون واقعية لتسهيل عمليتي التخيل والتذكر عندهم، فالدراما تجسد المعاني والسلوكيات والأخطار في مواقف يسهل استيعابها وتذكرها ومحاكاتها وتبنيها بشكل كامل في نهاية الأمر، بشرط أن تكون المعالجة جيدة نصاً وأداءً، وضوحاً وتشويقاً. فالدراسات تشير إلى أن الوسائل البصرية تمتاز بقدرتها الفائقة على الاستهواء بالنسبة للأطفال والمراهقين ويستطيع التلفزيون الاسهام في توعية الناس بالمستويات المطلوبة من السلوك وإقناعهم بها. إلى ذلك، أكد المخرج المسرحي معاذ الخميس أن دور وسائل الإعلام في مكافحة المخدرات يجب أن يتطور كما تطورت أساليب مروجي هذه الآفة المدمرة، مضيفا: ليس معقولا أن نواصل العمل بنفس الأساليب القديمة التي ثبت عدم جدواها وملها الناس وانصرفوا عنها، لقد شهدت وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة ثورة حقيقية وحققت قفزات هائلة وغير مسبوقة في الأعوام القليلة الماضية، فقد نشأ ما يسمى بالإعلام الجديد الذي يقوم على التفاعلية وعلى إشراك الناس في العملية الاتصالية، كما أن أساليب نشر وسائل التوعية ضد المخدرات يجب أن تتطور هي الأخرى، فلم يعد مقبولا ولا مقنعا أن تلجأ وسائل الإعلام إلى الرسائل الساذجة والمباشرة التي تدعو لعدم تعاطي المخدرات وتنطلق من موقع الأستذة والإرشاد لتحذر الشباب من مخاطرها. بدوره، قال صالح المعيوف المشرف التربوي بإدارة التوجيه والإرشاد بتعليم الأحساء: في الوقت الراهن نجد أن وسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا وفعالا مع مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تحاكي المجتمع، فتعاطي المخدرات بجميع أنواعها سلوك يتنافى مع القيم والمبادئ الاجتماعية، ومرفوض في معظم القوانين العالمية وذلك لأثره السلبي على الفرد والمجتمع. فغالبا ما يبدأ تعاطي المخدرات في سن 15-17 سنة، وهو العمر الخطر الذي يحتاج للعناية النفسية والجسمية بدلاً من تدميره بهذه الآفة. وتابع: يجب على وسائل الإعلام لفت انتباه المجتمع وأفراده بأساليب إيحائية وتقديم صورة واضحة للواقع المعاش، من خلال استغلال الإمكانات الفنية والتقنية والكوادر البشرية المؤهلة للاستخدام الأمثل في كتابة المقالات والتحقيقات الصحفية وإنتاج البرامج الوثائقية والدرامية، وعرض المسرحيات الهادفة، ونقل الندوات والمؤتمرات العلمية ذات الصلة بهذه الظاهرة، وفتح حوارات مع متناولي المخدرات لاستعراض تجاربهم في كيفية بدء الانجراف في هذا المستنقع والاستغلال السيئ للمدمنين، كما يمكن الاستفادة من الأطباء والباحثين في إرشاد وتعزيز وعي أفراد المجتمع بأهمية تجنبها، وإيجاد حلول عاجلة لحماية الأسرة والمجتمع. وتقول الإعلامية غادة البشر: لا شك أن الإعلام وسيلة فاعلة في التأثير بكل مجالات الحياة على اتجاهات وسلوك الأفراد على مختلف مستوياتهم الثقافية ومراحلهم العمرية، ولا سيما الشباب وصغار السن وهم الأكثر استهدافاً للإدمان، والإعلام في عصرنا هذا سلاح ذو حدين، وبقدر ما نحسن استخدامه وتوجيهه نحصد النتائج المرجوة منه، فالإعلام غير المدروس، يشكّل خطراً كبيراً على المشكلة التي يسعى إلى معالجتها، إذ قد تقود بعض الجهود الإعلامية غير المدروسة إلى إلقاء الضوء على