الأسترالي ستيف اروين كان يسمى صائد التماسيح. كان أحد أشهر من قدم للجمهور حول العالم جمال الحياة البحرية والفطرية، كان يسمى بصائد التماسيح؛ بسبب قدرته العالية على التعامل مع هذه الحيوانات الزاحفة، التي لا تفرق بين صديق أو عدو، ولكنه في الواقع كان يهتم بكل ما له علاقة بالطبيعة وفي مقدمتها: ما يعيش في مياه الأنهار والمحيطات. وما قام به سلط الضوء على الحياة البحرية وعلى ضرورة أن يقوم الإنسان باحترامها. وكان يعطي دروسا مفيدة في كيفية تحاشي ضرر المخلوقات البحرية، ولكن وفي نهاية المطاف قتلته سمكة من نوع ستنج، كان يريد أن يقوم بتصويرها ليسلط الضوء على كيفية التعايش معها من خلال برنامج تلفزيوني لابنته. وبمعنى آخر فكما يقولون (خاف وما سلم). السيدة كوثر الأربش من القلائل في المملكة العربية السعودية التي كانت تؤمن بأشياء كثيرة، ومن خلالها اضطرت أحيانا للسباحة ضد التيار في أمور كثيرة، ولكن في نهاية المطاف كان هدفها نبيلا، وما تصبو إليه كان ايضاح الكثير من المفاهيم التي ممكن أن تقرب وجهات النظر بين الكثير من الناس، وكان أكثر كتاباتها وما تتحدث عنه منذ زمن هو تسليط الضوء على ما يمكن أن يؤدي له الاحتقان الطائفي أو عدم فهم الآخر، ولكن ما كانت تخشاه لم يحدث لإنسان بعيد، بل حدث لها. وبمعنى آخر (خافت وما سلمت). كوثر الأربش لم تكن فقط تحس أن هناك خطرا بسبب عدم الانفتاح على الآخر، بل كان شعورا خفيا، وفي يوم الجمعة أصبح ما كانت تحس به وتخاف منه حدثا. فقد فقدت ابنا وابن أخت، ففي حادث أليم وعمل إرهابي قذر استشهد محمد العيسى وعبدالجليل الأربش. ولكن الواقع هي ليست لوحدها من فقدت اثنين من أقربائها. فكل مواطن قد تم جرحه جرحا عميقا. ولكن بيت القصيد، هو أن ما حدث أصبح من الماضي، سواء أكان الماضي يوما أو سنة، ولكن يجب أن نعلم أن هناك أكثر من كوثر، فكل المواطنين من مختلف الطوائف يحبون هذا الوطن ويعشقون ترابه ويخافون على هذا الوطن من أياد جبانة تريد أن تزعزع الأمن. ولكن دائما وأبدا نرى أيادي كل مواطن يضع يده بيد الدولة؛ لحماية المجتمع من كل من تم غسل دماغه وتم تحريضه وتم إيهامه بأن الجنة أمامه، في الوقت الذي نهى ديننا الحنيف وحذر من إيذاء أخيه الإنسان. وكل ما يخطر ويتبادر إلى ذهن أي إنسان عاقل هو كيف يقوم أو يحاول من يطلق على نفسه إنسانا مسلما بتفجير مسجد به من يصلي وبه مئات النسخ من المصاحف. كيف يقوم إنسان بتفجير مسجد في أرض هي مهبط الوحي ومكان أطهر البقع التي يأتي لها المسلمين من جميع أنحاء العالم. فواضح أن الهدف ليس له علاقة بالدين. ولكن علمت الأيادي الغاشمة أن المملكة العربية السعودية حصن وسد منيع لكل مخرب، وقرروا أن يدخلوه من باب الطائفية، والتي في كل مرة يثبت المواطن بجميع شرائحه أنه يد واحدة وسيظل كذلك. وستضرب الدولة بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بلحمة ووحدة هذا الوطن. والآن لا وقت للمجاملة فيما يخص أمن الوطن والمواطن. * كاتب ومحلل سياسي