مشكلة الإدمان على المخدرات أو غيرها من مشاكل المجتمع، وتقود إلى تعقيد هذه المشكلة، وربما إلى تفاقمها، بدلا من حلها، وللأسف معظم البرامج الإعلامية التي تتناول مشكلة خطيرة كالمخدرات، لا يجرى لها التقييم العلمي المناسب الذي يشمل تحليل نتائج هذه البرامج الإعلامية، وكيف أثّرت في الفئة المستهدفة منها. وأضافت البشر: ولتعزيز دور الإعلام ليصبح إعلاماً تنموياً فاعلاً، لابد من تعزيز التدريب والتأهيل اللازمين للعاملين، ليكون إعلاماً متخصّصاً مرتكزاً على قواعد علمية ثابتة، ولابد أيضا أن يكون جزءاً لا يتجزأ من حلقة الجهات التي تتصدى إلى المشكلة أو القضية التي يعاني منها مجتمع ما، بحيث تجعل تلك الجهات للإعلام مقعده الدائم، بحيث لا يكون منفذا فقط بل يسهم في صياغة الخطة الوطنية الشاملة لمكافحة المخدرات، ذات الأهداف المحددة الواضحة التي تعتمد قواعد معلوماتية خاصّة بالموارد والأنشطة المتاحة. وأعتقد أن دور الإعلام المهم في التصدي للمخدرات يكمن في كشف العوامل التي تؤدي للإدمان كالفقر والبطالة والاضطرابات المجتمعية والاجتماعية، والمطامع الخارجية، وغيرها من العوامل التي يمكن أن تساعد على غزو المخدرات لنا، مع تسليط الضوء على تأثيراتها، وأسبابها، والسبل التي تساعد على حلها والتي بدورها تقود المجتمع إلى برِّ الأمان. وبيّنت البشر: لا شك أن الشبكات المعلوماتية العالمية التي تنتشر على كل رقعة من وطننا العربي ضاعفت من مهمّة الإعلام، نظرا لما قد تنشره بعض الجهات المعادية من مواد إعلامية تهدف إلى الترويج بشكل مباشر أو غير مباشر للمخدّرات، أو إلى ما يضعف من البنيان الاجتماعي والثقافي للمجتمع العربي، وهذا ما يجب رصده، والتصدّي له وتدريب العاملين في أجهزة الإعلام، وتزويدهم بالتقنية الحديثة المتطورة من أجل حماية وسلامة الإنسان على امتداد الوطن العربي، وأقول الوطن العربي لأننا لاحظنا من الأحداث التي مر بها هذا الوطن الكبير السنوات الأخيرة أننا بالفعل جسد واحد، وما يحدث بأي عضو فيه تتأثر به باقي الأعضاء فانتقال العدوى سهل. وتستطرد البشر: وأحب أن أنوّه إلى أنه مع ظهور المخدرات الرقمية، وتغلغل الإنترنت في حياة الشباب الذين يعيشون في العالم الافتراضي ويرتبطون به أكثر من واقعهم المحيط، أعتقد أن مسئولية الإعلام أصبحت مضاعفة، ويمكننا من خلال استثمار الإنترنت نفسه إثبات دور الإعلام كأداة من أدوات التعليم والتثقيف والعلاج الصحي والاجتماعي، بل والتوجيه السياسي والاقتصادي والنفسي، وغير ذلك لكافة فئات المجتمع. وتقول الإعلامية عايدة صالح: الإعلام بشكل عام سلاح قوي تلجأ إليه الدول في محاربة الآفات ومشاكل العصر، لم نعد نحتاج لغطاء ندسّ فيه مشكلات عصرنا ونحجمها ونصرخ أمام كل من يطالبنا بالتوعية بأنها ليست ظاهرة. وتضيف عايدة: الخطر يهدد الصغير والكبير ويحتاج منا وقفة صارمة ودورا توعويا تثقيفيا نواجه به الخطر، بداية من التعريف به ونشر حتى صور بعض أنواع المخدرات، ومن ثم نكشف أساليب المجرمين المسوقين لها وأهدافهم التي تتخطى المادية، إلى هدم مجتمع كامل مستهدف من أعداء يحيطون بنا من كل جانب. وأضافت عايدة: لم يعد هناك ما ندسه بالتراب ونهرب من مواجهته، بل يجب على الإعلام أن يظهر الجهود العظيمة التي تقدمها الدولة مع جهات كبرى لمحاربة الداء، ويجب إبراز الجهود لمكافحته وبيان ضرره. وكلنا يذكر قول الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله-: إن المخدرات أشد فتكا من الزلازل والفيضانات. إلى ذلك، تقول تهاني البنعلي: من وجهة نظري أن نحصن أبناءنا من المخدرات بتقوية الوازع الديني لديهم، وتعزيز الثقة بالنفس؛ لأنها إذا ضعفت أودت بهم إلى التهلكة وتربيتهم التربية السليمة بعيدا عن العنف الأسري، والحوار معهم باستمرار، فلا ندع بذلك مجالا لأصدقاء السوء أو غيرهم لاستدراجهم للمخدرات أو غيرها مما لا يرضاه الله عز وجل. وتضيف البنعلي: أما عن دور الإعلام الجديد فإنه يحتاج للكثير من التخطيط للبرامج المنظمة التوعوية خصوصا للشباب والفتيات، لخطورة هذه المخدرات سواء على الفرد نفسه أو على مجتمعه. وتشاركها في الرأي جواء الشمري بقولها: نحصنهم بالإيمان بالله، وحب الوطن، وبالتوعية الجيدة، وبخلق علاقة قوية بين الشباب والأسرة، وبالمتابعة المستمرة بأنهم هم المستقبل وعماد الوطن. فالإعلام له دور مهم في نشر التوعية بمخاطر هذه الآفة والتعريف بأثر المخدرات على العقل والجسم، وهي سبب في تدمير المجتمع، فمع هذا التطور في وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت التوعية تصل للكل، لذلك يجب أن نعمل بشكل مكثّف على أن نكون مجتمعا واعيا مثقفا نخدم شباب وطننا في التخلص، والبعد والحد من انتشار هذا البلاء العظيم. وأوضح مروان الدحيلان -تربوي بدرجة ماجستير، توجيه وإرشاد نفسي-، أن المخدرات من المشكلات التي أصبحت في الآونة الأخيرة تؤرق صانعي السياسة ومتخذي القرار في العالم، إلى جانب تهديدها الأسر لما لها من آثار سلبية اجتماعية ونفسية واقتصادية وصحية، وإن الدور التوعوي الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام، يعد عاملا مهما في لفت انتباه المجتمع إلى خطورة قضية تعاطي المخدرات والوقاية منها، ويجب أن يتطور كما تطورت أساليب مروّجي هذه الآفة المدمرة، فليس معقولا أن نواصل العمل بنفس الأساليب القديمة التي ثبت عدم جدواها وملّها الناس وانصرفوا عنها. ومن الضرورة تدخّل مبادرات التوعية والوقاية من المخدرات بجوانبها التعليمية، والتربوية، والإعلامية جنبا إلى جنب، للاقتراب من مشاكل وهموم الشباب والمجتمع بصفة عامة، بتوجيه خطاب إعلامي، وفق معطيات العصر وتطوير أدواته الإعلامية، لتلمس قضاياهم واهتماماتهم، وتأسيس هوية ثقافية، ومبادئ وطنية، وسلوك إنساني سليم، برسالة إعلامية مبتكرة تواكب العصر، وبلغة سهلة الوصول والفهم إلى الجميع. وأضاف الدحيلان: إن الحقيقة التي يجب التوقف عندها هي أن وسائل الإعلام قد تنوعت وتعددت وازداد أثرها في السنوات الأخيرة، وأي حديث عن أثر وسائل الإعلام في مكافحة المخدرات لا يشمل هذه الوسائل الجديدة سيظل قاصرا ومنقوصا وعديم الجدوى. ويجب أن توجه رسائل التوعية من أخطار المخدرات لجميع أفراد المجتمع لبناء نظام اجتماعي متكامل مدرك لأخطار المخدرات وموحد ضد شرورها. ومن الضرورة بمكان أن تدرك وسائل الإعلام أنها شريك في هذا الجهد الوطني، وأن عليها مسؤولية كبيرة في التصدي لهذا الخطر بوعي وإدراك كاملين. وأشار الدكتور فلاح الدهمشي الأستاذ المساعد بقسم الإعلام «إذاعة وتلفزيون» بجامعة الملك فيصل، إلى أن المخدرات آفة تنخر الأجساد والمجتمعات وللإعلام الجديد والشبكات المعلوماتية دور أساسي في الحد من هذه الظاهرة وذلك من خلال بناء استراتيجيات وبث مضامين اتصالية توعوية ناجعة تبين مخاطر هذه الآفة وانعكاساتها السلبية، ولضمان نجاح هذا المجهود الإعلامي التوعوي وجب حسن اختيار توقيت بث المضامين والوسائل الأكثر مشاهدة. وأضاف الدكتور الدهمشي إنه يجب بناء استراتيجيات توعوية مدروسة، واختيار أوقات البث بطريقة علمية، وإنتاج مضامين اتصالية مأخوذة من الواقع تمس المتلقي بطريقة مباشرة، وضرورة تكثيف الحملات التوعوية حتي لا تكون فقط في المناسبات ودون جدوى، مع ضرورة اختيار الكوادر المميزة للقيام بالحملة التوعوية، وقياس مدى تقبل الجمهور لهذه الحملات والاستفادة منها في الحملات القادمة. وشدد المحاضر بقسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك فيصل مهند العالم على ضرورة وجود شراكة بين وسائل الإعلام المختلفة والمجتمع سواء الحديثة أم التقليدية مع الأجهزة الرسمية الحكومية من أجل تحصين المجتمع ومساعدة النشء منذ الصغر وتفهم المحرضات عبر مشاهدتها عبر وسائل الإعلام بشتى مجالاته. وحذر العالم من خطورة مشاهدة النشء أو المراهق مشاهد في التلفزة أو مقاطع اليوتيوب المنتشرة كجلب السعادة أثناء شرب الخمر أو التدخين أو تناول المخدرات لما لها من دوافع سلبية على هذا المراهق، وبهذا أصبح الإعلام شريكاً للانحراف والانجراف نحو الهواية لا قدر الله. من جهتها، تقول سارة الخليفة: تعد مشكلة المخدرات من أكبر المشكلات التي تعانيها دول العالم وتسعى جاهدة لمحاربتها لما لها من أضرار جسيمة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ولم تعد هذه المشكلة قاصرة على نوع واحد من المخدرات أو على بلد معين أو طبقة محددة من المجتمع، بل شملت جميع الأنواع والطبقات. واستطردت: ولتحصين أبنائنا من المخدرات لابد من اتباع عدة برامج وقائية منها: التواصل وهو التحدث مع الأبناء حول أخطار تعاطي المخدرات وألا يدع الوالدان (حالة فراغ) في حياة أبنائهما بل يجب شغل أوقاتهم بالهوايات والأنشطة المفضلة لديهم. الاستماع الجيد عند تحدث الأبناء عن بعض أصدقائهم خاصة أصدقاء السوء (فالصاحب ساحب) عليهم للاستخدام الخاطئ للمخدرات، فلا بد أن يكون الوالدان صديقين لأبنائهما وأن يتبعا أسلوب الاقناع والاقتناع ودعم جهودهم لمقاومة ذلك، القدوة الحسنة يجب على الآباء والأمهات أن يتجنبوا إدمان المخدرات والكحول ليكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، حيث إن الأبناء الذين يكون آباؤهم من الذين يتعاطون المخدرات معرضون بشكل أكبر لخطر الإدمان. تقوية العلاقة القوية المستقرة بين الآباء وبين أبنائهم تقلل من أخطار استخدام الأبناء للمخدرات، وأن يحرصوا على تنشئتهم منذ نعومة أظفارهم على أداء الصلوات في أوقاتها، وحفظ آيات من القرآن الكريم لأنه (الانزيم) الفعال في كبسولة لقاح (التحصين). في السياق ذاته، أكد وليد البوسيف مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بجمعية البر بالأحساء أنه لم يعد دور وسائل الإعلام ذلك الدور الهامشي في تكوين المفاهيم لدى الشباب بل أصبح أهم دور يمكن أن يصحح الكثير من المفاهيم لدى الشباب، إذا علمنا حجم الساعات التي يمضيها أغلب الشباب على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتلقيهم جملة من الرسائل الإيجابية أو السلبية. إلا أننا عندما ندقق في هذه الرسائل نجد أننا لا نزال مجتمعات متلقية لهذه الرسائل ولسنا صانعين لها بالشكل الاحترافي المؤثر والذي يمكننا من صنع رسائل إيجابية جذابة ذات تأثير كبير على شبابنا ومتى ما تأملنا حجم وخطورة المخدرات على المجتمعات ستصغر في أعيننا هذه التحديات التي يجب أن نتخطاها كإعلاميين للوصول إلى التأثير المثمر والذي يصنع من شباب هذا الوطن نماذج يحتذى بها في خدمة وطنها والإنسانية جمعاء. وقال الأديب والإعلامي عبداللطيف الوحيمد، إن تحصين النشء من تعاطي المخدرات مرهون بالتربية بعد هداية الله، فالتربية مهمة للغاية حيث تتشكل ملامح شخصية الفرد حسب ما يتلقاه من تربية من قبل والديه ويكتمل مركبها الاجتماعي من قبل المحيطين به من زملاء وأصدقاء فلابد للوالدين أن يلعبا الدور الكبير في مراقبة ابنهما والتأكد من سلامة سلوك أقرانه وتوجهاتهم النفسية والسلوكية فمن مظاهرهم تُعرف جواهرهم ولابد للوالدين من إبداء النصح لابنهما وتحذيره من رفقاء السوء ومن شرب الدخان الذي يشكل بوابة الدخول إلى عالم المخدرات فكل من تعاطى المخدرات بدأ بالتدخين ومنه انطلق للمخدرات والمسكرات فهو البداية الخطيرة التي يجب عدم التهاون فيها والتقليل من خطورتها حيث تكسبه الجرأة على ما هو أخطر وأبشع وأشنع منها، ولابد كذلك من حرص الأب على اصطحاب ابنه للمجالس العامة التي يجتمع فيها الأخيار والصالحون ليتعلم منهم الأخلاق والقيم والآداب والمبادئ الحميدة مع استغلال كل اجتماع به لتقديم الوعظ والنصح والأمثلة على السلوك السيئ، وكذلك اصطحابه عندما يبلغ سن المراهقة إلى معارض التوعية بأضرار المخدرات ليكتسب العبرة والموعظة والتوعية. ولفت إلى أن وسائل الإعلام لها دور كبير هي الأخرى، حيث يمكن أن تربيه أو تفسده ومن الضروري بمكان أن يوجه الشاب للقنوات الإعلامية البناءة التي تبني شخصيته وتقوّي إيمانه وترسخ القيم والأخلاق في نفسه، وعلى وسائل الإعلام تقع مسئولية بث الوعي بين الشباب وتحذيرهم من مغبة التورط في تعاطي المخدرات وتبيان آثارها الوخيمة على صحتهم النفسية والجسدية والسلوكية وعلى مستقبلهم الدراسي والاجتماعي والعمل بكل طاقاتها على القضاء على هذه الظاهرة المقيتة بالتعاون مع المختصين والتربويين والعلماء والمفكرين. من ناحيتها، تقول الطالبة رانيا عبدالحميد: يقع العاتق الأول والأخير على أولياء الأمور في تحصين أبنائهم ضد تيار المخدرات التي يحاول مروجوها بثها بين الشباب والشابات سواء عن طريق أصدقاء السوء أو عن طريق بعض وسائل الإعلام التي تبث برامج تؤدي إلى الإدمان والتجربة والسير في خط البحث والمغامرة ثم الوصول للتهلكة خصوصاً إذا غاب الوعي التام لمخاطر تلك المخدرات التي توزع بالخفية. وتشاركها الرأي الطالبة جوان العبد الله بقولها: كثيرا ما نسمع ونرى إعلاماً يتحدث عن مخاطر الوقوع في شباك المخدرات سواء عن طريق أصدقاء السوء أو البرامج الخبيثة التي تدس السم في العسل، لذا يجب على أولياء الأمور والإعلام المرئي والمقروء توعية الشباب والشابات بصورة مكثفة عن مخاطرها والسلبيات المترتبة عليها من التفكك الأسري، ضعف الوازع الديني، الدمار والتهلكة وغيرها الكثير. وأشار الطالب بقسم الاتصال والإعلام ماجد البوجابر، الى أن آفة المخدرات آفة سامة إذا دخلت في جسم المجتمع أهلكته ودمرت شبابه وسواعده الفتية، فهي أحد أخطر الأمور التي تعاني منها بعض دول العالم وذلك بانتشار هذه المادة السامة، وأرى أن هناك وسائل وإجراءات كثيرة ومتعددة لحماية المجتمع من هذا السم القاتل الفتاك لعلي استعرض بعضاً منها والتي تتمثل في نشر كل ما يتعلق بهذه السموم على جميع المواقع الإعلانية والتي أصبح لها رواج كبير بين الناس والتبيين لهم أن هذا الأمر هو أحد من سيلقيك أرضاً يوماً ما بسبب شدة ما سيتعرض له مستخدمه عطفاً على التوعية الدينية التي لابد أن تكون حاضرة بين تارة وأخرى؛ لإظهار هذا المنكر الكبير والذي ذكر الله سبحانه وتعالى أية جمع فيها كل المحظورات الخبيثة (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). وأضاف البوجابر إن دور المؤسسات التربوية التعليمية في حث ونصح صغار السن ومن هم في مرحلة المراهقة، فهؤلاء هم من يعول عليهم المجتمع بأكمله في بناء وإكمال ما قام به من سبقهم في العمر ومن بين بعض الإجراءات التي ينبغي على هذه المؤسسات العمل بها هي عقد المحاضرات التوعوية والدينية وورش العمل والدورات ومحاولة استقطاب أحد التائبين من هذه الآفة المشينة وذلك ليبين لهم ويقدم النصائح لهم فقد يكون ذلك له الأثر الكبير على البعض منهم. ويقاسمه الرأي طالب الاتصال والإعلام سليمان التيسان قائلا: تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً وفعالاً في الحد من ظاهرة انتشار المخدرات وتعاطيها، وذلك من خلال الرسالة الإعلامية التي تبثها إلى الجمهور من برامج واعية ومتطورة قابلة للتحديث ومرنة وصادقة لكي تحصل على أعلى درجات الإقناع بغية الوصول إلى المتلقي وتوليد الثقة عنده لتصبح برامج الوسيلة الإعلامية مقبولة، وبذلك تحقق الهدف المنشود من الرسالة الإعلامية، وتحتل وسائل الإعلام بكافة أشكالها المراكز الأولى والأساسية للتعرف والتفاعل مع مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تحاكي المجتمع ويتحمل الإعلام مسؤوليات كبيرة وأساسية في مستوى الوعي العام الذي يعيشه أي مجتمع دون استثناء. وعلقت الطالبة نسرين الخلف بقولها: مهم جدا أن تكون هناك توعية كبيرة للطلاب والطالبات خصوصاً أيام الاختبارات حيث يكثر فيها تداول تلك الآفة الخطيرة التي تهدم الكثير من البيوت، وأضافت نسرين: أتمنى من الإعلام أن يكثف دوره في التحذير من هذه الآفة الخبيثة التي تسري في الجسد وتهدم الأخلاق وتفكك الأمم. وقالت الطالبة روان محمد: إن للإعلام دورا كبيرا وبارزا في الحد من انتشار هذه الآفة الخطيرة، لذا يجب عليها التوعية التامة بها للطلاب والطالبات وبث ما يمكن بها من قطع انتشاره. طرق الإخفاء والتمويه لا تنطلي على رجال الأمن المعارض التثقيفية إحدى طرق مكافحة المخدرات